الرئيس أردوغان يخاطب الجماهير في تركيا.

الدوحة – قنا

حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في بلاده التي جرت اليوم بفوز واضح على منافسه كمال كليجدار أوغلو مرشح “تحالف الأمة”.

ووفق نتائج شبه نهائية فقد فاز الرئيس أردوغان بولاية جديدة مدتها 5 سنوات بعد حصوله على 52.87 بالمئة من أصوات الناخبين في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، بينما حصل منافسه كمال كليجدار أوغلو على 47.13 بالمئة، وذلك بعد فرز 99 بالمئة من الأصوات.

وأظهرت النتائج شبه النهائية للجولة الثانية من الانتخابات التركية، أن الناخبين الأتراك قد جددوا ثقتهم برئيسهم رجب طيب أردوغان وصوتوا لصالح الحفاظ على المكتسبات ومواصلة مسيرة التنمية، التي يمثلها أردوغان وحزبه حزب “العدالة والتنمية”.

وكانت الجولة الأولى من هذه الانتخابات قد جرت في الرابع عشر من مايو الحالي، لكنها لم تحسم مسألة الرئيس المقبل لعدم وصول أي من المرشحين إلى نسبة ( 50 بالمئة + واحد) المطلوبة للفوز مباشرة، الأمر الذي استلزم إجراء جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك للمرة الأولى في تركيا منذ نحو مئة عام.

وأدلى الناخبون الأتراك بأصواتهم عبر أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع في 973 قضاء في مختلف أنحاء تركيا، وعقدت الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في ظل حصول “تحالف الجمهور”، الحاكم على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، بحصوله على 323 مقعدا من أصل 600 محققا الأغلبية.

وقد دخل الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية الذي يقود تكتل التحالف الجمهوري، الانتخابات ممتلكا رصيدا كبيرا من الإنجازات التي حققها خلال 20 عاما قاد فيها تركيا، ففي 3 نوفمبر 2002، دخلت تركيا مرحلة جديدة من تاريخها مع فوز حزب العدالة والتنمية – الذي تأسس في 14 أغسطس 2001 – بالانتخابات ووصوله إلى قيادة البلاد بالأغلبية المطلقة بعد حصد 363 مقعدا من 550 ليبدأ مرحلة “صفر هزائم” بجميع الانتخابات البرلمانية التي خاضها منذ ذلك التاريخ.

فقد كشف الرئيس أردوغان في الآونة الأخيرة عن عدد كبير جدا من المشاريع للسنوات المقبلة، على رأسها استقلال الصناعات الدفاعية بشكل كامل، والتي بلغت نسبة إنجازها محليا خلال السنوات الأخيرة 80 بالمئة، كما وعد أردوغان الشعب التركي بأنه سيتم استخراج الغاز الطبيعي من البحر المتوسط والمناطق المتبقية في البحر الأسود، وقد تم في الأيام الأخيرة بالفعل اكتشاف كميات كبيرة من النفط تغطي نسبة 10 بالمئة من احتياجات البلاد تقريبا. كما أعلن الرئيس أردوغان مؤخرا عن كشف نفطي جديد بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ألف برميل يوميا بولاية “شرناق” جنوب شرقي تركيا.

وقال إن بلاده بعد الآن ستصبح دولة مصدرة للطاقة، وكان الرئيس التركي قد أعلن، في ديسمبر الماضي، عن اكتشاف حقل نفطي جديد في جنوب شرقي البلاد يتضمن احتياطيا يقدر بـ150 مليون برميل ذي جودة عالية، وتقدر قيمته بـ12 مليار دولار تقريبا، ووصف الحقل بأنه “واحد من بين أكبر 10 اكتشافات في العالم للخام في البر خلال 2022”.

كما حقق الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الكثير من الإنجازات خلال السنوات الماضية حيث تم إنشاء مستشفيات ومطارات وطرق من الدرجة الأولى، وكذلك قطار سريع، إضافة إلى خدمات الرعاية الصحية ودعم الطبقات الفقيرة.

كما عالجت حكومته ارتفاع الأسعار والتضخم برفع أجور الموظفين والعاملين والمتقاعدين، وكانت استجابة الرئيس أردوغان والحكومة لكارثة الزلزال الذي ضرب تركيا مؤخرا سريعة في إيجاد الحلول لهذه الأزمة الكبيرة، وبات الزلزال عاملا إيجابيا في كسب أصوات الناخبين فقد وعد الرئيس التركي ببناء 200 ألف منزل للمتضررين في 11 مدينة تركية تضررت من الزلزال، وبدأت حكومته قبل عيد الفطر بتسليم منازل لضحايا الزلزال في المناطق المتضررة ، الأمر الذي زاد من ثقة الشعب التركي برئيسه وحكومته.

كما شهد قطاع الدفاع وصناعة الطائرات التركي قفزة كبيرة خلال العقود الماضية، وأصبحت تركيا تملك إحدى أسرع صناعات الدفاع والطائرات المتطورة في العالم. وكشف الرئيس التركي النقاب عن أن بلاده نجحت بإخراج مقاتلة محلية متطورة إلى النور هي المقاتلة التركية الوطنية “قآن” ، كما كشف عن إنتاجات أخرى يتم العمل عليها في مجال الصناعات الدفاعية، كما أشار إلى أن بلاده وصلت مراحل مهمة بمشاريع أول طائرة مأهولة أسرع من الصوت “حر جت”، ومروحية الهجوم الثقيلة “أتاك-2” والمقاتلة المسيرة “عنقاء – 3”. ونهاية الشهر الماضي أعلن أردوغان أن الطائرة النفاثة المحلية “حر جت” أجرت أول تحليق لها بنجاح. وباتت تركيا تبرم صفقات بالفعل مع دول للبيع من إنتاجها الصناعي العسكري، ووصلت قيمة مبيعاتها من الصناعات الدفاعية إلى 4.4 مليار دولار عام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 6 مليارات خلال العام الحالي 2023.

