كتارا
الدوحة – قنا
أكدت السيدة مريم آل سعد، الرئيس التنفيذي لمركز كتارا للدبلوماسية الدولية العامة، ومدير إدارة الشؤون الدولية في المؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/، أن التنوع الثقافي يشكل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، كونه يعزز التماسك الاجتماعي، ويحفّز الابتكار، ويعمّق الفهم المتبادل، لافتةً إلى أن /كتارا/ تعمل على تحويل هذا التنوع إلى مشاريع مستدامة تُدمج الثقافة في صلب الاستراتيجيات التنموية، وتسهم في بناء مجتمع أكثر شمولًا وتوازنًا.
وقالت السيدة مريم آل سعد في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي الذي يوافق الحادي والعشرين من مايو من كل عام، إن هذا اليوم يمثل محطة مهمة لتجديد الالتزام في /كتارا/ والشبكة الدبلوماسية الدولية العامة بقيم التعددية والانفتاح، وهو مناسبة للاحتفاء بالثراء الثقافي للبشرية وتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب، مؤكدة أن التنوع الثقافي ليس فقط مصدرًا للغنى الحضاري، بل أداة فعالة لبناء السلام والتقارب بين المجتمعات.
وأوضحت أن المؤسسة العامة للحي الثقافي أطلقت العديد من المبادرات التي تعزز التنوع الثقافي، من أبرزها “مهرجان التنوع الثقافي” الذي تشارك فيه أكثر من 20 دولة من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب المهرجانات والأيام والأسابيع الثقافية للدول، والمعارض الفنية المشتركة وورش العمل التي تستضيف فنانين ومبدعين عالميين، مما يُتيح للزوار التفاعل مع ثقافات متنوعة وتقدير خصوصياتها.
وأضافت أن الفعاليات متعددة الجنسيات في /كتارا/ تُشكل فضاءً حيًا لتلاقي الثقافات والحضارات، حيث تقدم كل ثقافة روايتها للعالم بطريقة حية وإنسانية، مما يسهم في كسر الصور النمطية وفتح مسارات جديدة للحوار والتفاهم، ويعزز قيم التعايش والتسامح محليًا ودوليًا.
وعن توظيف كتارا للدبلوماسية الثقافية، شددت على أن المؤسسة تعتبرها أداة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز القيم الإنسانية والتفاهم العابر للحدود. وفي هذا السياق، تدمج كتارا الدبلوماسية الثقافية ضمن مشاريعها، فيما تتولى الشبكة الدبلوماسية الدولية العامة توسيع هذا الدور عالميًا، عبر شراكات مع مؤسسات ثقافية في العديد من دول العالم.
وفيما يتعلق بالمشاريع التي تربط بين الفن، والثقافة، والتعليم أو البيئة، أشارت إلى وجود مبادرات عدة، من أبرزها مبادرة /فن من الأرض/ لفنون الخزف، والتي تشجع الفنانين على إنتاج أعمال تسلط الضوء على القضايا البيئية، إضافة إلى برامج تثقيفية مخصصة للأطفال والشباب، تجمع بين الفنون البصرية والتراث الثقافي والتعليم الإبداعي، في إطار تعزيز مفهوم التنمية الثقافية المستدامة.
وبشأن الرؤية التي تنطلق منها الشبكة لتعزيز الدبلوماسية العامة ثقافيًا، قالت آل سعد إن الشبكة تؤمن بأن الثقافة ليست مجرد تعبير جمالي، بل أداة تأثير إيجابي وحوار بنّاء، وتعمل على توظيف الدبلوماسية العامة لإبراز الثقافات المحلية عالميًا وتعزيز التفاهم الإنساني المشترك، عبر منصات تفاعلية ومبادرات دولية تربط الشعوب والمؤسسات.
واستعرضت أبرز المبادرات التي أطلقتها الشبكة لتعزيز التنوع الثقافي عالميًا، ومنها /يوم اللغة الأوروبية/، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وسفارات الدول الأوروبية في الدوحة، وهو حدث يفتح نوافذ ثقافية ولغوية مهمّة للتعريف بتعدد اللغات والثقافات الأوروبية. وقالت إن هذه المبادرة أتاحت لكل دولة أوروبية، مثل السويد وإسبانيا والبرتغال واليونان وإيطاليا، مشاركة لغتها وثقافتها وبناء حوارات ثرية مع ثقافات مختلفة، إلى جانب مبادرات أخرى تسلط الضوء على تجارب فريدة من مجتمعات متعددة، وشراكات مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/ ومراكز ثقافية لتنفيذ برامج تبادل خبرات.
وأكدت أن الشبكة تُعد تجسيدًا عمليًا لرؤية قطر الوطنية 2030، في تفعيل القوة الناعمة كأداة للسلام والتأثير الإيجابي، من خلال تمكين الحوار الثقافي، وتشجيع التعاون في مجالات الفن والتعليم والتراث، بما يعزز من مكانة قطر كمركز حضاري عالمي يروّج للسلام والانفتاح والابتكار الثقافي.
وحول استهداف الشباب، أوضحت أن الشبكة تولي أهمية خاصة لهم، من خلال برامج تُعنى بمشاركة الشباب كقادة للدبلوماسية العامة، ومنها حملة “من النقرات إلى التقدم: المسارات الرقمية للشباب من أجل التنمية المستدامة” التي أطلقت بالتزامن مع اليوم الدولي للشباب 2024، وتهدف إلى توعيتهم بالفرص المتاحة وتعزيز مشاركتهم المجتمعية، وغرس شعور المواطنة العالمية لديهم، مؤكدة أن /كتارا/، خلال رئاستها الحالية للشبكة، أطلقت الموقع الإلكتروني الرسمي، ونظّمت ورش عمل ودورات تدريبية لتطوير قدرات الشباب وتأهيلهم كسفراء للحوار والتسامح.
وأشارت آل سعد في ختام تصريحاتها لـ/قنا/، إلى وجود نجاحات ملموسة في بناء حوار حضاري من خلال الشبكة، من أبرزها تنظيم لقاءات دولية جمعت مثقفين وصناع قرار من ثقافات متباينة، وإطلاق برامج شراكة ثقافية ساعدت في تعزيز التفاهم بين مجتمعات آسيوية وأوروبية وعربية، لافتة إلى أن التغذية الراجعة من المشاركين أظهرت أثر هذه المبادرات في تغيير الصور النمطية وتعزيز الاحترام المتبادل.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تحتفي في 21 مايو من كل عام باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، لإبراز الدور الأساسي للحوار بين الثقافات في تحقيق السلام والتنمية المستدامة، والتذكير بأهمية الحوار بين الثقافات، والتنوع الثقافي والشمول، ومحاربة الصور النمطية والاستقطاب من أجل تحسين التفاهم والتعايش بين الناس من مختلف الثقافات.