قال الكاتب جون فينغ، في تقرير نشرته مجلة “نيوزويك” الأميركية، إن نتائج انتخابات تايوان قد تؤثر على العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين وتملي الاتجاهات الجيوسياسية في عام 2024، وقد وصفتها بكين بأنها خيار بين الحرب والسلام.

وأعلن السبت عن فوز لاي تشينغ تي -الذي تصفه الصين بأنه “خطر جسيم” بسبب مواقفه المؤيدة لاستقلال تايوان- في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الجزيرة، حسب النتائج الرسمية شبه النهائية للاقتراع.

وذكر الكاتب أن واشنطن لا تتخذ أي موقف بشأن السيادة على تايوان، ولا تدعم استقلالها، رغم تدخلها في مضيق تايوان 3 مرات على الأقل منذ الحرب الباردة، وهي تحتفظ بعلاقات غير رسمية مع حليفتها السابقة منذ اعترافها بشرعية بكين في أواخر السبعينيات، عندما انتهجت سياسة “الصين الواحدة”.

وفي العقود التي تلت ذلك، قامت الأطراف الثلاثة بتغيير ما يسمى بالوضع الراهن، الذي لم يرضِ الجميع حقًّا، مع أنه يحظى بدعم واسع النطاق بين التايوانيين.

صعوبة التسوية

واليوم، مع عودة التنافس بين القوى العظمى، أصبح من الصعب التوصل إلى تسوية بين تايبيه وواشنطن وبكين، والإجماع الوحيد المتبقي ولو نظريا هو ضرورة حل الخلافات عبر المضيق بالوسائل السلمية.

وبحسب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن، فإن “التوترات الداخلية” في سياسة الصين الواحدة لم يكن يُراد إصلاحها مطلقا، مشيرا إلى أنه رغم افتقارها للوضوح، فإن الصيغة القديمة “نجحت فعليا في تحقيق الهدف العملي المتمثل في عقود من السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان”.

وأوضح الكاتب جون فينغ أن صناع القرار في بكين أذعنوا للشراكة الاقتصادية والأمنية القوية الهادئة بين الولايات المتحدة وتايوان بموجب قانون العلاقات مع تايوان الصادر عام 1979، ولكنهم لم يقبلوه علنا أبدا إذ وصفه المسؤولون الصينيون بأنه “غير قانوني وغير صالح”.

وربما كانت سياسة العصا والجزرة التي تمارسها الصين قد كبحت رغبة تايوان في إقامة دولة رسمية في الوقت الحالي، لكنها لم تدفع نحو المزيد من التكامل السياسي، حسب فينغ.

ونقل الكاتب عن سويشينغ تشاو -أستاذ السياسة الصينية في كلية جوزيف كوربل بجامعة دنفر- أن الصين خاضت لعبة صبر إستراتيجي طويلة، لكن هذه اللعبة لا يمكن أن تستمر من جيل إلى آخر.

فأقوى زعيم للصين منذ أجيال، شي جين بينغ، يريد أن يحقق حلمه في تجديد شباب الأمة أثناء فترة ولايته، وحسب تشاو فإن الصين تمتلك الآن المزيد من الأدوات وقوة الضغط على تايوان لتحقيق شروط التوحيد سواء بالوسائل السلمية أو بالقوة.

الغموض الإستراتيجي

وأوضح الكاتب جون فينغ أن جهود القادة في واشنطن لدعم تايوان وإبعادها عن أيدي المنافس الجيوسياسي الأول للولايات المتحدة تجاوزت ما كان يُعتقد سابقا أنه ممكن في ظل سياسة الصين الواحدة وموقف الولايات المتحدة المتمثل في “الغموض الإستراتيجي”.

ووفقا لتشاو فإن التفاصيل الدقيقة لقمة بايدن-شي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كانت شبه مخفية، ولم تحل التوترات الأساسية في العلاقات الثنائية، مما يظهر أن القوتين عالقتان في “أزمة طويلة الأمد”.

ونبّه الكاتب إلى أن الصراع المسلح بين الولايات المتحدة والصين سيكلف الاقتصاد العالمي ما لا يقل عن 10 تريليونات دولار، أو 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وذلك وفقا لتقدير حديث صادر عن بلومبيرغ إيكونوميكس.

الرئيس الصيني شي (يمين) رفقة نظيره الأميركي بايدن (رويترز)

لا منتصر

وأوضح جون فينغ أن استطلاعات الرأي تُظهر أن الشعب التايواني لا يهتم بإعلان الاستقلال الرسمي أو الوحدة مع الصين، إلا أن تفضيلاتهم الحزبية والسياسية لا يمكن فصلها عن وجهات نظرهم بشأن جارة تايوان العملاقة.

ووفقًا لكوان تشن لي، الزميل الباحث في معهد أبحاث الدفاع الوطني والأمن في تايبيه، فإن الرأي العام السائد يتوقع بقاء الوضع الراهن ويعارض السياسات المضطربة جدا عبر المضيق.

وأضاف أنه رغم قيام شي جين بينغ والحزب الشيوعي الصيني بتشديد سياستهما تجاه تايوان وتصعيد الجهود لإجبارها على إعادة التوحيد، فإن ما يسمى “الوضع الراهن” يخضع باستمرار لإعادة تعريف، ويتضاءل مجال تفسيره.

ومع تبدد غموض “الوضع الراهن”، فإن سياسات الحكومة التايوانية عبر المضيق يمكن تفسيرها بسهولة من قبل الناخبين في معسكرات مختلفة على أنها إما شديدة الموالاة للصين أو استفزازية للغاية.

شاركها.
Exit mobile version