قبل انتهاء عام 2017 أحدثت شركة نوفو نورديسك الدانماركية للأدوية ثورة في عالم إنقاص الوزن، بإطلاقها عقار”أوزمبيك” (Ozempic)، المخصص لعلاج مرض السكري من النوع 2، “كدواء لإنقاص الوزن”؛ ثم تبعته بعقار “ويغوفي” (Wegovy) بعد 4 سنوات.

وقد وصلت الوصفات الطبية من كلا العقارين إلى 9 ملايين وصفة في 3 سنوات، بزيادة قدرها 300%؛ في الولايات المتحدة وحدها، “حيث يعاني أكثر من 2 من كل 5 بالغين من السمنة، وحوالي 1 من كل 11 بالغا من السمنة المُفرطة”؛ وفقا للمعاهد الوطنية للصحة.

وقالت الشركة إن حُقَن “أوزمبيك” أثبتت فاعليتها في إنقاص الوزن، “بنسبة تصل إلى 15% من وزن الجسم”؛ وهي نسبة كان الباحثون يعتقدون أنها مستحيلة من الناحية البشرية. وفقا لما ذكرته شبكة “سي إن بي سي” الأميركية، التي أشارت إلى “التكلفة الباهظة لهذه العقاقير، لدرجة قد لا يقدر معظم الناس على تحملها؛ حيث تتكلف الجرعة الشهرية من “أوزمبيك” حوالي 935 دولارا، ومن نظيره “ويغوفي” حوالي 1300 دولار.

وإلى جانب التكلفة الباهظة، قد لا يخلو العقارين من آثار جانبية خطيرة، مثل التهاب البنكرياس وأورام السرطان والغدة الدرقية؛ بالإضافة إلى الغثيان والقيء والإسهال وآلام البطن. وهو ما جعل إدارة الغذاء والدواء الأميركية تقرر مؤخرا “الإلزام بوضع ملصق للتحذير من انسداد الأمعاء”.

ولعل هذه التكلفة الباهظة والآثار الجانبية المحتملة، كانا من بين الأسباب التي دفعت العلماء للتعرف على العناصر المساعدة على فقدان الوزن في هذه الأدوية، والبحث عنها في الأطعمة المتوفرة في البيوت.

“أوزمبيك” علاج لداء السكري من النوع الثاني “ويغوفي” علاج لخفض الوزن (الجزيرة)

كيف يعمل “أوزيمبيك”؟

بحسب موقع “مايو كلينك”، يعمل عقار أوزمبيك – سيماغلوتيد “من خلال خفض الشهية، وإبطاء انتقال الطعام من المعدة إلى الأمعاء، مما يوفر شعورا سريعا وممتدا بالشبع، يؤدي إلى تناول كمية أقل من الطعام”.

وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن المرضى الذين تناولوا سيماغلوتيد، وأجروا تغييرات على نمط حياتهم؛ “فقدوا حوالي 15.3 كيلوغراما من وزنهم، مقابل 2.6 كيلوغرامات، لمن لا يتناولون هذا الدواء”.

و”يعتمد مركب سيماغلوتيد في سحقه للجوع وقتله للرغبة الشديدة في تناول الطعام، على محاكاته لهرمونات تصنعها أمعاؤنا بشكل طبيعي عندما نتناول الطعام، يُرمز لها بالرمز “جي إل بي-1، كما تقول المؤلفة والمحررة العلمية، مايكلين دوكليف.

وهو ما تؤكده الدكتورة إيما بيكيت أستاذة علوم الأغذية بجامعة نيوكاسل الأسترالية؛ قائلة “إن دور سيماغلوتيد الفعال، يُشبه دور هرمون “جي إل بي-1″ الذي يبدأ إنتاجه عندما نأكل، لينبه الجسم ويجهزه لاستخدام الطاقة المستخلصة من الطعام”.

وعن طريق تحفيز الشعور بالشبع، “يساعد سيماغلوتيد في إنقاص الوزن، وإنتاج الأنسولين الذي يحتاجه الجسم لحرق الجلوكوز أو سكر الدم”.

قوة الطعام

وترى الدكتورة بيكيت، أن “تسخير قوة الطعام، باتباع نظام غذائي يحتوي على نسبة عالية من (الدهون الجيدة) والعناصر الغذائية؛ يمكن أن يزيد من مستويات هرمون “جي إل بي-1″، المُعزز للشعور بالشبع، بدون الحاجة لأية عقاقير”.

