شعار دولة قطر

الدوحة – قنا

ترتبط دولة قطر، والدول الأوروبية بشكل عام، ودول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، بعلاقات قوية ومتميزة في مختلف المجالات.

وتقوم العلاقات بين دولة قطر والدول الأوروبية على الثقة والاحترام المتبادلين، والتعاون البناء في مختلف المجالات، السياسية الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، وقد ترسخت تلك العلاقات خلال السنوات الماضية بدرجة كبيرة، حتى وصلت لمراحل استراتيجية مهمة بين قطر ودول الاتحاد الأوروبي.

وتمكنت قطر من تقوية علاقاتها مع كافة دول الاتحاد في كافة المجالات، وأدت زيارات وجولات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، للعواصم الأوروبية، إلى تعميق التعاون وزيادة قوة العلاقات والوصول بها لأعلى المستويات الاستراتيجية.

وبمناسبة عقد أول قمة على مستوى القادة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في مدينة بروكسل تحت رئاسة قطر، المقررة هذا الأسبوع، أكد عدد من المحللين والأكاديميين في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن العلاقات القطرية – الأوروبية تقوم على الثقة والاحترام المتبادلين، وترتكز على احترام القيم وحقوق الإنسان، وأن أوروبا تقدر التعاون مع قطر لما تتسم به من حيوية وعقلانية سياسية، وما تمتلكه من قوة اقتصادية واضحة، علاوة على أنها تحترم حقوق الإنسان والقوانين والأعراف الدولية، وهي كذلك عضو نشط وفعال في المنظومة الدولية.

وأكدت الدكتورة نافجة البوعفره، أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة قطر، أن دولة قطر تتمتع بعلاقات صداقة متميزة مع الدول الأوروبية، قائمة على المصالح المتبادلة، وتغذيها الرغبة المستمرة من الطرفين في تعزيز التعاون في مختلف المجالات.

وأشارت إلى أن التعاون بين قطر والدول الأوروبية يشمل الاقتصاد والسياسة، والاستثمار والدفاع والأمن، ومختلف أوجه التعاون الأخرى.. مضيفة أن دبلوماسية قطر النشطة، وسياستها المتوازنة كان لهما دور كبير في ترسيخ مكانة قطر كعضو نشط ولا غنى عنه في المنظومة الدولية، مما عزز إيمان المنظمات الدولية بدور الدوحة الفاعل، وسياستها التي تعمل على حفظ السلم والأمن الدوليين، وحل الخلافات من خلال الوساطة والجلوس إلى طاولة الحوار ونبذ العنف.

وقالت إن الاستثمارات القطرية في الدول الأوروبية خير شاهد على الثقة التي تحظى بها قطر في القارة العجوز، مشيرة إلى أن الاستثمارات القطرية التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات شملت مجالات متعددة، من العقارات إلى الرياضة.

وأوضحت أن دولة قطر أثبتت أنها شريك استراتيجي يوثق به، بسبب احترامها للمواثيق والمعاهدات الثنائية ومتعددة الأطراف، ووفائها بالتزاماتها تجاه الشركاء، مشيرة في هذا السياق إلى التزام دولة قطر بتصدير الغاز الطبيعي إلى العديد من المحطات الأوروبية، سواء كانت محطات الكهرباء أو محطات المصانع.

وأضافت أن فرنسا، على سبيل المثال، وقعت مع قطر اتفاقية طويلة الأمد لاستيراد الغاز الطبيعي، وكذلك عملت ألمانيا على بناء محطة خاصة من أجل استيراد الغاز الطبيعي القطري، وغيرهما من الدول الأوروبية التي تمتلك اتفاقيات طويلة الأمد فيما يتعلق بتصدير الغاز القطري.

وفي المجال الإنساني، قالت إن دولة قطر تشارك في العديد من البرامج الإنسانية، مثل دعم اللاجئين والمشاريع الصحية في أوروبا، وقد ظهر ذلك جليا خلال جائحة كورونا /كوفيد-19/، حيث قدمت دولة قطر الدعم المادي والمعنوي لمختلف دول العالم، وتعاونت مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر لتعزيز جهود مكافحة الوباء.

ونوهت الدكتورة نافجة البوعفره أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة قطر، بالتعاون الثقافي بين دولة قطر ودول الاتحاد الأوروبي، الذي يشمل إقامة العديد من المعارض الفنية، والفعاليات الأدبية، والبرامج التعليمية والتربوية بين الجانبين، مما ساهم في تعزيز الفهم الثقافي والحضاري المتبادل، لافتة إلى أن الدول الأوروبية استقطبت العديد من الطلاب القطريين في مجالات أكاديمية مختلفة.

