مكتبة قطر الوطنية زاد للمعرفة

الدوحة – قنا

نظمت مكتبة قطر الوطنية مساء اليوم، الجلسة الخامسة من سلسلة فعاليات “الصالون الثقافي”، الذي تقيمه المكتبة بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة.

وخصصت الجلسة الخامسة لمناقشة تعقيدات الهوية الوطنية في القرن الحادي والعشرين والتحديات والفرص التي تواجهها الدول في عالم متشابك ومتغير باستمرار، بمشاركة سعادة السيد خالد بن غانم المعاضيد، عضو مجلس الشورى ومدير مركز الوجدان الحضاري، والدكتور عز الدين عبد المولى، مدير الأبحاث في مركز الجزيرة للدراسات، وأدارها الإعلامي أحمد المالكي.

وناقشت الجلسة، التي حملت عنوان “الهوية الوطنية في عالم متغير”، الأبعاد المختلفة للهوية في سياق العولمة، وكيف يتسنى للأفراد والمجتمعات التكيف مع المشهد العالمي المتغير والحفاظ على هوياتهم الفريدة في مواجهة عاصفة العولمة، والتحول الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي الذي يمتاز به القرن الحادي والعشرين.

وبهذه المناسبة، قال سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية: “بمرور الوقت، صارت جلسات الصالون الثقافي وما يناقشه من قضايا فكرية مهمة أحد الروافد التي تثري المشهد الثقافي في قطر وتعزز دور مكتبة قطر الوطنية في القيام بوظيفتها الطبيعية في التعبير عن وجدان مجتمعها وهمومه وقضاياه، ما يوسع دورها بجانب ما تقوم به من أدوار بصفتها وجهة للتعلم والقراءة ومؤسسة تحمل على عاتقها مسؤولية صون التراث الوثائقي لدولة قطر والمنطقة”.

وأضاف سعادته أن الصالون الثقافي بالمكتبة الوطنية أصبح منصة راسخة للحوار البناء حول القضايا الثقافية والفكرية التي تمس جوهر مجتمعنا، وشهد في جلساته الماضية نقاشات ثرية تركت بصمة واضحة في المشهد الثقافي القطري.

وحول الجلسة الخامسة للصالون قال إن الهوية الوطنية تواجه تحديات جمة في ظل انكماش العالم تحت وطأة ثورة الاتصالات والمعلومات، وصارت الثقافات المحلية أشبه بجداول أو أنهر صغيرة تجد صعوبة في الحفاظ على جريانها أمام طوفان العولمة الجارف. ووسط هذه المتغيرات، يسعى الصالون الثقافي لطرق أبواب التعلم والتبادل والتفاعل مع الآخر، والاستماع إلى صوت العقل والحكمة الذي يرى أن الانفتاح على الثقافات الأخرى في القرن الحادي والعشرين لا يتعارض مع صون أبعاد الهوية الوطنية والتمسك بقيمنا وتراثنا وتقاليدنا اللغوية والثقافية والروحية.

في السياق ذاته أكد المتحدثان في الصالون الثقافي أن مسألة الهوية من أعقد الموضوعات المثيرة للجدل، بل التوتر أيضا وسط عالم شديد التغير يزداد تشابكا وتتلاشى فيه المسافات وتذوب الديموغرافيا وتتسارع معدلات التحول الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي وتزداد الضغوط بشكل مضطرد على الهويات الوطنية ما أدى إلى إنتاج إشكاليات وصراعات يلزمها البحث عن سبل لفضها وإيجاد سبل رشيدة تمكن الهويات الوطنية من حماية نفسها والتعايش مع الهويات الوافدة، وبالأخص مع الهوية الغربية التي فرضت نفسها تحت وطأة العولمة.

