غزة – قنا

 قال المرصد /الأورومتوسطي/ لحقوق الإنسان، إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية برفض التماس استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يمثل حلقة مركزية في إطار منظومة استعمارية متكاملة وفاعلة تسهم على نحو مباشر في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع.

وأكد المرصد، في بيان اليوم، أن القرار الذي صدر أمس الخميس، يبرهن مرة أخرى على أن القضاء الإسرائيلي، الذي لم يكن يوما أداة للعدالة للفلسطينيين، يعمل مكونا وظيفيا في نظام منهجي تشارك فيه جميع مؤسسات الدولة، بما فيها الحكومة، والجيش وأجهزة الأمن الأخرى، والنيابة العسكرية، والمحاكم، ووسائل الإعلام، وتنسق الأدوار فيما بينها لتنفيذ الجرائم ضد الفلسطينيين، وتيسير ارتكابها، وتوفير غطاء قانوني زائف لها، في تحد صارخ للمعايير القانونية الدولية والإنسانية.

وأشار إلى أنه في الوقت الذي حذرت فيه منظمات حقوقية من المجاعة المتسارعة في غزة، ومن وفاة أطفال رضع نتيجة الجوع، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع الأساسية إلى قطاع غزة لأكثر من ثلاثة أسابيع على التوالي، جاءت “المحكمة العليا” لتضفي شرعية واضحة ومباشرة على هذا الحصار، الذي حرم أكثر من مليوني إنسان، نصفهم من الأطفال، من الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء، على مدار ثمانية عشر شهرا.

وأوضح أن قرار المحكمة جاء لتصدق على استخدام التجويع سلاحا معلنا ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وتحوله إلى سياسة رسمية تنفذ بقرار سياسي وتثبت بحكم قضائي، في واحدة من أوضح الصور التي تعكس تورط جميع المؤسسات الإسرائيلية الرسمية في جريمة الإبادة الجماعية.

وأضاف أن “المحكمة الإسرائيلية بررت قرارها بالقول إن التزامات الاحتلال الحربي في القانون الدولي لا تنطبق على دولة إسرائيل في جميع الأمور المتعلقة بقطاع غزة، وهو ما يخالف على نحو مباشر القواعد المستقرة في القانون الدولي والمعترف بانطباقها دوليا على الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وأفاد أن القرار ينتهك على نحو خطير قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة في سياق دعوى الإبادة الجماعية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويتعارض مع رأيها الاستشاري الصادر في عام 2024.

ولفت إلى أن القرار يشكل مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، المنطبقة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قطاع غزة، التي تلزم السلطة القائمة بالاحتلال بضمان الإمدادات الغذائية والطبية للسكان الواقعين تحت الاحتلال.

وتابع المرصد: “وفي حال لم تكن الموارد المحلية كافية، فيقع عليها واجب السماح بعمليات الإغاثة لمصلحة هؤلاء السكان وتوفير التسهيلات، بما في ذلك العمليات التي تقوم بها دول أو هيئات إنسانية، وعلى الأخص من مساعدات الأغذية والإمدادات الطبية والملابس”.

وبين أن القرار يعد أيضا تجاوزا فاضحا لقرارات محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل).

وأكد المرصد أن التزام إسرائيل تجاه السكان الخاضعين لسيطرتها هو التزام قانوني مطلق، لا يتوقف على توصيف العلاقة القانونية مع الإقليم، بل ينبع من واجبها الثابت في احترام قواعد القانون الدولي الآمرة وحقوق الإنسان وحمايتها في جميع الأحوال.

وأوضح المرصد /الأورومتوسطي/ لحقوق الإنسان، أن الالتزامات المتعلقة بمنع تجويع السكان وإدخال المساعدات الإنسانية لا تقتصر فقط على قواعد قانون الاحتلال، بل تشمل أيضا التزاماته بموجب الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من المواثيق الدولية.

وحذر المرصد الحقوقي من الوضع الإنساني الكارثي الذي يعاني منه جميع سكان القطاع بدون استثناء، وخاصة بعد استئناف الإبادة الجماعية عبر القتل المباشر في 18 مارس الجاري.

ولفت إلى أن الاحتلال لم يتوقف قط عن استخدام أدوات الإبادة الجماعية الأخرى طوال عام ونصف ضد الشعب الفلسطيني هناك، وخاصة عبر الحصار، والتجويع، والحرمان من كافة مقومات البقاء، وإحداث معاناة جسدية ونفسية شديدة، وفرض ظروف معيشية مهلكة وذلك بهدف تدمير الشعب الفلسطيني هناك.

وطالب المرصد بفرض كافة الإجراءات اللازمة لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على رفع الحصار بشكل كامل وفوري، والسماح بحرية حركة الأفراد والبضائع دون قيود، وفتح جميع المعابر دون شروط تعسفية، واتخاذ خطوات فاعلة لإنقاذ الفلسطينيين من مخططات القتل البطيء والتهجير القسري، بما يشمل تفعيل استجابة عاجلة لتلبية الاحتياجات الفورية والملائمة للسكان، بما في ذلك توفير سكن مؤقت ولائق.

وحث المجتمع الدولي على فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل، بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها، ووقف التعاون العسكري معها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنحها مزايا اقتصادية، مما يزيد الضغط عليها لإنهاء جرائمها ضد الفلسطينيين.

ودعا المرصد المحكمة الجنائية الدولية لتسريع تحقيقاتها وإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم الدولية المرتكبة في قطاع غزة، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة.

وذكر الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي بالتزاماتهم القانونية بالتعاون الكامل مع المحكمة، وضمان تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين الإسرائيليين وتقديمهم للعدالة الدولية وضمان عدم استمرار افلاتهم من العقاب.

وطالب المرصد /الأورومتوسطي/ لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي بالعمل فورا وفقا لالتزاماته القانونية وإنهاء الأسباب الجذرية لمعاناة الشعب الفلسطيني واضطهاده على مدار 76 عاما، وضمان حق الفلسطينيين في العيش بحرية وكرامة وتقرير المصير وفقا للقانون الدولي.

ودعا للعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والاستعمار الاستيطاني المفروض على الأراضي الفلسطينية، وتفكيك نظام العزل والفصل العنصري، ورفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة، وضمان مساءلة ومحاسبة الجناة الإسرائيليين، وكفالة حق الضحايا الفلسطينيين في التعويض والانتصاف.

شاركها.
Exit mobile version