❖ محمود النصيري

لن تنحصر المنافسة بين منتخبنا الوطني ونظيره الأردني في نهائي بطولة كأس آسيا لكرة القدم قطر 2023، على اللاعبين في الميدان، بل ستنتقل الى الدكة الفنية لطرفي المواجهة الختامية والتي ستشهد صراعا كبيرا بين المدرستين الاسبانية والمغربية على المستوى التكتيكي والخيارات الفنية وطريقة التعامل مع المباراة، التي سيقودها من الجانب العنابي ماركيز لوبيز ومن الجانب الأردني الحسين عموتة.

ونجحت المدرستان الإسبانية والمغربية الى حد الآن في الوصول بالعنابي والنشامى الى المواجهة النهائية بعدما اطاح كل منهما بالعديد من المنتخبات الكبرى التي كانت مرشحة قبل انطلاق البطولة للمنافسة على التتويج باللقب.

اللقاء النهائي سيعرف صراعات تكتيكية كبيرة لا يعرف خفاياها إلا ماركيز لوبيز مدرب العنابي والحسين عموتة مدرب الأردن فلمن ستكون الغلبة في النهاية؟ ومن سيكون قادرا على التربع فوق العرش القاري وكتابة اسمه في السجلات الذهبية لمدربي كأس آسيا ؟

   كرة هجومية

يتميز الإسباني ماركيز لوبيز بفلسفته الهجومية واتقانه لمفهوم الكرة الحديثة التي تعتمد على السرعة والموازنة بين الواجبات الدفاعية والهجومية، حيث ان الجميع في خدمة التنشيط الهجومي من اجل تحقيق الزيادة العددية وفرض الضغط اللازم على الخصم، في الوقت الذي تحظى فيه الجوانب الدفاعية بأهمية بارزة لدى هذا المدرب، خاصة وان المنتخب لم يتلق سوى 4 أهداف على مدار المباريات الاقصائية انطلاقا من دور الستة عشر أمام منتخب فلسطين وصولا إلى نصف النهائي أمام إيران في حين خرج بشباك خالية في المواجهات الثلاث بدور المجموعات أمام منتخبات لبنان وطاجيكستان والصين.

  انسجام وتفاهم

نجح مدرب العنابي ماركيز لوبيز في خلق حالة نادرة من الانسجام والتفاهم داخل صفوف المنتخب الوطني، وبفضل معرفة المدرب الإسباني بخبايا الكرة القطرية واللاعبين، بفضل تجربته في قيادة النواخذة التي انطلقت منذ 2018 نجح لوبيز في اختصار الوقت وفهم عقلية اللاعبين بشكل اسرع من اجل تطبيق فلسفته وأفكاره التدريبية على ارض الواقع، وهو ما تجلى تدريجيا خلال المباريات الست التي قاد خلالها المنتخب الوطني بالبطولة القارية.

   حلم مشروع

قدم عموتة شهادة ميلاده كمدرب عربي محنك وقادر على تحقيق المعجزات الكروية إذا توفرت له القدرات اللازمة، ولم يرض عموتة بقيادة منتخب الأردن لأول مرة إلى الدور قبل النهائي بل كان سقف الطموحات اعلى حيث يرى المدرب انه جدير بالتتويج بلقب كأس آسيا مع النشامى بعدما قدمه مع الفريق الى حد الآن وإطاحته بالعديد من المنتخبات الكبرى التي كانت عائقا في طريق حلمه المشروع.

 وقاد عموتة المنتخب الأردني لتحقيق مفاجأة من العيار الثقيل، أثلجت صدور متابعه وعشاقه، عندما نال بطاقة التأهل إلى نهائي كأس آسيا 2023، بالفوز بهدفين نظيفين أمام منتخب كوريا الجنوبية، في نصف نهائي البطولة، بعد أداء رجولي وفدائية وروح قتالية عالية، ظهر عليها لاعبو المنتخب الأردني، لا سيما يزن النعيمات وموسى التعمري ليكتب النشامى تاريخا جديدا للقارة الصفراء.

