كشف صلاح الدين رمضان رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم، عن فحوى اجتماع الـ16 من شهر مايو (أيار) الماضي، الذي جمع بشار الأسد رئيس الجمهورية السورية، والشيخ سلمان آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، مشيراً إلى أن دمشق ستشهد رفع حظر جزئياً عن اللعب في ملاعبها دولياً بحلول عام 2024.

وقال رمضان في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد السوري لكرة القدم يعاني نقص أموال كبيراً نتيجة «قانون قيصر»، لافتاً إلى أن هذا الأمر يمنع الاتحاد من مساعدة الأندية التي أشار إلى أنها بوضع غير مستقر.

المسؤول السوري كشف في حديثه عن حوافز ماليّة كبيرة للمنتخب السوري (نسور قاسيون) حال عبوره للدور الأول في نهائيات كأس آسيا المقررة في يناير (كانون الثاني) المقبل في العاصمة القطرية الدوحة قد تصل إلى 500 ألف دولار في حال بلوغ النهائي، مؤكداً عدم رضاه عن أداء المنتخب رغم فرصتهم الكبيرة في بلوغ كأس العالم 2026.

«الشرق الأوسط» التقت صلاح الدين رمضان رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم، في حديث نادر، فكان الحوار التالي:

> كيف ترى وضع الكرة السورية حالياً؟

– أعتقد أن الكرة السورية بحاجة لإعادة إصلاح، لذلك طرحنا مؤخراً المشروع الوطني الهادف إلى تطوير اللعبة عبر بناء قاعدة عمرية صغيرة ابتداءً من الأشبال، وصولاً إلى الناشئين والشباب، وهي خطة طويلة الأمد يحتاج تنفيذها تقريباً إلى نحو 4 – 5 سنوات لتبرز الكرة السورية بشكل أفضل.

صلاح الدين رمضان (سانا )

لأن المنتخبات (تعبانة) وفيها الكثير من التخبطات والظروف التي مرّ بها البلد مشتركة، إن كان في الرياضة وغيرها، حيث ألقت بتداعياتها على القطاع الرياضي، خصوصاً في ظل الحصار المفروض على سوريا، إضافةً إلى هجرة أغلب اللاعبين.

كما أن غياب الاستقرار عن دوريات الفئات العمرية له أثر كبير، لذلك نحاول اليوم وضعها على الطريق الصحيح بأنظمة وقوانين جديدة والاهتمام بالأعمار الصغيرة خصوصاً عن طريق توحيد التدريب في جميع المحافظات السورية، وهذه الطريقة بدأنا باتّباعها حالياً.

> ما مدى رضاكم عن الكرة السورية؟

– حسب النتائج ليس هناك رضا، لكننا نصبر لنرى التحسن في أداء اللاعب السوري وعقليته لأن تغيير عقلية اللاعب تبدأ من الصغر، وكما هو معلوم «العلم في الصغر كالنقش على الحجر».

أما عن المدربين، فقد اعتمدنا على الأجانب متل هكتور كوبر في منتخب الرجال، وعلى مدير فني هولندي هو مارك فوته، لتدريب الأولمبي، لكننا اختلفنا معه وفسخنا عقده بعد النتائج المخيبة وسلَّمنا قيادة المنتخب لمساعد فوته، والمصري تامر حسن، ومعه فراس معسعس من الدوري السوري، وأرسلناهم لدورة الألعاب العربية حالياً، وسيقيَّم عملهم، واستمراريتهم مرهونة بنتائج المنتخب في البطولة.

> زيارة رئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ سلمان سوريا ولقاؤه الرئيس بشار الأسد… ماذا دار بينهما؟

– التقى الشيخ سلمان بن إبراهيم خلال زيارته سوريا الرئيس بشار الأسد، وكان اللقاء مثمراً جداً. وزيارة الشيخ سلمان كانت للاطلاع على واقع المنشآت الرياضية والوضع الأمني في دمشق لأننا طالبنا برفع حظر جزئي عن ملاعب دمشق مبدئياً، وأُعجب سلمان بالوضع الأمني المستقر في دمشق، وأكد أن قرار اللجنة التي أرسلها سابقاً لمعاينة الملاعب سليم بنسبة 100 في المائة.

وزار الشيخ سلمان ملعب الفيحاء الذي نحن بصدد إعادة تأهيله ليناسب المباريات الدولية، وملعب العباسيين، واطّلع على الدمار الذي حلّ به نتيجة الظروف المعروفة، وما تعرّضت له سوريا، ووعد بمساعدتنا لوجيستياً وبكل السبل المتاحة وبخاصة في موضوع الملاعب.

