منظمة الصحة العالمية

الدوحة – قنا

قالت الدكتورة حنان بلخي مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط إن الإقليم يواجه حاليا مأساة ومعاناة غير مقبولة ولا يمكن تصورها، مؤكدة الالتزام القوي من جميع الدول الأعضاء بالعمل معا لضمان تمتع كل شخص في الإقليم بحقوق الإنسان الأساسية في الحياة بغض النظر عن موقعه أو جنسيته أو انتمائه الاقتصادي أو الاجتماعي.

وأضافت بلخي ،خلال مؤتمر صحفي عقد مساء اليوم، بمناسبة ختام الدورة الـ71 للجنة الإقليمية لشرق المتوسط التي نظمت تحت شعار: “صحة دون حدود” برئاسة دولة قطر واستمرت 4 أيام، أن هذه الاجتماعات عقدت في ظل حالات الطوارئ التي تؤثر على نصف بلدان الإقليم إدراكا من جميع المشاركين بأن هناك أرواحا ثمينة تزهق كل دقيقة فمن الحرب التي استمرت 12 شهرا في قطاع غزة إلى الصراعات في لبنان والسودان واليمن والأزمات طويلة الأمد في أفغانستان والصومال وبلدان أخرى.

وأوضحت الدكتورة حنان بلخي أن اللجنة الإقليمية هي الجهاز الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط وتعد هذه الدورة السنوية فرصة أساسية للقادة وراسمي السياسات من الدول الأعضاء للانضمام إلى المنظمات الشريكة وخبراء المنظمة للنظر في القضايا الرئيسية، مشيرة إلى أن الاجتماعات ناقشت حالات الطوارئ وغيرها من التحديات، كما احتفت بالعديد من النجاحات التي تحققت في كل بلد وفي العديد من مجالات الصحة العامة بدءا من النمو الهائل الذي حققه البرنامج الإقليمي للمدن الصحية إلى بعض الإنجازات الهائلة في التصدي للأمراض السارية مثل مرض التهاب الكبد الوبائي والجذام والملاريا.

وبينت أن من القضايا الهامة التي ناقشتها اجتماعات اللجنة الإقليمية كانت تتعلق بالصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي نتيجة ما تخلفه الصراعات والنزعات وحالات الطوارئ مثل القلق والاكتئاب وتعاطي مواد الإدمان بفعل التعرض للصدمات وفقدان الأحبة، مشيرة إلى أن الصحة النفسية كان لها أولوية على جدول الأعمال في هذا الاجتماع، كما تم إعداد إطار عام لإدماج هذا المجال في الاستجابة للطوارئ لدى المنظمة.

وتابعت: أن مثل هذه اللقاءات السنوية فرصة عظيمة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، حيث تم عرض خطط المنظمة الاستراتيجية الرئيسية للعمل في الإقليم ومنها خطة تنفيذية استراتيجية إقليمية جديدة وثلاث مبادرات رئيسية وسوف يسترشد عمل منظمة الصحة العالمية مع البلدان على مدار السنوات الأربع المقبلة بالخطة التنفيذية الاستراتيجية المذكورة، في حين ستساعد المبادرات الرئيسية الثلاث على تسريع وتيرة التقدم في ثلاثة مجالات بالغة الأهمية: أولا توسيع نطاق الحصول على الأدوية الأساسية واللقاحات والمنتجات الطبية.. ثانيا: الاستثمار لتحسين إعداد القوى العاملة الصحية في الإقليم وتوظيفها واستبقائها.. ثالثا: تكثيف العمل في مجال الصحة العامة بشأن تعاطي مواد الإدمان.

وأعربت مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط عن سعادتها بأن الدول الأعضاء أكدت جميعها دعمها القوي لهذه الخطط، وقدمت الكثير من المشورة والتعليقات الحكيمة بشأنها، منوهة إلى أن اجتماعات هذه الدورة ناقشت أيضا الورقات التقنية التي تتناول أربع قضايا صحية كبرى: الأولى: كانت في إطار تنفيذي جديد لرعاية المصابين بالرضوح الجسدية في الأوضاع الإنسانية، والثانية: خطة عمل إقليمية جديدة لتعزيز الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ، والثالثة: العمل على التصدي للتهديد الفتاك الذي تفرضه مقاومة مضادات الميكروبات في الإقليم، أما الأخيرة فهي تسخير قوة التكنولوجيا الرقمية لتحسين نظم المعلومات الصحية والرعاية الصحية، إضافة إلى برنامج حافل من المناقشات الأخرى والإحاطات الإعلامية والأحداث الجانبية والأحداث الخاصة.

وشددت على أن إقليم شرق المتوسط بحاجة أساسية إلى السلم المستدام حتى يتم الوصول إلى المهجرين والنازحين وتحقيق هدف هذا الاجتماع وهو “صحة دون حدود”، كما أنه بحاجة إلى توطين الصناعات الطبية ودعم هيئات الأدوية، ومنع استهداف المراكز الطبية والأطباء، والحد من هجرة أطباء الإقليم، والعمل سويا لإيجاد الحلول المستدامة لهذه التحديات.

