المنتخب العنابي

❖ عبد الناصر البار

يبقى الإنجاز التاريخي الذي حققه العنابي ببطولة كأس آسيا 2023، راسخا في الأذهان ومحفوظا في كتب التاريخ الرياضي الآسيوي والعربي بتحقيق العنابي لكأس آسيا في بطولتين متتاليتين عامي 2019 بالإمارات و2023 بقطر، وكتب العنابي واتحاد الكرة فصلا جديدا من النجاحات القارية، بحصد الذهب الآسيوي للمرة الثانية على التوالي، وتمكن العنابي من تأكيد أحقيته باللقب وانه بطل النسخة الماضية بجدارة واستحقاق بعدما قدم بطولة آسيوية مميزة وحقق 7 انتصارات متتالية أمام كل من لبنان وطاجيكستان والصين وفلسطين وأوزبكستان وإيران والاردن وتحطيم الرقم القياسي بالوصول للانتصار 14 تواليا ببطولة كأس آسيا 2023..

ولو نعود قليلا للوراء وبالذات منذ مونديال 2022، نجد ان اتحاد الكرة تعرض لانتقادات لاذعة وغير مسبوقة بعد الخروج المبكر من المونديال في اول مشاركة للعنابي وتعرض المنتخب لهجمات من كل حدب وصوب بسبب تلك النتائج السلبية ليضطر اتحاد الكرة لتغيير المدرب الإسباني فليكس سانشيز ويعوضه بالمدرب البرتغالي كارلوس كيروش الذي بقي 9 أشهر قبل ان يغادر هو الآخر قبل انطلاق البطولة وبشهر وهي الحقبة التي تميزت هي الاخرى بتوجيه أصابع الانتقاد للمدرب البرتغالي الذي لم يظهر معه العنابي بشكل جيد وتراجع المستوى أكثر لان طريقة لعبه لم تساعد المنتخب، مما جعل اتحاد الكرة يتدخل لإنقاذ ما يجب إنقاذه قبل المحفل القاري بتعيين الإسباني ماركيز لوبيز الذي تحمل مسؤولية قيادة المنتخب ليصنع المعجزة في ظرف شهر بتحقيق اللقب ولو ان هناك من عارض فكرة تعيينه على رأس المنتخب.

نكسة الخروج المونديالي

عاشت الكرة القطرية نكسة كبيرة وغير متوقعة بعد خروج منتخبنا من الدور الاول ببطولة كأس العالم 2022، ولم يحقق منتخبنا أي فوز في المجموعة الاولى التي ضمت وقتها منتخب الإكوادور والسنغال وهولندا، وسقط العنابي في أول اختبار امام المنتخب الإكوادوري، قبل أن يخسر ثاني مبارياته ضد المنتخب السنغالي بالجولة الثانية، ليكمل المشاركة المونديالية الاولى بخسارة ثالثة صادمة امام المنتخب الهولندي ليكون منتخبنا اول المودعين لبطولة كأس العالم وهو صاحب الارض والجمهور، وسادت حالة الحزن وعم الرضا لدى الشارع الرياضي القطري ليس فقط للهزائم الثلاث وإنما للمستوى الباهت الذي ظهر به المنتخب في البطولة.

عدم التجديد مع سانشيز

شكل الخروج المبكر للعنابي من المونديال ضربة موجعة لمنتخبنا وللمسؤولين في اتحاد الكرة عن ذلك الفشل الكبير في كأس العالم وهو ما جعل ثورة كروية تلوح في الافق، وبمجرد نهاية المونديال وهدأت الاوضاع اعلن اتحاد الكرة عدم تجديد عقده مع المدرب الإسباني فليكس سانشيز الذي كان وراء اول تتويج للعنابي بكأس آسيا 2019، ويتم تعيين المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، الذي جاء بفكر وفلسفة مختلفة تماما عن تلك التي تعود عليها المنتخب، وكانت نظرة المسؤولين في الاتحاد ان اختيار كيروش كان لحنكته وخبرته الكبيرة ومعرفته بالكرة الآسيوية بحكم تدريبه الطويل لمنتخب إيران وكذلك الإمارات، ولكن سرعان ما كان الانفصال هو الحل بعد 9 أشهر تقريبا من إشرافه على المنتخب.