> هل بدأت أعمال الصيانة والتأهيل للملاعب؟

– تعاقدنا مع شركة ماليزية لتأهيل وصيانة ملعب الفيحاء وكلفناها بتطبيق كل التوصيات التي وضعتها اللجنة الأمنية الآسيوية التي زارت الملعب وحددت النواقص والمتطلبات ليناسب المعايير الدولية.

وستكشف اللجنة الآسيوية في الزيارة الثانية المرتقبة بعد الانتهاء من جميع الأعمال على الملعب لتعطي قرارها الأخير بمدى صلاحيته لاستضافة المباريات الدولية واسمها هذه المرحلة «فك الحظر الجزئي» بموافقة الاتحاد الدولي «فيفا».

> متى برأيك سيبصر هذا القرار النور؟

– من المتوقع إنجاز العمل خلال ثلاثة أشهر من الآن، وحال كان قرار اللجنة إيجابياً سنلعب مباراة دولية في فترة التوقف الدولي، وأعتقد أن ذلك سيكون تقريباً بحلول عام 2024.

> كثيرون يقولون إن المنتخب السوري جيد فنياً…. هل تؤيدون ذلك؟

– أنا ضد هذا الكلام لأن المنتخب السوري خلال الأزمات حتى الآن لم يؤدِّ أداءً جيداً نهائياً، والفترة الأخيرة شهدت غياب اللاعبين المغتربين مثل عمر السومة، وعمر خريبين، ومحمد عثمان، وإياز عثمان، وعبد الرحمن ويس، وأوليفر كاسكو، وعدم التزامهم مع المنتخب في المعسكرات بسبب الإجازات أو الإصابات وغيرها.

لذلك أداء المنتخب السوري يعتمد على المحليين بنسبة 90 في المائة، إلى جانب المحترفين في الدول العربية متل العراق والبحرين، وإن شاء الله في أيام التوقف الدولي في سبتمبر (أيلول) المقبل ممكن أن يتحسن الأداء بعد تثبيت التشكيلة وانضمام جميع اللاعبين المغتربين. لكن نحن غير راضين عن أداء الفريق… ليس هناك تحسّن.

> هل هذا الأمر سيستدعي تغيير المدرب قبل نهائيات كأس آسيا؟

– أعطينا المدرب مهلة واستدعى الفريق مرتين في فترة التوقف الدولي وخاض ثلاث مباريات وعمل على تبديل العناصر الموجودة للوقوف على ملامح التشكيلة الأساسية التي برزت بنسبة 90 في المائة لكأس آسيا، وبعد البطولة سنقيّم أداء المنتخب.

وقمنا بوضع حوافز مادية للاعبين والجهاز الفني لبطولة نهائيات آسيا في قطر تتراوح بين 200 ألف دولار للاعب الواحد و500 ألف دولار حال بلوغ النهائي. والحوافز ستكون على مراحل تدريجية، بمعنى إذا عبرنا الدور الأول، وهي ستكون سابقة تاريخية للمنتخب، سيكافأ كل لاعب بمبلغ يفوق 10 آلاف دولار، فيما سيحصل المدرب والجهاز الفني على نسبة أعلى، والمكافآت سترتفع مع عبور كل دور، وقمنا بإبلاغ المنتخب بهذا الأمر. حتى إننا رفعنا مصروف الجيب للاعب ليصل إلى 500 دولار والجهاز الفني إلى 1000 دولار وثُبتت اللائحة.

> بالحديث عن نهائيات آسيا، كيف رأيت مجموعة المنتخب السوري الثانية إلى جانب الهند، أستراليا وأوزبكستان؟

– المجموعة قوية خصوصاً في وجود أستراليا وأوزبكستان، وحتى الهند تطورت كثيراً في الفترة الأخيرة، ونحن إن شاء لله سنلحق بركب المتأهلين لأننا لسنا خائفين من أحد، والرياضة فوز وخسارة، وما يهمنا هو تقديم أداء مشرَف يثبت أن الكرة السورية ما زالت بخير. بطبيعة الحال نحن نسعى للفوز، لكن إذا خسرنا بأداء قتالي وبذلنا أقصى ما بوسعنا بشرفنا ووجداننا وضميرنا سنكون فخورين بأداء المنتخب.

