احتفلت محافظة أسوان (جنوب مصر)، السبت، بتعامد الشمس على قدس الأقداس في معبد أبو سمبل، وعلى وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، أحد ملوك الأسرة التاسعة عشرة في الحضارة المصرية القديمة، وسط أجواء فولكلورية، ورقصات بالشعبية وبالتنورة، وفقرات متنوعة معدة خصيصاً للمناسبة.
واخترقت أشعة الشمس بهو المعبد لمسافة 60 متراً حتى قدس الأقداس في تمام الساعة 6:20 دقيقة من صباح السبت، واستمرت لمدة 20 دقيقة، وفق بيان لمحافظة أسوان، وقال المحافظ الدكتور إسماعيل كمال إن المحافظة بالتنسيق مع مديرية الأمن ووزارات السياحة والآثار والطيران المدني والثقافة نجحت في تنظيم وتأمين وصول الأفواج السياحية والزائرين إلى مدينة أبو سمبل في سهولة، فضلاً عن تسهيل حركة دخول وخروج المشاهدين لظاهرة تعامد الشمس إلى بهو المعبد. وتتعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد أبو سمبل الذي بناه الملك رمسيس الثاني مرتين في العام، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) و22 فبراير (شباط)، وربط الباحثون هذه الظاهرة بعيد ميلاد الملك ويوم تتويجه، في حين أشار البعض إلى ارتباط هذين التاريخين ببدء موسم الفيضان والزراعة وبدء موسم الحصاد.
واختتم مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون فعالياته بالتزامن مع الظاهرة الفلكية الفريدة التي تؤكد تقدم المصريين القدماء في علوم العمارة والفلك.
وكانت فعاليات المهرجان انطلقت في كافة المواقع الثقافية بمحافظة أسوان في الفترة من 16 إلى 22 فبراير الحالي بمشاركة 26 فرقة للفنون الشعبية من 14 دولة أجنبية وعربية وهي الهند، والصين، وصربيا، وبولندا، وبنما، وليتوانيا، واليونان، وسريلانكا، وكولومبيا، وسلوفاكيا، والتشيك، وتونس، والجزائر، وفلسطين، بالإضافة إلى 12 فرقة مصرية قدمت رقصات شعبية وعروضاً لرقصة التنورة.
عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير يؤكد أن هذه الظاهرة لم تفشل قط في إثارة دهشة العلماء والزوار على السواء، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الشمس تتسلل أشعتها إلى داخل المعبد عبر ممر طويل، حتى تصل إلى قدس الأقداس، وتضيء وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، بالإضافة إلى تمثالي الإلهين آمون رع ورع حور آختي، بينما يبقى تمثال الإله بتاح، إله الظلام، في الظل. هذه الدقة المتناهية في تحديد توجيه المعبد وزاوية دخول أشعة الشمس تعكس معرفة المصريين القدماء المتقدمة بعلم الفلك وحركة الشمس».
ويتابع: «تحولت هذه المناسبة إلى احتفال سياحي ضخم، حيث أقيمت عروض فنية وموسيقية مستوحاة من التراث المصري القديم، بمشاركة فرق فولكلورية قدمت رقصات تعبر عن الثقافة النوبية والمصرية. كما شهدت المنطقة المحيطة بالمعبد تجمعات للسياح والمصورين الذين حرصوا على توثيق اللحظة».
ويعدّ الملك رمسيس الثاني (1303 – 1213 قبل الميلاد) من أعظم ملوك الأسرة التاسعة عشرة المصرية، وفق دراسات تاريخية مختلفة، وتولى الحكم فترة طويلة، وقاد العديد من الحملات الحربية في لبنان وسوريا وفلسطين والنوبة وليبيا، وترك العديد من المعابد والآثار في كل أنحاء مصر.
من جانبه، عدّ الأكاديمي المتخصص في السياحة والحضارة المصرية، الدكتور محمود المحمدي، هذه الظاهرة فرصة مهمة وكبيرة للترويج السياحي بمصر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الحدث الفريد بتعامد الشمس في معبد الكرنك سيظل لغزاً يجذب السياح من كل أنحاء العالم لمرتين كل عام يمثلان الانقلابين الصيفي والشتوي».
ويمثل معبد أبو سمبل واحداً من أهم المعالم السياحية في مصر، ويجذب آلاف الزوار سنوياً، لا سيما في يومي تعامد الشمس، حيث يحرص عشاق التاريخ والآثار وعلم الفلك على زيارة الموقع لمشاهدة هذا الحدث الذي يعكس مدى التقدم العلمي والهندسي للحضارة المصرية القديمة.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}