واصلت الليرة التركية ترنحها عند أدنى مستوى تاريخي لها خلال تعاملات الثلاثاء التي اقتصرت على الفترة الصباحية، بسبب دخول البلاد عطلة عيد الأضحى التي تستمر 9 أيام، مسجلةً 26.02 ليرة للدولار، و28.45 ليرة لليورو.

وانزلقت الليرة إلى هذا القاع غير المسبوق في مستهل تعاملات الأسبوع، الاثنين، استمراراً لاستجابتها لقرار البنك المركزي رفع سعر الفائدة من 8.5 في المائة إلى 15 في المائة، الذي رأي خبراء أنه لم يكن كافياً، ولم يلب توقعات الأسواق الداخلية والخارجية التي كانت تتوقع زيادة أكبر، وما تبع ذلك من خطوات لتخفيف القيود على الودائع بالعملة المحلية.

وأضافت الليرة التركية خسارة جديدة في قيمتها بلغت ما يقرب من 3 في المائة، لتخسر نحو 30 في المائة من قيمتها خلال الشهر الأخير، وما نسبته نحو 28 في المائة من قيمتها منذ بداية العام، لتصبح ثاني أسوأ العملات أداء بعد البيزو الأرجنتيني.

وجرى تداول الليرة قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 في مايو (أيار) الماضي، عند مستوى 19.60 ليرة للدولار، وتجاوزت 20 ليرة للدولار عقب جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في 28 من الشهر ذاته، ووصلت إلى أدنى مستوى لها فوق 26 ليرة للدولار بعد شهر واحد من الانتخابات.

وأثّر الارتفاع الحاد في سعر صرف الدولار على أسعار الذهب، وحطّم غرام الذهب الرقم القياسي، حيث سجل رقماً قياسياً عند 1611 ليرة للغرام، الثلاثاء.

وبعد خطوته الأولى تحت قيادة رئيسته الجديدة، حفيظة غايا إركان، قرر البنك المركزي التركي رفع سعر الفائدة الرئيسي 650 نقطة أساس في اجتماع لجنته للسياسة النقدية، الخميس الماضي، اتخذ البنك خطوة جديدة، الأحد، لتخفيف الضغوط على الليرة. إذ تقرر تخفيف قواعد الاحتفاظ بالليرة في البنوك التجارية، وخفض معدل صيانة الأوراق المالية، التي يتعين على البنوك التركية تخصيصها لودائعها بالعملات الأجنبية، إلى 5 في المائة بدلاً من 10 في المائة.

كما قرر البنك المركزي إعفاء البنوك التجارية من الاحتفاظ ببعض السندات الحكومية المقومة بالليرة، إذا رفعت حصة ودائعها بالعملة المحلية إلى 70 في المائة أو أكثر من الإجمالي.

وفي تعليق على هذه التحركات، قالت أستاذة الاقتصاد في جامعة «كوتش»، سلوى دمير ألب، إن القرارات الجديدة خفّفت الضغوط على النظام المصرفي إلى حد ما. وأضافت: «من الواضح أن البنك المركزي قرر بدء عملية التشديد النقدي من أجل الحد من التضخم في أقرب وقت ممكن، لتثبيت توقعات التضخم، والسيطرة على التدهور في سلوك التسعير، والمضي خطوة أخرى».

ولفتت إلى أن عبارة «تشديد السياسة النقدية» التي أُزيلت من بيانات البنك المركزي في الفترة السابقة عادت من جديد، وهو مؤشر على التخلي عن السياسة التي تبناها الرئيس رجب طيب إردوغان، والفريق القديم، القائلة إن «أسعار الفائدة يجب أن تنخفض لتقليل التضخم».

لكن دمير ألب لفتت إلى أن قرار المركزي رفع سعر الفائدة 650 نقطة أساس يفتح الباب أمام احتمالين؛ الأول أنه سيكون هناك مسار تدريجي لزيادة سعر الفائدة، والثاني أنه قد يكون علامة على عدم السماح برفع الفائدة مرة أخرى.

ونبهت إلى أن الافتقار إلى المحاسبة عن الفترة القديمة، واستمرار أعضاء لجنة السياسة النقدية، الذين أجروا تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة «في إطار نموذج الاقتصاد الجديد، يدعم الاحتمال الثاني، وهو أنه لن يتم السماح بزيادة الفائدة مرة أخرى». ودعت إلى قراءة جيدة لما قاله إردوغان في 14 يونيو (حزيران) الحالي، إنه قبِل الخطوات التي اقترحها وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، لكن موقفه من سعر الفائدة لم يتغير، وأنه «هو نفسه الرجل الذي يرى أن الفائدة المرتفعة هي سبب والتضخم المرتفع نتيجة»، خلافاً للنظريات التقليدية الراسخة.

ورأت الخبيرة الاقتصادية التركية أن قرار المركزي التركي بشأن أسعار الفائدة لا يشير إلى أن مكافحة التضخم المرتفع تشكل أولوية، فـ«إذا كان هدف الفريق الجديد هو السيطرة على التضخم السنوي وخفضه من 40 في المائة إلى هدف 5 في المائة، فإن أمامه طريقاً طويلاً ومكلفاً، لأن التضخم الأعلى يرتفع وكلما طالت مدة بقائه عند تلك المستويات، زادت الوصفة المؤلمة لخفض توقعات التضخم».

وعلق كبير المحللين الاقتصاديين في «غولدمان ساكس»، روبن بروكس، على التراجع الجديد لليرة قائلاً عبر «تويتر»، إن «هبوط الليرة التركية يعد درساً في (التدرج) مقابل (العلاج بالصدمة)».

وأضاف: «بعد سنوات عديدة من السياسة غير التقليدية لتركيا، تريد الأسواق العلاج بالصدمة، وهم يرون أن رفع الفائدة بمقدار 650 نقطة أساس، الأسبوع الماضي، ليس كسراً كافياً لما كان في الماضي… العلاج بالصدمة مؤلم، لكن كلفته أقل على المدى الطويل».

شاركها.
Exit mobile version