مطلع القرن العشرين، راود المخترع الصربي نيكولا تيسلا سحب كهرباء مجانية بلا حدود من الهواء المحيط بنا. وتماشياً مع طموحه الكبير، كان تيسلا يفكر على نطاق ضخم، وكان ينظر فعلياً إلى الأرض والغلاف الجوي العلوي باعتبارهما طرفي بطارية هائلة الحجم. للأسف، لم تتحقق أحلام تيسلا قط، ومع ذلك عاد حلم استخلاص الكهرباء من الهواء، اليوم، ليداعب خيال بعض الباحثين من جديد. أما الاختلاف الوحيد، فإنهم لا يفكرون على نطاق ضخم، وإنما على نطاق شديد الصغر، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

استخلاص الكهرباء من الهواء الرطب (شاترستوك)

وفي مايو (أيار)، نشر فريق من جامعة ماساتشوستس أمهيرست ورقة بحثية تعلن نجاحهم في توليد تيار كهربائي صغير، لكنْ مستمر، من الرطوبة الموجودة بالهواء. ومن المحتمل أن يثير هذا الادعاء دهشة البعض.

وعن ذلك، قال المؤلف الرئيسي للدراسة، البروفسور جون ياو: «كي أكون صريحاً معكم، كان الأمر محض صدفة. في واقع الأمر، كنا مهتمين بصنع جهاز استشعار بسيط للرطوبة في الهواء، لكن لسببٍ ما نسي الطالب القائم على العمل توصيل الطاقة بالجهاز».

وشعر أفراد فريق جامعة ماساتشوستس أمهيرست بالدهشة لدى رؤيتهم أن الجهاز، المصنوع من مجموعة من الأنابيب المجهرية، أو الأسلاك النانوية، بدأ ينتج إشارة كهربائية، رغم عدم اتصاله بمصدر طاقة.

ويُذكر أن قُطر كل سلك نانوي أقل من واحد في الألف من قُطر شعرة الإنسان، مما يعني أنه عريض بما يكفي للسماح لجزيء الماء المحمول جواً لأن يدخل، لكنه في الوقت ذاته ضيق للغاية بحيث يلتف داخل الأنبوب. وأدرك الفريق أن كل نتوءة أعطت المادة شحنة صغيرة، ومع زيادة وتيرة النتوءات، أصبح أحد طرفي الأنبوب مشحوناً بشكل مختلف عن الآخر.

في هذا الصدد، قال ياو: «إن الجهاز يشبه البطارية بالفعل، فلديك سحب إيجابي وآخر سلبي. وعندما تتولى توصيلهما، تتدفق شحنة كهربائية».

وفي إطار دراستهم الأخيرة، انتقل الفريق المعاون لياو من الأسلاك النانوية، وبدلاً عنه أخذوا يثقبون المواد بملايين الثقوب الصغيرة، أو المسامات النانوية. وبلغ حجم الجهاز الذي توصلوا إليه نهاية الأمر حجم ظفر الإبهام، وخمس عرض شعرة الإنسان، وهو قادر على توليد ما يقرب من واحد ميكروات ـ ما يكفي لإضاءة بكسل واحد عبر شاشة «ليد» ضخمة.

والآن، ما الذي يتطلبه الأمر لتشغيل بقية الشاشة، أو منزل كامل؟ عن ذلك، أجاب ياو: «الجميل أن الهواء موجود في كل مكان. ورغم أن شريحة رقيقة من الجهاز تولد كمية ضئيلة للغاية من الكهرباء أو الطاقة، فإنه يظل بمقدورنا من حيث المبدأ، تكديس طبقات متعددة في مساحة رأسية لزيادة الطاقة».

شاركها.
Exit mobile version