في السنوات الماضية، كان جيمس ترافورد يقضي فترات طويلة من الموسم محاطاً بالماشية، أو جالساً على آلة حصاد، أو ينقل بالات القش في مزرعة عائلته؛ لكنه لم يقضِ الصيف الجاري في مساعدة والديه، وإنما في الدفاع عن عرين المنتخب الإنجليزي في بطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاماً، والتي فازت إنجلترا بلقبها.

مشاركات ترافورد خلال الـ12 شهراً الأخيرة، بدأت بمشاركة الحارس الشاب في دوري الدرجة الثانية مع بولتون واندررز، والذي من المتوقع أن يرحل عنه بانتقاله إلى بيرنلي الذي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، مقابل 19 مليون جنيه إسترليني.

وضمت قائمة المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً كوكبة من اللاعبين المميزين الذين يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز، مثل نوني مادويكي، ومورغان جيبس وايت، وأنتوني غوردون، وهو الثلاثي الهجومي الذي انتقل إلى أندية أخرى خلال الموسم الماضي، مقابل رسوم إجمالية تجاوزت 100 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى ليفي كولويل، البالغ من العمر 20 عاماً، والذي ينتظره مستقبل مشرق؛ لكن ترافورد الذي كان يلعب في مانشستر سيتي منذ قدومه من كارلايل يونايتد وهو في الثانية عشرة من عمره، كان صاحب الأداء الأفضل في البطولة.

أمضى ترافورد الذي تعلم قيادة السيارات عن طريق قيادة الجرار الزراعي عبر حقول الشعير في مزرعة العائلة في كمبريا، العامين الماضيين في مواصلة التعلم والتطور، من خلال اللعب في دوري الدرجة الثالثة على سبيل الإعارة؛ في البداية من خلال اللعب مع أكرينغتون ستانلي عندما كان يبلغ من العمر 18 عاماً، ثم مع بولتون الذي لعب له خلال الموسم ونصف الموسم الماضي، وحقق رقماً قياسياً من خلال الحفاظ على نظافة شباكه في 9 مباريات متتالية.

كان انتقاله للمرة الأولى على سبيل الإعارة يمثل تحدياً كبيراً؛ لكنه ساهم في بناء شخصيته من خلال التعرض لظروف صعبة، بعدما تعرض للإصابة، وفقد مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق.

يقول المدير الفني لأكرينغتون، جون كولمان: «عندما تتعاقد مع حارس مرمى شاب على سبيل الإعارة، فيتعين عليك أن تتحلى بالصبر؛ لأنه حتى في مثل عمره الآن سيواصل ارتكاب الأخطاء، فلا يمكن أن يكون لديك حارس مرمى بارع وهو في الحادية والعشرين من عمره».

كان المدير التقني لبولتون، كريس ماركهام، على دراية تامة بقدرات وإمكانات ترافورد، منذ السنوات الأربع التي قضاها في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وتحرك النادي في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي للتعاقد مع الحارس الشاب. يقول مات غيلكس، مدرب حراس المرمى بنادي بولتون البالغ من العمر 41 عاماً، والذي لعب في الدوري الإنجليزي الممتاز مع نادي بلاكبول: «كنت لا أزال ألعب في ذلك الوقت، وكان المدير الفني (إيان إيفات) يفكر في الاعتماد عليَّ مرة أخرى؛ لكنني كنت أتطلع إلى الانتقال للعمل في مجال التدريب، وقلت له: أعتقد أننا بحاجة للبحث عن حارس مرمى جديد».

ويضيف: «في بعض الأيام خلال التدريبات، كان ترافورد يطلب مني فقط أن أسدد الكرات عليه، ويقول إنه سيتصدى لها. لكنني كنت أقول له إن الأمور لا تسير بهذه الطريقة، وأنه يتعين علينا أن نجري عمليات الإحماء أولاً. إنه يعشق حراسة المرمى».

بدأ ترافورد مسيرته الكروية من خلال اللعب في خط الوسط مع كارلايل؛ لكنه تطوع للعب حارساً للمرمى وهو في التاسعة من عمره، وكلنا نعرف ما حدث بعد ذلك. لقد أثار إعجاب المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، أثناء التدريب على ركلات الترجيح، بعد نهاية أحد التدريبات في عام 2020، وتصدى لركلة جزاء من غوارديولا نفسه، وكان جزءاً من فريق مانشستر سيتي في رحلته لخوض المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في العام التالي. ومن المعروف أن ترافورد يمتلك ثقة لا حدود لها في نفسه وفي قدراته وإمكاناته، وقد أعرب منذ فترة طويلة عن اعتقاده بأنه سيكون يوماً ما الحارس الأساسي للمنتخب الإنجليزي، كما أكد مؤخراً قدرته على حراسة عرين الفريق الأول لمانشستر سيتي، في حال غياب الحارس الأساسي إيدرسون لأي سبب من الأسباب.

يقول غيلكس: «من الرائع أن تكون لديك هذه الثقة الكبيرة في نفسك وأنت في هذه السن الصغيرة؛ لأن كثيراً من الناس في هذه السن يأملون فقط ألا يرتكبوا كثيراً من الأخطاء؛ لكنه يمتلك ثقة كبيرة للغاية في نفسه، ويتحلى بالتواضع في الوقت نفسه». ويمتلك ترافورد رغبة جامحة في تحقيق النجاح. لقد تصدى بشكل استثنائي لإحدى الهجمات في نادي «بورت فايل» في أغسطس (آب) الماضي، وحافظ على نظافة شباكه في 22 مباراة في دوري الدرجة الثانية الموسم الماضي، ليصبح على بُعد مباراة واحدة فقط خلف الحارس الفائز بجائزة القفاز الذهبي، كريستيان والتون، حارس مرمى إبسويتش تاون.

ترافورد والفوز على إسبانيا في نهائي بطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاماً (أ.ب)

ويضيف غيلكس: «لقد ساعدنا على تحقيق الفوز في كثير من المباريات من خلال تصدياته الرائعة، كما أن طوله الفارع وإمكاناته الهائلة تساعده على التصدي للكرات من أي مكان. لقد لعب دوراً حاسماً في وصولنا إلى ملحق الصعود العام الماضي.

يقول كولمان: «هناك فارق كبير بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الثانية، كما أن طريقة اللعب في المسابقتين مختلفة تماماً. اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ليس مباشراً بالشكل نفسه الذي عليه الأمر في دوري الدرجة الثانية، لذلك قد لا يكون حارس المرمى مطالباً بالخروج كثيراً لالتقاط الكرات العرضية؛ لكن يتعين عليه بالتأكيد أن يطور أداءه فيما يتعلق باللعب بالقدمين، وأعتقد أن ترافورد قد تطور كثيراً في هذه النقطة». وهناك شعور بأن الأسابيع القليلة الماضية التي شهدت تألقاً لافتاً من جانب ترافورد ما هي إلا بداية لمزيد من التألق والتوهج. يقول غيلكس: «أعتقد حقاً أنه يمكن أن يكون حارس مرمى بارزاً في إنجلترا، وليس لدي أدنى شك في ذلك».

* خدمة «الغارديان»

شاركها.
Exit mobile version