إذا كان تمرد مجموعة مرتزقة فاغنر بقيادة يفغيني بريغوجين قد تم حله دون إراقة دماء، فإنه مع ذلك قد سلط الضوء على نقاط ضعف روسيا، ولا بد أن تكون له تداعيات مستقبلية دائمة.

بهذه الجملة لخصت صحيفة “لوباريزيان” (Le Parisien) الفرنسية تقريرا بقلم بيير هاردي وجوليان داف، افتتحاه بتعليق للمعهد الأميركي لدراسات الحرب، وصف فيه تمرد مجموعة فاغنر وتوجهها إلى العاصمة موسكو وتراجعها بعد اتفاق مع الكرملين، بأنه إذلال، وقال “إن تقدم بريغوجين السريع نحو موسكو سخرية من القوات النظامية الروسية”، وسوف “يضر بشكل كبير بحكومة بوتين والجهود الحربية الروسية في أوكرانيا”.

وتساءل اختصاصي الدفاع بيير سيرفان: هل الديناميكية التي خلقها بريغوجين ستضعف النظام الروسي أم إنها ستبقى مغامرة ليوم واحد؟ مشبها هذه الأحداث بتلك التي أدت إلى سقوط النظام القيصري في روسيا عام 1917، والتي لم تكن “متوقعة ولا مدروسة حتى وقوعها”.

ورأى المعارض الروسي المنفي ميخائيل خودوركوفسكي أن هذه الأحداث ملهمة، وكتب على تويتر أنه “يجب على الحركة الديمقراطية أن تستوعب الدرس. إذ إن تغيير النظام لن يأتي من صندوق الاقتراع. والبلد الآن أصبح يعرف والعالم يعرف أن التمرد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن أن يتم دون هزيمة، لأن بوتين ضعيف”.

شعور بالفوضى

وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة بأن “هذا يدل على وجود انقسامات داخل المعسكر الروسي”، ورأت الأستاذة كارول غريمو من جهتها أن “النظام لم يخرج من هذه الأحداث متماسكا ولا روسيا موحدة”، مشيرة إلى أن المعارضة القانونية “شبه معدومة” في البلاد.

وأشارت غريمو إلى أن تمرد بريغوجين ترك انطباعا بوجود “فوضى” في روسيا، وتساءلت: من أين جاءت المساعدة لرئيس فاغنر؟ وقالت “لا أستطيع أن أتخيل أن عملية بهذا الحجم انطلقت دون إعداد”.

ورأت أن بريغوجين استفاد من دعم ما، ولا بد أن تؤدي أحداث 24 يونيو/حزيران 2023 إلى “تطهير”، لأن موسكو لا بد أن تكون رصدت قادة بين العسكريين والسياسيين أيضا ممن لم يبدوا مقاومة لبريغوجين.

ومع أن أوكرانيا -كما تقول الصحيفة- تدعي أن قواتها أحرزت تقدما في هذه الظروف، فإنه “لا شيء يظهر ضعف النظام الدفاعي الروسي في الوقت الحالي”، كما يلاحظ الجنرال الفرنسي فينسان ديبورت، موضحا أن الأوكرانيين يمكن أن يستفيدوا على المدى الطويل من “الجزء المزعزع للاستقرار في التسلسل الهرمي الروسي”، وتأثير أحداث 24 يونيو/حزيران على الروح المعنوية للقوات الروسية.

وأشار ديبورت إلى أن التوترات الداخلية الناتجة عن هذا التمرد قد تفتح نافذة من الفرص في أوكرانيا، ويمكن أن تدفع بوتين الذي أصبح “ضعيفًا” إلى البحث عن “حل دبلوماسي أسرع مما كان متوقعا”، إلا أن أوكرانيا قد لا تكون مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات، خاصة أن رئيسها فولوديمير زيلينسكي بدا أكثر تصميما من أي وقت مضى على مواصلة القتال.

شاركها.
Exit mobile version