كأس الخليج والذهبية

تواصل تراجع مستوى منتخبنا الوطني في البطولات الخليجية والقارية بعد مشاركة كأس العالم 2022، وغادر العنابي من الدور النصف النهائي ببطولة كاس الخليج التي اقيمت في العراق، ثم مغادرة بطولة الكأس الذهبية من الدور ربع النهائي، والشيء المحير في كل هذا ان العنابي أصبح غير مقنع تماما ويلعب بدون هوية ولا لون ولا طعم له، حتى ان الجماهير دقت ناقوس الخطر مبكرا ان المنتخب لن يذهب بعيدا مع المدرب كيروش الذي بدا جليا ان هناك حلقة مفقودة بينه وبين اللاعبين وطريقة عمله، وشارك العنابي في البطولة الدولية الودية شهر اكتوبر الماضي بالأردن وفاز على العراق بضربات الترجيح قبل ان يسقط برباعية في المباراة النهائية امام المنتخب الإيراني وكانت الخسارة الثقيلة التي أفاضت الكأس.

تعاقد مفاجئ مع لوبيز

كانت كل المؤشرات توحي بان المدرب كيروش لن يعمر طويلا على رأس المنتخب، ولكن ولا شخص كان يتوقع ان رحيل المدرب المخضرم قبل انطلاق منافسات كأس آسيا بشهر، وشكل خبر رحيل كيروش صدمة نوعا ما للشارع الرياضي لان المنتخب كان على وشك بداية البطولة القارية التي دخلها من اجل الدفاع عن لقبه القاري، وجاءت المفاجأة الاكبر بتعيين المدرب الإسباني ماركيز لوبيز على رأس المنتخب الوطني وهو الذي لم يسبق له وان درب منتخبا من قبل وهو ما جعل الشكوك تزداد اكثر بأن اتحاد الكرة يعيش في تخبطات كبيرة وكيف يتم تعيين مدرب لا يملك الخبرة لقيادة العنابي الذي سيدخل المحفل القاري للدفاع عن لقبه القاري.

النجمة الآسيوية الثانية

رغم موجة الانتقادات العاصفة التي وجهت للمسؤولين في اتحاد الكرة بعد النكسة المونديالية، إلى غاية بداية كأس آسيا 2023، إلا ان اتحاد الكرة صبر امام تلك الانتقادات الحادة بل وواجهها بصدر رحب وحاول الاستفادة منها خاصة من كان ينتقد نقدا بناء من أجل إعادة المنظومة الكروية للطريق الصحيح، وتصرف اتحاد الكرة بحكمة وذكاء مع الفترة الصعبة التي مر بها، وحاول جاهدا إيجاد السبل والحلول السريعة لإنقاذ المنتخب قبل فوات الأوان لتحقيق اللقب القاري الثاني في الدوحة، وهو الهدف الذي وصل له اتحاد الكرة في ظرف وجيز ومع مدرب ذكي خالف كل التوقعات وحافظ على الكأس القارية.

إنجاز جديد للاتحاد

قد نكون في بعض الأحيان قاسين في توجيه الانتقادات للمسؤولين على اتحاد الكرة خاصة عندما يخفق المنتخب في تحقيق أهدافه، ولكن دائما ما كان انتقادنا بناء يهدف للبناء والتصحيح والتنبيه وذلك نابع من حبنا للمنتخب والكرة القطرية، ولأننا نريد رؤية العنابي دائما مع الأوائل وعلى منصات التتويج، ولكن في المقابل علينا ان نعترف وان نوجه تحية تقدير للذين يقومون على شؤون الكرة في بلدنا على تحملهم للمسؤولية وللانتقادات الكبيرة ولنجاحهم في المهمة الآسيوية بتحقيق ثاني الألقاب القارية ودخول منتخبنا الوطني التاريخ من أوسع الأبواب.

شاركها.
Exit mobile version