ومن جانبه، قال الدكتور حازم الرحاحلة مدير وحدة الدراسات الاقتصادية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إن التطور الكبير الذي شهدته العلاقات القطرية – الأوروبية على مدار السنوات الماضية يشكل أرضية صلبة لمزيد من التعاون على مختلف الصعد، منوها بأن المصالح المشتركة بين الجانبين حاضرة بقوة.

وأضاف أنه انطلاقا من الدور الكبير الذي يضطلع به الجانبان في مجال العمل الإنساني، وفي ظل تفاقم المعاناة الإنسانية المرتبطة بالصراعات المحتدمة في أرجاء واسعة من العالم والشرق الأوسط على وجه الخصوص، تبدو الحاجة أكثر إلحاحا لتنسيق الجهود وتعزيز العمل المشترك بين قطر والدول الأوروبية، مشيرا إلى أن السنوات الماضية شهدت بلورة لشراكات متعددة في المجال التعليمي والأكاديمي بين الجانبين، ترجمت على أرض الواقع من خلال البرامج المشتركة بين المؤسسات الأكاديمية والبعثات العلمية القطرية والأوروبية، فضلا عن التعاون الثقافي الذي توج بإنشاء فرع للمعاهد الوطنية الأوروبية للثقافة في الدوحة.

كما نوه باتفاقيات الشراكة بين دولة قطر والاتحاد الأوروبي، والاتفاقيات الثنائية مع عدد من الدول الأوروبية، كل على حدة، والتي من شأنها تؤسس لعلاقات وقنوات تعاون وشراكة مؤسسية راسخة وممتدة، وهي مسألة مهمة للغاية في ضوء توسع نطاق العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، والحاجة لتأطيرها ضمن منظومة قانونية وتنظيمية وإجرائية تسهل ترجمة هذه العلاقات إلى خطوات عملية على أرض الواقع.

وأشار إلى أن الانفتاح الاقتصادي والاستثماري والتجاري الأوروبي على دولة قطر يعكس الثقة الكبيرة التي تتمتع بها الدول لدى الاتحاد الأوروبي.

بدوره، قال الدكتور طارق حمود أستاذ العلوم السياسية في جامعة لوسيل في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن التعاون بين دولة قطر والاتحاد الأوروبي قد بدأ في إطار اتفاقية التعاون المبرمة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1988، والتي شملت العمل على عدة جوانب منها تعزيز الاستقرار السياسي والأمني، وتسهيل العلاقات السياسية والتعاون والاقتصادي والتكنولوجي، فضلا عن تعزيز التعاون في مجالات: الطاقة، الصناعة، التجارة والخدمات، الزراعة، صيد الأسماك، الاستثمار.

وعلى الصعيد السياسي، أبرز الدكتور طارق حمود جهود دولة قطر خلال السنوات الماضية، التي عكست كفاءة عالية في القيام بأدوار جوهرية في ملفات ذات اهتمام مشترك مع الاتحاد الأوروبي، مثل الوساطة الإنسانية فيما يتعلق بتبادل الأطفال بين روسيا وأوكرانيا، وقبلها الوساطة الأهم في أعقاب أزمة أفغانستان عام 2021، حيث لعبت قطر دورا محوريا في تسهيل إجلاء مواطنين من الاتحاد الأوروبي من أفغانستان.

ومن جانب آخر، أوضح أن الاتحاد الأوروبي شريك تجاري مهم، ويضم اقتصادات عالمية، بينها 3 دول من مجموعة الدول السبع الصناعية، إضافة لبريطانيا التي خرجت مؤخرا من الاتحاد، مضيفا أن شراكات قطر واستثماراتها في العديد من الدول الأوروبية تعكس تقاربا حيويا بين الطرفين.

وفي السياق نفسه، أكد الدكتور أحمد قاسم حسين باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومدير تحرير مجلة سياسات عربية، في تصريح مماثل أن العلاقات القطرية – الأوروبية شهدت تطورا كبيرا مؤخرا.

وأوضح أن قطر طورت علاقاتها الثنائية مع عدد من الدول الأوروبية على نحو يحقق الأهداف والمصالح المشتركة في مجالات عدة، وقد كان قطاع الطاقة مركزيا في هذه العلاقات، خاصة مع تحول قطر إلى واحدة من أهم القوى الدولية في مجال الطاقة، وكونها تتمتع بالمصداقية والموثوقية.

وأضاف أن الدبلوماسية القطرية لعبت دورا مهما في تذليل العقبات التي عرفتها العلاقات الخليجية الأوروبية في قطاعي الألومنيوم والبتروكيماويات الخليجية التي تندرج من وجهة النظر الأوروبية ضمن قائمة السلع الحساسة، لأن سوقها المحلية تشتمل على نظائر لها.

