كشف وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك عن ملامح البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي يهدف إلى إعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، وذلك بعد تصاعد الانتقادات في الفترة الأخيرة بشأن عدم الإعلان عن برنامج واضح لعمل الفريق الاقتصادي في الحكومة الجديدة التي شكلها الرئيس رجب طيب إردوغان عقب فوزه بالرئاسة في انتخابات مايو (أيار) الماضي.

وحدّد شيمشك المبادئ الأساسية للبرنامج الاقتصادي في ثلاثة مكونات، وهي: «الانضباط المالي، والتشديد النقدي، والإصلاحات الهيكلية».

وقال الوزير التركي، في تغريدة عبر حسابه في «تويتر» الخميس، إن البرنامج الاقتصادي يتضمن إعادة تأسيس الانضباط المالي، أي خفض عجز الموازنة إلى مستوى يتوافق مع معايير ماستريخت الأوروبية، باستثناء تأثير كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد في 6 فبراير (شباط) الماضي.

وبحسب معايير ماستريخت، يجب خفض معدل التضخم إلى مستوى لا يتجاوز متوسط معدلات التضخم المسجلة في بلدان الاتحاد الأوروبي الثلاثة الأقل تضخماً بأكثر من 1.5 نقطة، وعدم تجاوز عجز الموازنة نسبة أكثر من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح شيمشك أن التشديد النقدي التدريجي يهدف إلى خفض معدل التضخم في البلاد إلى خانة الآحاد على المدى المتوسط، مشيراً إلى أن الإصلاحات الهيكلية ستجعل من الاستقرار المالي الكلي في تركيا، وجميع المكاسب الأخرى، مستدامة.

ومع تولي شيمشك وزارة الخزانة والمالية في التشكيل الجديد لحكومة إردوغان أعلن أن تركيا ليس أمامها خيار سوى العودة إلى أساس منطقي في السياسات الاقتصادية لضمان القدرة على التنبؤ بتبعاتها.

وأضاف «ستكون الشفافية والاتساق والقدرة على التنبؤ والامتثال للقواعد الدولية مبادئنا الأساسية في تحقيق هذا الهدف، وسنعمل على خفض التضخم إلى خانة الآحاد وتحقيق الرفاهية للشعب التركي».

وحض شيمشك الأتراك على «الصبر»، مؤكداً أنه لا توجد طرق مختصرة أو حلول سريعة. لكنه طمأنهم، قائلاً إن «خبرتنا ومعرفتنا وتفانينا سيساعدنا في التغلب على العقبات المحتملة في المستقبل… أولويتنا الملحة تتمثل في تعزيز فريقنا، وإنشاء برنامج اقتصادي موثوق، لكننا بحاجة إلى بعض الصبر والوقت».

وفي أولى الخطوات التي تحققت خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية لمصرف تركيا المركزي في 22 يونيو (حزيران)، تم رفع سعر الفائدة الرئيسي 650 نقطة أساس إلى 15 في المائة من 8.5 في المائة، متعهداً الاستمرار في تشديد السياسة النقدية ومراقبة التضخم حتى يتسنى تحقيق هدف 5 في المائة على المدى المتوسط.

وأثار إبقاء المركزي التركي على هذا الهدف في أول اجتماعاته تحت قيادة محافظته الجديدة، حفيظة غايا إركان، انتقادات من جانب خبراء ومحللين أتراك، من بينهم علاء الدين أكطاش، الذي عد أن تكرار الحديث عن هذا الهدف، الذي ظل ثابتاً لأكثر من 5 سنوات، يعني أن القيادة الجديدة للمصرف المركزي التركي لا تجرؤ على الاعتراف بأن السياسات المطبقة سابقاً كانت خاطئة. كما انتقد عدم الإعلان عن برنامج واضح للحكومة.

وأعلن معهد الإحصاء التركي، الأربعاء، تراجع التضخم السنوي إلى 38.2 في المائة، في يونيو من 39.59 في المائة في مايو، لكنه أشار إلى زيادة التضخم الشهري بنسبة 3.9 في المائة.

ونشرت «مجموعة أبحاث التضخم»، وهي منصة من خبراء ومحللين مستقلين في تركيا تراقب التضخم، الخميس، تقريراً حول «التطورات الاقتصادية»، ذكرت فيه أن تركيا دخلت مرحلة «التضخم المفرط» (التضخم المكون من 3 أرقام + انعدام الدخل)، في منتصف عام 2020 مع انهيار سلسلة التوريد.

وتحدث التقرير عن 4 توائم للخلل الهيكلي في الاقتصاد التركي، مشيراً إلى أن العجز المزدوج الكلاسيكي (عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة) في الاقتصاد أصبح الآن عجزاً رباعياً بسمات هيكلية مختلفة مع إضافة عجز الاحتياطي وعجز الإنتاج إلى عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة.

وتوازياً، كشف العجز التكنولوجي عن نفسه، في ظل التقنيات التي لا تدخل ضمن نطاق الإنتاج في تركيا.

وقال التقرير إن «اقتصادنا محاصر تحت وطأة الديون الخارجية والمحلية وفوائدها في ظل نمو أقل من المتوسط في تاريخ البلاد، مع محاولة كتابة قصة ثروة غير واقعية، وأصبحت التزامات النقد الأجنبي المتراكمة على مر السنين لا تنفصم عن الركود الاقتصادي منذ عام 2018».

ولفت التقرير إلى أن التغيير في الهيكل السياسي أدى إلى تشتيت الكفاءة في الاقتصاد تماما، وتدهور الهيكل المؤسسي، وتحولت الأسرة العادية إلى هيكل دخل لا تستطيع معه حتى شراء سيارة.

في غضون ذلك، قدم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مشروع قانون إلى البرلمان يقترح رفع الضرائب على الشركات من أجل تمويل التعافي من الأضرار الناجمة عن الزلزالين المدمرين اللذين ضربا جنوب البلاد في فبراير الماضي، وخلّفا أكثر من 50 ألف قتيل وتسببا في تشريد الملايين.

ويتضمن مشروع رفع الضريبة على الشركات بنسبة 5 في المائة إلى 25 في المائة، ورفع الضريبة على المصارف والمؤسسات المالية بالنسبة ذاتها إلى 30 في المائة.

ويقترح مشروع القانون إعفاءً ضريبياً بواقع خمس نقاط مئوية على دخل الشركات من التصدير، بهدف تشجيع التجارة الخارجية.

ووفق تقديرات الحكومة، يحتاج إعادة الإعمار في 11 ولاية منكوبة في جنوب وجنوب شرقي البلاد إلى أكثر من 100 مليار دولار، لبناء أكثر من 600 ألف منزل وأماكن عمل ومرافق مختلفة.

شاركها.
Exit mobile version