يلتقي الرئيس الإسرائيلي يتسحق هيرتسوغ الثلاثاء الرئيس الأميركي جو بايدن بالمكتب البيضوي بالبيت الأبيض، في مهمة صعبة لإصلاح العلاقات المتوترة بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو. وستكون هذه هي ثاني زيارة يقوم بها هيرتسوغ إلى البيت الأبيض في أقل من تسعة أشهر، بينما تجاهلت إدارة بايدن دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض منذ انتخابه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال البيت الأبيض في بيان الأسبوع الماضي: إن زيارة هيرتسوغ «ستسلط الضوء على شراكتنا الدائمة وصداقتنا»، وإن بايدن سيستغل الفرصة عندما يجتمعان يوم الثلاثاء «لإعادة تأكيد الالتزام الصارم للولايات المتحدة بأمن إسرائيل».

وأوضح البيت الأبيض أن هيرتسوغ سيلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونائب الرئيس كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومسؤولين من الوكالات، خلال زيارته لمدة يومين في واشنطن.

كما سيلقي كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس إسرائيل، قبل أن يسافر إلى نيويورك لمدة يومين، للقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وحاكمة مدينة نيويورك كاثي هوشول، وعمدة المدينة أريك ادامز، كما يلتقي قادة الجالية اليهودية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتوسط وزير خارجيته إيلي كوهين (يسار) وسكرتير الحكومة يوسي فوكس في اجتماع مجلس الوزراء الاثنين (إ.ب.أ)

وخلف التصريحات الرسمية الدبلوماسية، تعطي إدارة بايدن إشارات وانطباعات متكررة، بأن هناك إعادة لتقييم العلاقات مع إسرائيل ومع حكومة نتنياهو، خاصة مع إصرار إدارة بايدن على تجاهل دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة البيت الأبيض.

وظهر توتر العلاقات في تصريحات بايدن، الأسبوع الماضي، لشبكة «سي إن إن»، التي قال فيها: إن ائتلاف حكومة نتنياهو «يضم بعض الأعضاء الأكثر تطرفاً ممن رآهم في إسرائيل منذ عهد غولدا مائير»، وأعرب عن أسفه؛ لأنهم (حكومة نتنياهو) يدفعون بتوسيع المستوطنات ولا يعترفون بأي حق فلسطيني في الأرض. ودعا نتنياهو إلى العمل على حل مشاكله الحالية داخل ائتلافه.

وقد سعى مكتب نتنياهو إلى التقليل من هذه التوترات، مشيراً إلى أنه ليس سراً أنه توجد خلافات مع الإدارة الأميركية حول إقامة دولة فلسطينية والعودة إلى الاتفاق النووي الخطير مع إيران. وأكد مكتب نتنياهو على قوة العلاقات والتعاون الأمني الوثيق بين البلدين.

 

القضايا الصعبة

من جانبه، سيسعى هيرتسوغ خلال زيارته إلى تعزيز مصالح إسرائيل، وإحراز تقدم في ترتيب لقاء بين نتنياهو وبايدن، كما سينقل رسائل نتنياهو المتعلقة بالتهديد الإيراني وخطر التوصل إلى أي نوع من الاتفاق النووي مع طهران، وسيسلط الضوء على أعمال طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة. ووفقاً لبعض المصادر الدبلوماسية، تحاول إسرائيل عرقلة ورفض العودة الأميركية للاتفاق النووي مع إيران، وترفض مشاركة الولايات المتحدة في خططها لمواجهة التهديد الإيراني.

متظاهرات ضد خطة الإصلاح القضائي للحكومة الائتلافية الإسرائيلية في تل أبيب السبت (رويترز)

وسيحاول هيرتزوغ أيضاً تهدئة استياء الإدارة الأميركية من الإصلاح القضائي الذي يدفع به نتنياهو، ويوضح أنه لا تزال هناك فرصة لاستئناف محادثات التسوية. وأشارت الإدارة الأميركية إنها لا تريد التدخل في تفاصيل مقترحات الإصلاح القضائي، على الرغم من إصرار الرئيس بايدن، على أن التغييرات الأساسية لا يجب أن يتم تمريرها إلا بإجماع واسع، وأن المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية يجب أن تظل قوية ومستقلة.