وتناول المتحدثان بالشرح تعقيدات الهوية الوطنية وكيف بإمكان الأفراد والمجتمعات التكيف والازدهار والحفاظ على هوياتهم الفريدة في مشهد عالمي ديناميكي، لافتين إلى أن التفاعل مع هذه التعقيدات يتطلب فهما دقيقا لدور الهوية في تشكيل الأفراد والمجتمعات والدول، كما يتطلب دراسة متأنية لتطورات مفهوم الانتماء.

 

وفي مداخلته تناول سعادة السيد خالد بن غانم المعاضيد، عضو مجلس الشورى ومدير مركز الوجدان الحضاري تعريفات الهوية ومن أهمها أنها السمات التي تميز فرد أو جماعة، وركائز الهوية وأهمها الدين واللغة والتاريخ المشترك، مشيرا إلى مكونات الهوية الظاهرة والعميقة مثل الزي والعمارة والفنون.

وحول أزمة الهوية الوطنية قال إن الحرب الإسرائيلية على غزة والدعم الغربي المطلق لدولة الاحتلال كشف عن أزمة هوية عميقة يعيشها العالم العربي والإسلامي تجلت في ردود الأفعال المتخبطة والمرتبكة على عدة مستويات ، منوها بأن هذه الأزمة في بعض أسبابها ترجع إلى هيمنة الحداثة الغربية حيث يحاك لنا التقوقع على الهوية الفردية بدلا من سيادة الروح الجماعية ، لافتا إلى أسباب أخرى منها وسائل التواصل الاجتماعي والخلل في التنشئة الاجتماعية والانبهار بالحداثة الغربية.

وأضاف أن دولة قطر تهتم بشكل كبير بقضية الهوية الوطنية، وهو ما تؤكده الجهود الكبيرة والحثيثة لوزارات الثقافة والتربية والتعليم والأوقاف، منوها بدور الأسرة في تعزيز الهوية الوطنية، قائلا: “على المثقف أن يمارس دورًا فاعلًا ويهتم بقضايا مجتمعه، كما يجب بناء ذاكرة جماعية من خلال إعادة كتابة التاريخ الوطني ، وضرورة الاهتمام باللغة العربية في بيئة العمل والمدارس”، مشددا في الوقت ذاته على أهمية دور وسائل الإعلام في زرع قيم الهوية الوطنية المعتدلة التي تعتز بتراثها وتتعامل مع الآخر بعقلانية وحكمة”.

أما الدكتور عز الدين عبد المولى مدير الأبحاث في مركز الجزيرة للدراسات فأكد في مداخلته على أن قضية الهوية قديمة قدم التاريخ وأضاف : “الهوية الوطنية حلقة وسطى في سلسلة من الهويات المتعددة تبدأ بهوية الإنسان وتنتهي عن الهوية الإنسانية وهي التي تحرك شباب الجامعات في أوروبا وأمريكا دعمًا ونصرة لغزة في مواجهة العدوان الغاشم.

وركز على أهمية دور التعليم في قضية الهوية وقال إن المؤسسة التعليمية هي التي تتبلور في إطارها معالم الهوية الوطنية. ففي هذه المؤسسة يتعلم النشء تاريخهم، وتتراكم معارفهم بتراثهم، وتتعزز علاقتهم برموزهم وقيمهم الجامعة. وفيها تترسخ لغتهم الوطنية باعتبارها حاملا لتلك القيم، تنقلها من جيل إلى جيل في بيئة داخلية وخارجية متغيرة.

جدير بالذكر ان مكتبة قطر الوطنية أطلقت الصالون الثقافي في 13 مارس 2023 ليكون منصة للحوار والتواصل مع النخب الفكرية والثقافية لخلق مناخ إيجابي يثري الثقافة ويرتقي بالوعي العام عبر سلسلة من الجلسات الدورية التي تنظمها المكتبة بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة.

ناقشت اللقاءات السابقة في الصالون تأثير تنظيم كأس العالم، والذكاء الاصطناعي، وصورة فلسطين في المحتوى الرقمي على الإنترنت، وأمسية شعرية عن النضال الفلسطيني.

شاركها.
Exit mobile version