وتوضح أن العناصر الغذائية التي يمكن أن تُحفّز إفراز هذا الهرمون، هي المغذيات الكبيرة في الأطعمة الغنية بالطاقة، “كمصادر البروتين الخالية من الدهون مثل البيض؛ والأحماض الأمينية أو الدهون الجيدة من الأفوكادو والمكسرات، ومن تلك التي تنتجها بكتيريا الأمعاء النافعة”.

وتعتقد بيكيت أن هذا هو السبب أن “الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون الجيدة والألياف والبروتينات العالية قد تساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول”، ومن ثم المساعدة في فقد الوزن.

تعدّل مستوى السكر في الدم.. 5 فوائد لتناول المكسرات كل يوم
قد تساعد الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون الجيدة والألياف والبروتينات العالية على الشعور بالشبع لفترة أطول (شترستوك)

الدواء العجيب لخسارة الوزن

هل يمكننا زيادة مستويات “جي إل بي-1″، المُعزز للشعور بالشبع، عن طريق تغيير نظامنا الغذائي؟ الإجابة هي: نعم، يمكننا ذلك من خلال الغذاء.

يقول فرانك دوكا، أستاذ الأمراض الأيضية في جامعة أريزونا “عندما يسألني أحدهم ما الدواء العجيب الذي يجب أن أتناوله لخسارة الوزن؟ أقول: تناول المزيد من الألياف القابلة للتخمر”؛ وهي موجودة في القمح، والسكريات المحدودة في الفول والبازلاء والعدس، والبكتين الموجود في التفاح والكمثرى والموز الأخضر.

ويقول كريستوفر دامان، أستاذ أمراض الجهاز الهضمي بكلية الطب جامعة واشنطن “إن الألياف الموجودة في الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والفاصوليا والمكسرات والبذور غير المصنعة، هي المفتاح لخسارة الوزن بشكل صحي”.

فهي تبطئ امتصاص السكر في الأمعاء، بالضبط كما تفعل عقاقير إنقاص الوزن، ولكن بطريقة طبيعية؛ حيث يقوم ميكروبيوم الأمعاء بتحويل الألياف إلى إشارات تحفز الهرمونات للقيام بدورها في تنظيم سرعة انتقال الطعام من المعدة، والتحكم في مستويات السكر في الدم، والسيطرة على الشعور بالجوع.

اتباع نظام غذائي يحتوي على نسبة من الدهون يمكن أن يزيد من مستويات هرمون “جي إل بي-1” المُعزز للشعور بالشبع (بيكسابي)

الفرق بين العقاقير والغذاء

“في حين أن النظام الغذائي والاستعانة بالعقاقير يمكن أن ينجحا، فإن هناك فروقا بينهما”؛ كما تقول الدكتورة بيكيت، موضحة أنه بالإضافة إلى ما يمكن أن يكون للعقاقير مثل “أوزمبيك” من آثار جانبية، تبقى مشكلة ضرورة تناولها مدى الحياة، لاستمرار الحفاظ على الوزن.

فقد يتسبب التوقف عن تناول هذه العقاقير في انفجار الشهية المكبوتة، ويبدأ الشعور بالجوع في العودة إلى مستوياته القديمة، وكلما فُقد الكثير من الوزن بسرعة، كان الشعور بالجوع أكثر من ذي قبل.

أما الأنظمة الغذائية فقد يكون لها مخاطر أقل بكثير من حيث الآثار الجانبية، ولكن نتائجها سوف تستغرق المزيد من الوقت والجهد، بالنظر إلى إيقاع الحياة العصرية وضغوطها.

وهو ما يجعل بيكيت تؤكد على الحاجة إلى تحديد الخيارات الغذائية بهدف تحسين الصحة العامة، وبغض النظر عن استخدام الأدوية أو فقدان الوزن.

وتضيف أنه “من المهم أن تتذكر أن الوزن ليس سوى جزء من المعادلة الصحية، وبالتالي لا فائدة من قمع الشهية مع نظام غذائي غني بالأطعمة فائقة المعالجة وقليلة المغذيات، لأن ذلك قد يحقق فقد الوزن، ولكنه لن يزيد من فاعلية التغذية”.

لذلك توصي بيكيت باتخاذ القرارات المتعلقة باختيار الغذاء أو الدواء، بناء على مشورة مختصة الرعاية الصحية والتغذية؛ باعتبار أن الاختلافات الجينية، قد لا تجعل خيارا واحدا يناسب الجميع بالضرورة، “فقد تكون العقاقير أداة لفقد الوزن بالنسبة للبعض، ويكون الغذاء وحده هو الأفضل بالنسبة للبعض الآخر”.

شاركها.
Exit mobile version