قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن ما يسمى “حزب اليسار المحافظ” الجديد -أو تحالف السياسية الألمانية البارزة ساهرا فاغنكنخت- يسعى إلى الحصول على موطئ قدم في انتخابات البرلمان الأوروبي، وربما يؤدي إلى زعزعة السياسة الألمانية.

وأوضحت أن هذا الحزب يراهن على أن الناخبين -الذين يشعرون بتخلي المؤسسة الألمانية عنهم أو بخيبة الأمل تجاهها- سيرون المشروع السياسي الذي تم إنشاؤه على صورة زعيمته باعتباره مشروعا أنشئ على صورتهم أيضا.

وذكرت المجلة أن انتخابات البرلمان الأوروبي الجارية ستكون بمثابة اختبار مبكر لنفوذ حزب فاغنكنخت التي كانت ذات يوم بارزة في حزب اليسار الألماني، وشخصية إعلامية اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة وسمعة طيبة من مخالفتها للتيار السياسي السائد، وانفصلت رسميا عن هذا الحزب لتؤسس حزبها الخاص.

ولا يتناغم حزب فاغنكنخت مع الطيف السياسي الألماني -حسب تقرير المراسلة الصحفية المستقلة جين كيربي للمجلة- لأنه يحتضن مزيجا غير تقليدي من الاقتصاد اليساري والمحافظة الثقافية، مثل سياسات الهجرة الأكثر تقييدا وانعدام الثقة في سياسات الهوية، إضافة إلى أن برنامج السياسة الخارجية الذي يتبناه متعارض مع الإجماع الغربي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بحرب روسيا وأوكرانيا.

مرونة أيديولوجية

وأشارت فورين بوليسي إلى أن بعض أعضاء هذا الحزب لا يريدون تحديد موقعهم على خارطة الطيف السياسي، إذ يقول فابيو دي ماسي -وهو سياسي سابق بحزب اليسار والمرشح الرئيسي للبرلمان الأوروبي عن حزب اليسار المحافظ “نحن لا نصنف أنفسنا قوة يسارية أو يمينية” مع أنه يتعاطف مع التقاليد الاقتصادية اليسارية.

وتعتبر المجلة هذه المرونة الأيديولوجية إستراتيجية جزئية. ونقلت عن أستاذ العلوم السياسية غيرو نيوغيباور قوله إن “حزب فاغنكنخت يبحث عن أكبر قدر ممكن من الدعم، لكنه يحاول استدراره من كل ركن من أركان الناخبين” وأضاف مازحا أنه “كل النكهات السياسية مجتمعة في نكهة واحدة”.

غير أن هذه الميوعة تبدو متعارضة -حسب المجلة- مع الهوية الأخرى للحزب “هوية عرض امرأة واحدة” يظهر وجهها على العديد من الملصقات الانتخابية رغم أنها لم تترشح للبرلمان الأوروبي، واكتفت بتجنيد أعضاء سابقين من حزب اليسار، مثل دي ماسي ومنشقين آخرين بينهم عمدة دوسلدورف السابق من يسار الوسط توماس غيزل.

بعض الغموض

وأشارت فورين بوليسي إلى أنه من المستحيل فصل رمزية فاغنكنخت عن الدعم الذي شهده الحزب حتى الآن، وهذا ما يضفي بعض الغموض على الكيفية التي قد يحكم بها أعضاء الحزب فعليا، مما يسمح للحزب بتجنب بعض الأسئلة حول سياساته الأكثر تطرفا.

وقالت الأستاذة المساعدة بجامعة كوينز في بلفاست سارة فاغنر “ما نراه، خاصة في ألمانيا، أن الكثير من الناخبين غير راضين عن الحكومة التقدمية الحالية والائتلاف. وهذا مصدر لتعبئة اليمين المتطرف، لكن الناس لا يريدون أن يرتبطوا بالتصويت لليمين المتطرف. هناك فجوة مفتوحة حقا للتعبئة”.

مدى الفوضى

وتبلغ نسبة تأييد تحالف فاغنكنخت الآن حوالي 6%، وهو ما يجعله فوق العتبة اللازمة لتأمين حصة من مقاعد البرلمان الأوروبي في ألمانيا، كما أنه حقق أول انتصار انتخابي له بالانتخابات البلدية في الولاية التي يتمتع فيها حزب البديل من أجل ألمانيا بدعم قوي.

وقال دي ماسي “الجميع سعداء إذا أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا أضعف، لكننا الوحيدون الذين يقومون بالمهمة بفعالية” وأضاف أن الضعف الطفيف لهذا الحزب تزامن مع صعود حزبهم، وأنهم يقومون بتعبئة الناخبين الذين انجرفوا ذات يوم إلى حزب اليمين المتطرف.

ويرى أعضاء الحزب أن هذا التحول يدور حول سخط واسع النطاق تجاه القيادة السياسية بألمانيا، وليس حول أي تقارب بين سياسات حزب فاغنكنخت وسياسات حزب البديل من أجل ألمانيا، مؤكدين أنهم سيأخذون أصواتا من الأحزاب الأخرى أيضا، بما فيهم حزب اليسار الموطن السابق لفاغنكنخت.

وأشارت فورين بوليسي إلى أن انتخابات البرلمان الأوروبي سوف تقدم بعض التلميحات إلى مدى الفوضى التي سيجلبها حزب فاغنكنخت إلى السياسة الألمانية، خاصة أن الحملات الانتخابية الأوروبية غالبا ما تكون أداة للتعبير عن الإحباط الوطني، مما يعني أن الناس قد يدلون بأصوات احتجاجية لا يخاطرون بها في أي مسابقة وطنية.

ويراهن حزب فاغنكنخت على هذا الاختراق، واحتمال أنه قد يؤدي إلى زعزعة السياسة الأوروبية أيضا. وقالت فاغنكنخت إن لديها شركاء على استعداد للعمل معها، بل إنها تسعى إلى أن تشكل مجموعتها الخاصة، مما قد يجعل من اليسار المحافظ -إذا نجحت- قوة سياسية أكثر فعالية في ألمانيا وخارجها.

شاركها.
Exit mobile version