الدوحة – الشرق

توقع بنك قطر الوطني QNB أن تؤدي مستويات الديون المتزايدة وغير المسبوقة إلى مخاطر كبيرة وطويلة الأمد، قد تحد من نمو الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، بسبب القيود المالية المفروضة على الشركات، ونقاط الضعف المحتملة بالأسواق الناشئة. وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19” مثلت صدمة سلبية ذات حجم غير مسبوق على الاقتصاد العالمي، مما تسبب في أكبر انكماش في النشاط تم تسجيله على الإطلاق في الحسابات القومية ربع السنوية، واستجابة لذلك، تم وضع سياسات نقدية ومالية استثنائية لتوفير الدعم للأسر والشركات، بهدف حماية الاقتصادات من احتمال حدوث انهيار أعمق. و لفت التقرير إلى أن انخفاض أسعار الفائدة والتيسير الكمي من جانب البنوك المركزية، جنبا إلى جنب السياسة المالية التوسعية، أدى إلى نمو ائتماني غير مسبوق، وارتفاع حاد بالدين العام والخاص في جميع أنحاء العالم، مما زاد من الاتجاه الذي بدأ أثناء الأزمة المالية العالمية، ومنذ ذلك الحين، تضاعف الدين الحكومي ليصل إلى 85.7 تريليون دولار، في حين بلغ إجمالي الدين العالمي 304.9 تريليون دولار. وقال التقرير: إن مستويات الدين ليست مرتفعة فحسب بالمعايير التاريخية، بل من المتوقع أن تستمر في الارتفاع على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم وذلك في ضوء بيئة أسعار الفائدة المرتفعة والآخذة في الارتفاع، حيث يصبح الدين أكثر أهمية باعتباره عائقا محتملا أمام نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وعزا التقرير ارتفاع مستويات الدين في الاقتصادات المتقدمة إلى تدهور حسابات القطاع العام والحاجة إلى تمويل العجز المتزايد باستمرار، ففي 2023، بلغ إجمالي الدين الحكومي بالاقتصادات المتقدمة 59.7 تريليون دولار، بزيادة قدرها 60 بالمئة، مقارنة بـ 37.4 تريليون دولار بعد الأزمة المالية العالمية، أي ما يعادل 113.6 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتوقع أن تؤدي مستويات الديون الحكومية المرتفعة بالاقتصادات المتقدمة إلى الإضرار بالنمو من خلال تحويل الموارد بعيدا عن الاستثمار، ومع قيام الحكومات بزيادة اقتراضها، فإن إصدارات الديون الجديدة تنافس القطاع الخاص على مبلغ معين من المدخرات المتاحة، ونتيجة لذلك، سترتفع أسعار الفائدة الحقيقية، وهو ما قد يؤدي إلى مزاحمة الاستثمار الخاص، وبالتالي الحد من النمو الاقتصادي. ويرى البنك أن ارتفاع مديونية الشركات، مقترنا بارتفاع أسعار الفائدة، يمكن أن يؤدي إلى ما يعرف بمشكلة “فرط أعباء الديون”، التي تعيق استثمار الشركات، لاسيما وأن الجائحة تسببت في اضطراب هائل بالنشاط الاقتصادي مما أثر على مبيعات وأرباح الشركات بأنحاء العالم. وخلص التقرير إلى أن للتمويل الخارجي والعملات الصعبة من الاقتصادات المتقدمة إسهام أكبر في الشكل التمويلي لديون الأسواق الناشئة الأخرى، مما يجعلها عرضة للصدمات الخارجية والتوقف المفاجئ في تدفقات رؤوس الأموال الواردة، وقد يصبح هذا الضعف أكثر وضوحا في السيناريو الحالي، حيث تؤدي السياسة النقدية الأكثر تشددا في الاقتصادات المتقدمة الكبرى إلى سحب رؤوس الأموال بعيدا عن الأسواق الناشئة، التي تتسم بارتفاع المخاطر، خصوصا وأن أزمة الديون في الأسواق الناشئة وقعت في الماضي، بسبب الزيادات الحادة بأسعار الفائدة الدولية. ورأى أنه في ظل المستويات المرتفعة من الديون في الوقت الراهن ستكون الأسواق الناشئة، التي تتسم بارتفاع المخاطر، عرضة لضائقة مالية يمكن أن تصعب إعادة التمويل، وتؤدي إلى أزمة تشبه التجارب السابقة.

شاركها.
Exit mobile version