   فلسفة عموتة

يعد عموتة مدرب الأردن من المدربين الذين يتميزون بالواقعية من خلال دفع لاعبيه على استغلال الحد الأدنى من الفرص من اجل الوصول لشباك المنافسين وتسجيل الأهداف حتى إذا كان الخصم اقوى وافضل على كافة المستويات، وهو ما حدث فعلا مع الشمشون الكوري في نصف النهائي، حيث جاء إنجاز النشامى رغم قلة نسبة استحواذ خلال المباراة التي بلغت 30.4% أمام كوريا الجنوبية، وهي ثاني أقل نسبة لمنتخبٍ حقق الفوز في مباراةٍ بكأس آسيا بفارق أكثر من هدف منذ نسخة 2007، وهو ما يعد واحدة من نقاط القوة لدى الفرق التي تجيد استغلال الفرص القليلة، التي تلوح أمام منافس يكاد يكون مسيطرا على مجريات اللعب بالكامل، حيث استطاع منتخب الاردن تطبيق فلسفة عموتة التكتيكية، القائمة على ترك المساحات للمنافس في وسط الملعب مع فرض رقابة لصيقة على مفاتيح لعبه، والاعتماد على الهجمة المرتدة من خلال سرعة نقل الهجمة الى مناطق الخصم والتوغل على الاطراف او في عمقه الدفاعي لإيجاد ثغرات والتسديد من الداخل أو الخارج، من اجل الوصول الى الشباك، وهو ما تحقق فعلا في اكثر من مناسبة مع موسى التعمري ويزن النعيمات اللذين اتيحت لهما اكثر من فرصة خطيرة أمام المرمى نجحا في تسجيل اثنتين منها.

    قراءة جيدة

 يتميز مدربا العنابي والاردني بحسن قراءة المنافسين، وهذا ما ظهر جلياً في مباراتي الدور نصف النهائي من البطولة القارية، حيث اثبت الاسباني ماركيز لوبيز انه قارئ جيد للخصوم ومطلع على نقاط قوتهم وايضا نقاط ضعفهم ووضع الحلول اللازمة للتعامل معها وفقا للامكانيات المتاحة والسيناريوهات التي تشهدها المباريات، وهو الامر نفسه بالنسبة للمغربي الحسين عموتة الذي نجح في الإطاحة بالألماني يورغان كلينسمان رغم امتلاك الأخير لترسانة من النجوم وعلى رأسهم سون نجم توتنهام الانجليزي، وعلى الرغم من الفوارق في الإمكانيات الفردية بين المنتخبين، إلا أن المنتخب الأردني كان الأفضل طيلة 90 دقيقة على المستوى التكتيكي والبدني والذهني.

   أسلحة التفوق

لا شك ان المدرسة الاسبانية التي يمثلها ماركيز لوبيز في هذه البطولة اثبتت الى حد الآن نجاحها مع لاعبي منتخب قطر، وانها الأكثر ملاءمة لفكر اللاعب القطري وقدراته الفنية والتكتيكية، خاصة وانها نجحت سابقا مع سلفه سانشيز المدرب السابق لمنتخبنا الوطني عندما قاد العنابي للتتويج بكأس آسيا لأول مرة في تاريخه في الامارات عام 2019.

ويحرص ماركيز لوبيز على استخدام كافة الأسلحة الجاهزة الموجودة على ذمته في العنابي من اجل فرض تفوقه على المنافس في مباراة اليوم، معولا على العمل الجماعي وروح الفريق التي سادت أداء منتخبنا على مدار هذه البطولة.

   صرامة وانضباط

يشتهر المدرب المغربي الحسين عموتة بصرامته في التدريب، مما يؤكد على الانضباط كأساس للنجاح، حيث لا يتسامح مدرب النشامى مع عدم الانضباط، وهو ما يعكسه سجله الحافل بالإنجازات.

وظهرت شخصيته القوية في تعامله مع اللاعبين، في كأس آسيا مما عزز من هيبته واحترام اللاعبين له.

وتعد المدرسة التدريبية المغربية من المدارس النادرة في المنطقة العربية وايضا على مستوى القارة الافريقية التي نجحت في ترك بصمة واضحة على مستوى المنتخبات، سواء في كأس العالم او في كأس آسيا، حيث نجح في وقت سابق وليد الركراكي في قيادة اسود الأطلس لنصف نهائي كأس العالم لأول مرة في تاريخ المنتخبات العربية، قبل ان ينسج عموتة على نفس المنوال ويقود النشامى لبلوغ المباراة النهائية لاول مرة في تاريخ الكرة الأردنية.

شاركها.
Exit mobile version