بنك قطر الوطني

الدوحة – قنا

توقع /بنك قطر الوطني QNB/ أن تصمد التجارة العالمية أمام الرياح المعاكسة الكبيرة في عام 2025، مشيرا إلى نمو أحجام التجارة من 2.8 بالمئة في العام 2024 إلى 3.2 بالمئة في العام المقبل، وذلك في غياب تزايد كبير في الإجراءات الحمائية والاضطرابات الجيوسياسية، بالإضافة إلى التحفيز الاقتصادي القوي في الصين، وجولات خفض أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة.

وأوضح بنك قطر الوطني في تقريره الأسبوعي أن التجارة العالمية شهدت تقلبات غير عادية في السنوات الأخيرة، فبعد التراجع الحاد في أحجام التجارة في عام 2020 نتيجة لجائحة كورونا /كوفيد-19/، حدث انتعاش قوي في عام 2021، مع انحسار الجائحة وبدء عملية إعادة فتح الاقتصاد العالمي تدريجيا.

ولفت التقرير إلى أن ظهور بيئة مليئة بالتحديات، وسط تصاعد أسعار الفائدة، وارتفاع معدلات التضخم، وعدم الاستقرار الجيوسياسي أدت إلى تباطؤ حاد في النشاط التجاري في عام 2022، وكان الوضع مخيبا للآمال بدرجة أكبر في عام 2023، مشيرا إلى حدوث انكماش غير معهود للأحجام الحقيقية للتجارة إلا في عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وفي عام 2020 مع الاضطرابات الهائلة التي سببتها جائحة كوفيد.

وقال التقرير إنه بالرغم من أن بعض الرياح المعاكسة لا تزال مستمرة اليوم، بما في ذلك البيئة الجيوسياسية الصعبة التي تتسم بتزايد الحمائية والاضطرابات اللوجستية، فقد بدأ التعافي المعتدل يظهر في عام 2024.

ورأى أن هذا التعافي سيستمر في عام 2025، على الرغم من أن نمو التجارة العالمية سيظل دون المتوسط طويل الأجل السائد قبل جائحة كورونا.

وأرجع التقرير التعافي المشار إليه إلى ثلاثة عناصر رئيسية أولها أن المؤشرات الرائدة الرئيسية تشير إلى تحسن أحجام التجارة، حيث تعد توقعات المستثمرين بشأن الأرباح المستقبلية للشركات في قطاع النقل مؤشرا لآفاق التجارة العالمية.

وفي السياق يشير أداء مؤشر داو جونز للنقل – هو مؤشر يتكون من أسهم شركات الطيران والنقل بالشاحنات والنقل البحري والنقل عبر السكك الحديدية وشركات التوصيل- عادة إلى التحولات التي ستطرأ على ديناميكيات الصادرات العالمية. فبعد أن وصل هذا المؤشر إلى أدنى مستوى له في منتصف عام 2024 على أساس سنوي، عاد إلى النطاق الإيجابي الذي يشير إلى توسع التجارة.

ومن المفيد أيضا أن نتتبع أداء الصادرات في الاقتصادات الآسيوية شديدة الاندماج في الاقتصاد العالمي، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان، التي تنشر إحصاءات التجارة بشكل مبكر.

واضاف التقرير بعد أن أظهر مؤشر داو جونز نموا سلبيا خلال معظم العام الماضي، تماشيا مع انكماش التجارة العالمية، بدأ هذا المقياس اتجاها تصاعديا ولا يزال في النطاق التوسعي. وبشكل عام، تشير المؤشرات الرئيسية إلى أن التجارة ستحافظ على وتيرة تعافيها.

العنصر الثاني الذي تناوله التقرير بالتحليل تعلق بإعلان الحكومة الصينية عن حزمة من التدابير القوية لتحفيز الاقتصاد، مما ساهم في تحسين آفاق التجارة الدولية في الأمد المتوسط. خلال هذا العام، بدأت المخاوف بشأن أداء الاقتصاد الصيني تتزايد وسط الضغوط الانكماشية، وأزمة العقارات، والزخم السلبي في معنويات المستثمرين. وشهدت توقعات النمو الاقتصادي لعام 2024 تقلبات بين 4.5% و4.9%، وهو نطاق يقل بكثير عن متوسط الـ10 سنوات البالغ 5.6%.

وفي استجابة قوية، وضعت السلطات الصينية سلسلة من التدابير النقدية والمالية والضريبية المنسقة لتقديم الدعم لاقتصاد البلاد الذي يعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ونتوقع أن تعمل الحزمة الشاملة من التدابير السياسية على تعزيز النمو الاقتصادي في الصين وشرق آسيا، مما يولد المزيد من الزخم في المنطقة التجارية الأكثر ديناميكية على وجه الأرض. وهذا من شأنه أن يدعم بشكل أكبر تسريع النمو الإجمالي للتجارة.

العنصر الثالث الذي استند عليه التقرير تمثل في إعطاء جولات خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى دفعة إضافية للتجارة. ونظرا للتقدم المحرز في السيطرة على التضخم، يشرع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي /البنك المركزي/ والبنك المركزي الأوروبي في عملية كبيرة من دورة التيسير النقدي. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الدورة إلى تحويل أسعار الفائدة من المنطقة المقيدة إلى مستويات تيسيرية بحلول نهاية عام 2025.

وتتأثر التجارة الدولية بشكل كبير بمعدلات الائتمان وأسعار الفائدة، نظرا لتأثيرهما على الاستثمار من جانب الشركات وعلى الطلب على السلع المعمرة من جانب الأسر، وهما مكونان رئيسيان في تدفقات التجارة. وبالتالي، فإن دورة التيسير النقدي في الاقتصادات المتقدمة من شأنها أن تضيف زخما إلى نمو التجارة العالمية.

شاركها.
Exit mobile version