أعلنت حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومجلس محلي في العاصمة طرابلس، عن إبرام اتفاق لوقف المعارك التي شهدتها المدينة بين ميليشيات جهاز الردع، واللواء 444 قتال، والتي أسفرت بحسب المتحدث باسم مركز طب الطوارئ والدعم في ليبيا، اليوم الأربعاء، عن 55 قتيلاً و146 جريحاً، وإجلاء أكثر من 234 عائلة.

وأكدت مصادر بحكومة الدبيبة أنه اتفق مع أعيان منطقة «سوق الجمعة»، التي تعد من أكبر مناطق العاصمة طرابلس، وينحدر منها عبد الرؤوف كارة آمر جهاز الردع، على وقف إطلاق النار وتسليم محمود حمزة آمر اللواء 444 قتال إلى جهاز دعم الاستقرار، الذي يقوده عبد الغني الككلي، الشهير بغنيوة، كجهة محايدة.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن محمد حمودة، الناطق باسم حكومة الدبيبة، ووليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بالحكومة، أنه تم الاتفاق على وقف الاشتباكات، وتسليم محمود حمزة إلى جهة أمنية محايدة، من دون إضافة تفاصيل، أو تحديد هوية هذه الجهة. فيما كشفت مصادر مقربة من حمزة النقاب عن زيارة خاطفة قام بها لمقر اللواء ومنزل عائلته، قبل نقله إلى مقر جهاز دعم الاستقرار، مشيرة إلى أن توقيفه تم على خلفية ادعاءات بوجود بلاغات ضده، وصلت إلى المدعي العام العسكري بطرابلس.

سيارة احترقت خلال الاشتباكات المسلحة التي شهدتها طرابلس (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، أكد المجلس الاجتماعي لسوق الجمعة والنواحي الأربع في بيان، مساء الثلاثاء، على التوصل لاتفاق مع حكومة الدبيبة على تسليم حمزة إلى جهة محايدة تحت إشرافه، وإيقاف جميع العمليات العسكرية في طرابلس، وعودة الوحدات إلى ثكناتها وحصر الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وتعويضها من قبل الحكومة.

وفي أول ظهور له بعد يومين من الاشتباكات، أبدى الدبيبة الذي تفقد وسط حراسة مشددة برفقة عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف، في ساعة مبكرة (اليوم الأربعاء) بلدية عين زارة، للوقوف على حجم الأضرار التي تعرض لها بعض المواطنين والمرافق، أسفه لما حدث. وطالب بعدم تكراره، معتبراً أن «ما حدث جرح نازف للعاصمة طرابلس ولسكانها، ولكل الليبيين». كما تعهد بالوقوف بالمرصاد لمن وصفهم بالمفسدين، موجهاً شكره لأعيان وأهالي سوق الجمعة وما جاورها لمساعيهم في وقف هذه الاشتباكات. كما شكر الأجهزة والفرق الطبية والمستشفيات والمصحات، التي استقبلت الجرحى، وقدمت الخدمة اللّازمة لهم، مشيراً إلى أهمية حصر الأضرار الناتجة عن اشتباكات اليومين الماضيين، وتقدير قيمة التعويضات اللازمة للعمل على صرفها للمواطنين المتضررين.

من جهته، أصدر الطرابلسي قراراً بتشكيل غرفة أمنية لفض الاشتباكات، ونشر أعضاء هيئة الشرطة لاستتباب الأمن داخل العاصمة، ومباشرة أعضاء هيئة الشرطة والأجهزة الأمنية بالوجود داخل المناطق التي شهدت الاشتباكات، والعمل على نشر الأمن والطمأنينة بين السكان وإعادة تنظيم الحركة المرورية والتأمين.

تعزيز قوات الأمن بعد اشتباكات طرابلس (رويترز)

واعتبر سفير الاتحاد الأوروبي، خوسيه ساباديل، أن «الأحداث الأخيرة في طرابلس تعزز الحاجة إلى عملية سياسية شاملة»، مشيراً إلى أنه أبلغ رئيس مجلس الدولة، محمد تكالة، خلال اجتماعهما، أمس الأربعاء، بأنه يمكنه الاعتماد على دعم الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي في جميع المبادرات، التي تهدف إلى تحقيق التوافق، وإعطاء الشعب الليبي الفرصة لانتخاب ممثليه وترسيخ السلام المستدام.

كما عبرت جامعة الدول العربية، اليوم الأربعاء، عن بالغ قلقها من الاشتباكات المسلحة التي شهدتها طرابلس، داعية إلى الإسراع في توحيد مؤسسات البلاد. وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة العربية في بيان إن الجامعة تدعو إلى «الوقف الفوري لأعمال العنف، التي عصفت بالاستقرار النسبي، الذي كان يسود العاصمة طرابلس خلال الأشهر الماضية». وحث المصدر جميع السلطات الليبية على اتخاذ الإجراءات الكفيلة باستعادة الأمن، مشيراً إلى أن وقوع هذه الاشتباكات «يؤكد مجدداً أهمية الإسراع بتوحيد مؤسسات الدولة، وإتمام العملية الانتقالية عبر إجراء الانتخابات في أقرب الآجال».

وبدورها، أعربت تونس عن قلقها إزاء تجدد الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية، والتطورات المؤسفة هناك. ودعت الخارجية التونسية في بيان اليوم الأربعاء، إلى تغليب لغة الحوار والتوصل إلى حل سلمي في أقرب وقت.

وبعد عودة الهدوء، أعلنت عدة شركات طيران محلية عودة تشغيل رحلاتها بشكل اعتيادي، من وإلى مطار معيتيقة في طرابلس، بعدما كانت أوقفت رحلاتها ونقلت طائرتها إلى مطار مصراتة. فيما طالب الدبيبة شركة الخدمات العامة بتنظيف مواقع الاشتباكات، وفتح الطرق وإزالة المخلفات بالتنسيق مع وزارة الداخلية، مشيراً إلى أنه سيتم خلال الساعات القادمة إتمام المهمة لعودة الحياة والحركة المرورية إلى طبيعتها.

بدوره، قال محمد تكالة، رئيس مجلس الدولة، إنه ناقش، مساء أمس الثلاثاء، مع الدبيبة في أول اجتماع بينهما منذ انتخابه، عدداً من الملفات السياسية والأمنية في البلاد، وعلى رأسها الأحداث المؤسفة التي شهدتها العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لإجراء الاستحقاق الانتخابي، تلبية لتطلعات الشعب الليبي في أقرب وقت ممكن.

شاركها.
Exit mobile version