ومن جهته، قال الدكتور ريك برينان، مدير برنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن المكتب الإقليمي دعا مرارا وتكرارا إلى إحلال السلام لوقف الصراعات والأزمات، ولكن ذلك لم يحدث تقدما ملحوظا لوقف إطلاق النار، بالتزامن مع الجهود الكبيرة التي تم بذلها بالتنسيق مع شركاء المكتب الإقليمي للتأكيد على إتاحة الخدمات الصحية في الأماكن التي تشهد نزاعات مثل: غزة ولبنان والسودان وغيرها.

وأضاف برينان ،خلال المؤتمر الصحفي، أن هناك فرقا ميدانية لمنظمة الصحة تعمل في مستشفيات بقطاع غزة لتقديم الخدمات، معربا عن أمله بتيسير وصول هذه الفرق للبنان من أجل القيام بدورها اللازم.

وأشار إلى أن المكتب الإقليمي للمنظمة، يعمل على مكافحة فاشيات الأمراض منها شلل الأطفال في غزة، وذلك ضمن التحديات التي يواجهها لمجابهة التحديات في الشرق الأوسط، كاشفا عن تلقيح 181 ألف طفل بعمر الـ10 أعوام في غزة، إلى جانب إقامة حملة تلقيح ضد وباء الكوليرا استهدفت 350 ألف شخص في لبنان.

وأوضح أنه قد تم تدريب 120 مستشفى في لبنان قبل توالي الأحداث الأخيرة، حيث إن الوضع هناك حرج وبائس للغاية، مضيفا أن النظام الصحي يتعرض لنسبة إشغال مرتفعة في ظل تفاقم الأوضاع.

وتابع : أكثر ما يقلقنا يكمن بارتفاع معدل الإصابات بوضوح، فهناك ألفا شخص قتل بفعل الهجمات الإسرائيلية وعشرة آلاف أصيبوا، مما يضع عبئا ثقيلا على النظام الصحي، وخاصة أن لبنان كان يعاني من مشاكل اقتصادية ونظام صحي يعمل بمستوى متدن قبل حدوث هذه الصراعات.

وفيما يتعلق بأوامر إجلاء المنشآت الصحية، قال: “إن هناك ستة مستشفيات أجليت بشكل كامل، وخمسة مشاف أخرى أجليت بشكل جزئي، حيث إن هناك ثلاثا وعشرين هجمة تعرضت لها مرافق الرعاية الصحية”، موضحا أن هناك محاولات مستمرة لمساعدة المناطق المنكوبة لتوفير الإمدادات الصحية والتدريب وكذلك تقديم الرعاية الصحية.

وشدد على ضرورة وصول الناس إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وخاصة أن الأشخاص الذين نزحوا من منازلهم بعضهم يحتاج إلى الغسيل الكلوي ومنهم من يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، مما يعني احتياجهم لعناية خاصة، وعندما يلجؤون من منازلهم يكون مستوى الخدمات الصحية لهم متدنيا.

من ناحيته، قال الدكتور أدهم إسماعيل مدير إدارة البرامج للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية: إن إحدى القضايا الهامة التي تمت مناقشتها في اجتماعات اللجنة الإقليمية كانت تتعلق بالصحة النفسية، وكذلك الدعم النفسي الاجتماعي الذي يصاحب الصراعات والنزاعات وحالات الطوارئ.

وأوضح إسماعيل خلال المؤتمر، أن الصراعات والنزاعات وحالة الطوارئ التي تشهدها غزة ولبنان وغيرها، تسببت بأمراض نفسية كالقلق والاكتئاب، وارتفاع تعاطي مواد الإدمان بفعل فقدان الأحبة، حيث إن مسألة الصحة النفسية حظيت بأولوية على جدول أعمال الاجتماعات.

ولفت إلى أنه قد تم إعداد إطار معني بالطوارئ لإدماج الصحة النفسية في الاستجابة للطوارئ، لتقديم دعم الصحة النفسية لكل من يعانون منها.

وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية من خلال آلياتها للتصدي للتحديات، لاسيما في التصدي لحالات الطوارئ أطلقت مبادرة بشأن تعزيز المكاتب القطرية، بهدف زيادة عدد العاملين في مجال الطوارئ وتعيين المزيد من الموظفين على أرض الواقع، مضيفا أن تحديد حالة الطوارئ يشكل أولوية قصوى من خلال تحديدها للبلدان في الخطة تنفيذية الاستراتيجية التي نوقشت من خلال أعمال اجتماعات اللجنة الإقليمية وصادقت عليها الدول الأعضاء.

شاركها.
Exit mobile version