 

وبحسب الأرقام التي سجلتها تركيا خلال الأعوام العشرين الماضية، فقد أخرج الرئيس أردوغان وفريق عمله تركيا من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي مرت بها قبل وصوله للحكم، إلى أن أصبحت قوة اقتصادية كبيرة ولها مكانها بين العشرين الكبار في العالم.

فقد شهدت السنوات الأولى تحت قيادة أردوغان السيطرة على التضخم المالي الذي عانت منه الحكومات التركية السابقة عقودا طويلة، وأعاد للعملة المحلية قوتها بإزالة 6 أصفار منها، بالإضافة إلى تخفيض نسبة الفوائد في مديونية الدولة، وزيادة الدخل الفردي، بالإضافة إلى إقامة مشاريع ضخمة وبناء المدارس والمساكن وتطوير الصناعات في مختلف المجالات، التي تقاس بها قوة الدول في الموازين العالمية.

ووفق الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالاقتصاد التركي خلال الفترة من 2002 إلى 2022 وفي الربع الأول من العام الجاري 2023 ، فإن هناك الكثير من النجاحات والإنجازات إجمالا، وقد تضاعفت قيمة الصادرات التركية فترة حكم “العدالة والتنمية” 7 مرات لتصل إلى 254.2 مليار دولار رغم الكثير من التحديات والتغيرات التي مر بها العالم.

كما تمتع الاقتصاد التركي بمعدل نمو قياسي، وارتقى من المركز الـ18 إلى المركز الـ11 على مستوى العالم في الفترة من عام 2003 إلى عام 2021، بحسب مكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية، الذي أشار إلى أن تركيا قامت بخفض رصيد الدين العام بصورة جذرية من نسبة تزيد على سبعين بالمئة عام 2002 لينخفض إلى نسبة تقارب ثمانية وثلاثين بالمئة عام 2021.

وعلى مدار الأعوام العشرين الماضية، قدمت تركيا أداء جديرا بالملاحظة من خلال زيادة حجم اقتصادها الكلي من 236 مليار دولار أمريكي عام 2002 إلى 906 مليارات دولار أمريكي في عام 2022.

وبات الاقتصاد التركي بعد 10 سنوات فقط من حكم حزب العدالة والتنمية في المركز الـ17 عالميا والسادس أوروبيا، ليواصل الصعود في 2017 محتلا المركز الـ13 عالميا والخامس أوروبيا. كما انعكس الازدهار الاقتصادي على المستوى المعيشي للمواطنين الأتراك، فقد ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي للدخل سنويا من 3907 دولارات عام 1999 إلى 10438 دولارا عام 2008، ونجحت تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية في خلق ما يقارب 28.8 مليون وظيفة جديدة في أثناء الفترة من عام 2003 إلى عام 2021، وتراجع معدل البطالة في تركيا خلال أغسطس الماضي إلى أدنى مستوياته منذ مارس عام 2014، وارتفع حجم صادراتها من 36 مليار دولار أمريكي إلى 254 مليار دولار أمريكي على مدار الأعوام الـ 20 الماضية.

وفي مجال الصناعات، احتلت تركيا المرتبة الأولى في إنتاج المركبات التجارية في أوروبا في عام 2021، وجاءت في المركز الرابع في إنتاج أوروبا من السيارات عام 2021، وفي المرتبة الـ13 في الإنتاج العالمي من السيارات عام 2021، ووصل إجمالي حجم استثمار العلامات التجارية العالمية في صناعة السيارات التركية منذ عام 2000 إلى 17 مليار دولار أمريكي.

وتمتلك تركيا شبكة متطورة في النقل والمواصلات بفضل البنية التحتية القوية، حيث يوجد قرابة 60 مطارا، بالإضافة إلى شبكة الطرق السريعة وشبكة القطارات السريعة.

ولا تختلف جودة الخدمات والرعاية الصحية عن غيرها من المجالات والقطاعات، وهو ما جعل تركيا تستضيف سنويا أكثر من 600 ألف مريض أجنبي، ضمن ما يطلق عليه “السياحة العلاجية” التي تمثل رقما مهما من إجمالي عدد السياح بشكل عام الذين وصل عددهم عام 2021 إلى 29.9 مليون سائح ما جعل من تركيا رابع أكثر الوجهات السياحية إقبالا في العالم.

وتعتبر تركيا من الدول المهمة على خريطة الزراعة في أوروبا والعالم، وبحسب معطيات عام 2020، احتلت المرتبة الأولى في الاقتصاد الزراعي الأوروبي والعاشرة عالميا عام 2020.

وقبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية كانت تركيا على موعد مع دخول محطة “آق قويو” النووية بولاية مرسين التركية، الخدمة، وهي أول محطة تركية للطاقة النووية السلمية وواحدة من بين أكبر الاستثمارات في البلاد.

وقد حظيت الانتخابات التركية باهتمام دولي وإقليمي كبيرين، لكونها باتت قوة صاعدة لها مكانتها ودورها الفاعل في المنطقة والعالم، خاصة بعدما طورت صناعاتها الدفاعية وبدأت تلعب دورا مهما جدا في منطقتها، كما يلعب الرئيس أردوغان دورا مهما في القضايا الدولية، ومن بين ذلك الجهود التي قام بها لضمان تصدير المنتجات الزراعية لتفادي وقوع أزمة غذاء عالمية، وذلك من خلال رعاية تركيا لاتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا.

شاركها.
Exit mobile version