> ما حال الأندية السورية؟

– الأندية السورية ضعيفة، والدوري ضعيف، وإذا بقيت مشكلة الأندية على حالها لن تحل مشكلة المنتخبات ولن تتطور لأن اللاعب هو نتاج النادي والأندية إمكاناتها المادية ضعيفة جداً، وتعتمد على بعض رجال الأعمال الذين يدعمونها وأحياناً يقطعون الدعم في منتصف المشوار بعد أن يكون النادي قد تحمّل أعباء مادية كبيرة نتيجة العقود الهائلة للدوري، لذلك نرى الأندية السورية في وضع غير مستقر.

> ما الحل برأيك؟

– طلبنا من اللجنة الأولمبية السورية تبديل نظام الأندية للموسم الجديد عبر مشاركة بين الدوري والنادي في الاستثمار، أو أن يكون النادي خاصاً بأسهم مثل أوروبا، وطبعاً هذا الطرح ممكن أن يُترجم إلى الواقع وممكن أن يبقى مجرد فكرة، ولكن حال عدم حدوثه لا بد أن تكون هناك تشاركية بين الدوري والنادي.

> متى ستصبح الأندية السورية قادرة على المشاركة في دوري أبطال آسيا؟

– ما زالت غير قادرة حتى الآن في ظل هذا المستوى، لأن هذا يتطلب احترافاً ورخصة مطلوبة لأبطال الدوري غير موجودة لدينا. لكن ممكن أن يحدث ذلك بعد سنتين من الآن، والسبب أننا سنلزم الأندية في الدوري بالاستقرار، يعني اللاعب سيكون توقيعه لمدة سنتين كحد أدنى إضافةً إلى اعتماد مدرب واحد في الموسم وممكن تبديله مرة واحدة فقط، لأن العادة جرت على تغيير المدرب لخمس مرات، واللاعب في الفترة الانتقالية ينتقل إلى الخارج حسب العرض الأفضل، وهذا الاستقرار سيؤدي إلى إنتاج نادٍ قوي.

> هل هذه القرارات من شأنها إعادة الكرة السورية إلى الخريطة العربية والآسيوية؟

– الموضوع يحتاج إلى المزيد من الصبر خصوصاً على صعيد فرق الناشئين والشباب والأولمبي، حالياً نحن نمتلك فرقاً وعناصر وخامات جيدة، لكن يبقى تغيير عقلية اللاعبين، وهذا ما نعمل عليه كي لا نفقد الحماس وكي لا نحوّلهم إلى لاعبين يركضون وراء المال فقط، لأننا في الدوري السوري لا نملك المال لإعطائهم لكننا نتميّز بانتمائنا لبلدنا والتضحية، لذلك سنحافظ على ميزتنا إلى جانب طريقة لعب وأداء مشرّفة.

> لطالما كانت الكرة السورية عامرة بالمدربين… هل لا تزال كذلك؟

– لا تزال كذلك لكننا انتقلنا إلى المدرب الأجنبي لأننا جرّبنا الوطني كثيراً، وفي الحقيقة نجح في أماكن معينة، ولكن بالمشكلات التي عانينا منها حاولنا أن ننتقل إلى المدرب الأجنبي لأنه يتميّز عنَّا بعقليته، ونحن نحتاج إلى فكر أجنبي يعلّمنا كرة القدم، وكيفية اللعب بتفكيرنا وعقلنا لا بأقدامنا فقط، وهذا يتطلب خبرات أكبر مما لدينا، وهذا كان أحد أسباب التعاقد مع كوبر.

> هل تعطي زيادة عدد المنتخبات في كأس العالم 2026 المنتخب فرصة للتأهل؟

– أمامنا فرصة كبيرة للتأهل حسب المستوى الذي لدينا، ويجب أن نتأهل، ولكن الموضوع يحتاج إلى القليل من الصبر، ونحن بالطبع نأمل ذلك.

> هل تعانون من أزمات مالية في الاتحاد السوري؟

– أكيد… خصوصاً في وجود «قانون قيصر»، والحصار المفروض يُعيق وصول المساعدات المخصصة لنا، والاتحادان الدولي والآسيوي مسؤولان عن حجوزاتنا والمعسكرات في الخارج، إنما نحن داخلياً كإدارة اتحاد نعاني «نقص أموال رهيباً»، لذلك ليس بوسعنا تقديم المساعدات للأندية لأن التحويل الخارجي ممنوع ونعمل بأقل الإمكانات الموجودة لدينا مقارنةً مع الاتحادات في الدول العربية.

شاركها.
Exit mobile version