ويقول المحللون: إن إقناع الإدارة الأميركية بأنه لا يزال من الممكن المضي قدماً بالإصلاح القضائي أحادي الجانب، لن يكون مهمة سهلة لهيرتسوغ. وإن ما يسمى بمشروع قانون «المعقولية» – الذي يجرّد المحكمة العليا من مراجعة السياسات والتعيينات الحكومية والوزارية – سيلقي بظلاله على زيارة هيرتسوغ، خاصة أن حكومة نتنياهو تضغط لتمرير التشريع في الكنيست وهي في طريقها لتوقيعه ليصبح قانوناً الأسبوع المقبل، وسط مظاهرات إسرائيلية معارضة مستمرة.

وقد حثت الإدارة الأمريكية السلطات الإسرائيلية، على «حماية واحترام الحق في التجمع السلمي» في بيان صدر في الوقت الذي اشتبكت فيه الشرطة مع آلاف المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد في مظاهرات ضد التقدم بمشروع قانون المعقولية.

من جانب آخر، يحاول هيرتسوغ إثارة عواطف الأميركيين من خلال اصطحاب ليا غولين، والدة الجندي الإسرائيلي هادار غولدين الذي قتل في حرب غزة عام 2014، لمناشدة المسؤولين الأميركيين الضغط على حركة «حماس» التي تحتجز رفات ابنها. وستحضر غولدين اجتماعات هيرتسوغ في الكونغرس ومع الأمين العام للأمم المتحدة.

مقاطعة للخطاب في الكونغرس

ومن المقرر أن يلقي الرئيس الإسرائيلي كلمة أمام الكونغرس، يوم الأربعاء، بمناسبة الذكري الخامسة والسبعين لقيام دولة إسرائيل، لكن الخطاب يواجه معارضة ومقاطعة من عدد كبير من الديمقراطيين التقدميين الذين أعلنوا مقاطعة الخطاب احتجاجاً على سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. وتضم قائمة النواب المقاطعين النائبة إلهان عمر والنائبة ألكسندريا كورتيز. وفي تغريدة مطولة على «تويتر» الأسبوع الماضي، أشارت عمر إلى السياسات الإسرائيلية التعسفية تجاه الفلسطينيين، وأشارت إلى أنها والنائبة رشيدة طليب مُنعتا من دخول إسرائيل عام 2019، بعد أن أعربت عن دعمها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، المؤيدة للفلسطينيين.

واضطرت النائبة براميلا جايابال، التي تترأس التجمع التقدمي للكونغرس، إلى الاعتذار عن تصريحاتها التي وصفت فيها إسرائيل بأنها دولة عنصرية. وأشار مساعدون إلى أنها تعرّضت لضغوط وانتقادات من اللوبي اليهودي، إضافة إلى انتقادات من زملائها في مجلس النواب. وقامت مجموعة من النواب الديمقراطيين بتوزيع بياناً قالوا فيه إنهم «قلقون للغاية» بشأن «تعليقات جايابال غير المقبولة حول حليفنا التاريخي الديمقراطي إسرائيل».

وكانت جايابال تتحدث في تجمع، يوم السبت، لمجموعة من المتظاهرين المؤيدين للحقوق الفلسطينيين، فقالت: «أريدكم أن تعلموا أننا كنا نكافح من أجل توضيح أن إسرائيل دولة عنصرية، وأن الشعب الفلسطيني يستحق تقرير المصير والحكم الذاتي، وأن حلم حل الدولتين يبتعد عنا، ولا أحد يشعر حتى أنه ممكن».

شاركها.
Exit mobile version