وأشار إلى أن العلاقة لم تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل امتدت نحو السياسية نظرا لدور الدوحة في مجال الوساطة وفض المنازعات بالطرق السلمية.

وعلى المستوى الثقافي، لفت الدكتور أحمد قاسم حسين، إلى أن العلاقات القطرية – الأوروبية شهدت تطورا كبيرا في هذا المجال عبر سلسلة من الزيارات والفعاليات الثقافية، وتنظيم الأسبوع القطري داخل مبنى البرلمان الأوروبي للتعريف بالتراث والثقافة القطرية.

من ناحيته، قال الأستاذ الدكتور شعبان كرداس أستاذ باحث في مركز دراسات الخليج بجامعة قطر إن العلاقات القطرية الأوروبية تشمل جوانب ثنائية ومؤسسية، حيث تربط قطر علاقات متعددة الأوجه مع الجهات الفاعلة الأوروبية، في مجالات مختلفة، من بينها الاقتصاد والأمن والدفاع.

وأوضح كرداس، أن قطر تتمتع بعلاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي والجهات الفاعلة الأوروبية الفردية، وهذا يعمل لصالح قطر في العديد من الحالات، مستعرضا مبادرة قطر الدبلوماسية لحل الصراع في غزة، فضلا عن بدء الحوار مع الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق الإنسان، ومن خلال هذه العملية أصبح من الممكن مناقشة مختلف القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق العمال وحقوق المرأة، والتطرق إلى التقدم الذي أحرزته قطر في هذا الصدد.

ولفت إلى أن التعاون بين الدوحة والعواصم الأوروبية يتطور بالتأكيد، وبالنظر إلى مكانة قطر وسمعتها إقليميا ودوليا، وأولويات الجهات الفاعلة الأوروبية، فإن العلاقة لا يمكن أن تتقدم في جميع المجالات بنفس السرعة لكون العلاقة تتطور بطرق أكثر انتقائية، مع التركيز على المجالات الرئيسية، مضيفا أن قطر تواصل القيام بدور حاسم في مجال الوساطة في بؤر الأزمات، وفي السياسات الاقتصادية والتنموية، تتمتع العلاقات بإمكانات جيدة.

ونوه بأن الحضور الأوروبي المتزايد في قطر في قطاعي الطاقة والاقتصاد هو جزء من عملية أوسع نطاقا إذ أصبح الخليج مركز جذب مهما وقوة دبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك على مستوى العالم، وقد كثفت الدول الأوروبية الفردية والاتحاد الأوروبي بالفعل من مشاركتها مع منطقة الخليج.

وأشار إلى أن قطر استخدمت مهارة تنظيم الأحداث الرياضية الضخمة، ومنها كأس العالم FIFA قطر 2022، وغيرها من الأنشطة العالمية الكبرى، كجزء من دبلوماسيتها الاستراتيجية، وكان تنظيم مثل هذه الأحداث بطريقة ناجحة مفيدا للغاية من وضع العلامة التجارية الوطنية على الخارطة العالمية، وهذا لا يضيف إلى القوة الناعمة للبلاد فحسب، بل يزيد أيضا من قيمة العلامة التجارية لدولة قطر.

وقال الأستاذ الدكتور شعبان كرداس إن تنظيم مثل هذه الأحداث الضخمة ضمن ميزانية هائلة وقدرة تنظيمية وإدارية، هي إشارات مهمة لوجود قدرة دولة قوية وبنية تحتية مؤسسية لتقديم سياسات فعالة، تأخذ قرارات الاستثمار الطويلة الأجل في الاعتبار بالتأكيد مثل هذه القدرة الفعالة للدولة في البلدان المستهدفة، والواقع أن النجاحات في مجال الأحداث تخلق تآزرا لتدفقات الاستثمار والعلاقات التجارية.

جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي يعد ثاني أكبر شريك تجاري لدولة قطر بعد الصين، ويتركز التعاون الاقتصادي بين الدوحة ودول الاتحاد، كل على حدة أو عبر اتفاقيات مشتركة تتضمن مختلف البضائع والسلع، فضلا عن وجود العديد من الاتفاقيات الثنائية، إلى جانب الشراكة الاستراتيجية في جميع المستويات الاجتماعية والثقافية والإنسانية، والتي تتسم بروابط وثيقة مبنية على أساس تعاوني وثيق، ذي منهج استراتيجي على المدى الطويل.

شاركها.
Exit mobile version