❖ عبد الناصر البار

ودع المنتخب الفلسطيني بطولة كأس العرب 2025، بعد الخسارة أمام المنتخب السعودي بنتيجة (2-1) في مباراة مثيرة للغاية لم تحسم نتيجتها سوى في الدقيقة (115) من الشوط الإضافي الثاني، وكان الفدائي قريبا من كتابة التاريخ بالوصول للدور نصف النهائي من البطولة، ورغم هذا الوداع المؤثر، نجح المنتخب الفلسطيني بامتياز في لعب دور «الحصان الأسود» في كأس العرب، وكسب احترام الجميع بالنظر للمستوى الفني الذي ظهر به الفدائي في البطولة، والأداء الكبير الذي ميزته الروح القتالية العالية وعدم الاستسلام في المباريات إلا مع صافرة النهاية.

  – ظهور مشرف 

ويمكن القول إن كتيبة المدرب إيهاب أبو جزر ظهرت بنسخة مونديالية، فخلال أربع مباريات خاضها، واجه ثلاثة منتخبات تأهلت إلى كأس العالم 2026، ورغم ذلك فإن حصاده ضدها كان إيجابياً، ففي البداية انتصر على العنابي صاحب الأرض والجمهور، وقابله بعرض قوي في الشوط الثاني الذي منحه ثلاث نقاط ثمينة للغاية، وتابع «الفدائي» تألقه وهذه المرة بـ «ريمونتادا» أمام منتخب تونس، فبعدما كان متأخراً في النتيجة (0-2)، عاد من بعيد ليقلب الطاولة على «نسور قرطاج»، محرزاً تعادلاً ثميناً قلب المعادلة في المجموعة الأولى، وفي ربع النهائي واجه منتخب السعودية، الذي اعتمد على تشكيلته الأساسية، قابله صمود بطولي من قِبل لاعبي «الفدائي»، الذين دافعوا عن فرصهم بكل قوة، وأثبتوا أنّهم يستحقون كل الاحترام، ليس تعاطفاً مع القضية الفلسطينية العادلة فقط، بل لوجود فريق قوي ومنسجم ومتكامل، إذ انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي (1-1) في وقتها الأصلي قبل أن تحسم في الشوط الإضافي الثاني.

   – لاعبون شباب 

ولعل العودة القوية لهذا المنتخب في الأشواط الثانية من كل المباريات، تؤكد شخصية لاعبيه القوية، التي تعكس روح الإصرار لدى الشعب الفلسطيني، إلى جانب تحفيز الجماهير للاعبين طوال دقائق المواجهات، لكن الأهم سيكون البناء على ما تحقق من قبل المدرب إيهاب أبو جزر، والعمل على التحضير الجيد لبطولة كأس آسيا 2027 في السعودية، وتجهيز لاعبين شباب لدمجهم مع عناصر الخبرة الموجودين حالياً، كما ان هذا التألق الكبير للفدائي هو ثمرة عمل للجهاز الفني بقيادة إيهاب أبو جزر الذي عرف كيف يحفز اللاعبين وجعلهم مقاتلين فوق المستطيل الأخضر.

   – المواهب الشابة

ربما لم يسبق للمنتخب الفلسطيني الظهور بتشكيلة تتميز بمتوسط أعمار صغير كهذه التي شارك بها في كأس العرب، إذ ظهر بنجوم واعدين وشخصية من طراز عملاق، كل ذلك بفضل خدمات العديد من اللاعبين القادمين من الشتات، الذين تألقوا مع الفدائي بصورة واضحة في الآونة الأخيرة، وسيكون المنتخب الفلسطيني مطالباً بالبحث عن مزيد من هذه الأسماء، والاستفادة من حالة التعاطف العالمية مع قضيتهم الوطنية، لكسب ود نجوم من طراز أعلى، على غرار وسام أبو علي نجم الأهلي المصري السابق، والمحترف حاليًا في الولايات المتحدة، علمًا أن أساطير سابقين في الكرة العالمية كانوا أصحاب أصول فلسطينية، مثل البرازيلي سقراط.

   – الدوريات العربية 

على الاتحادات العربية ان تواصل تعاونها مع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، من خلال اعتبار اللاعب الفلسطيني لاعبا مواطنا مثلما قامت به بعض الاتحادات العربية على غرار الاتحاد القطري لكرة القدم والذي يعتبر اللاعب الفلسطيني غير محترف وأنما لاعب مواطن وهو ما يجعل مواهب الكرة الفلسطينية بإمكانها اللعب في الدوريات العربية وتجهيز انفسهم على مستوى عال من اجل المشاركة مع الفدائي في البطولات العربية والإقليمية والقارية، ويبقى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مطالبا بعد كأس العرب بالاستفادة القصوى من حالة التضامن العربية مع الفلسطينيين، وزيادة عدد الدوريات العربية التي تستوعب الفلسطيني كلاعب محلي، على غرار قطر ومصر وليبيا والأردن، فقد منح اللعب في هذه البطولات الكبرى، اللاعب الفلسطيني فرصة صقل مهاراته بشكل أكبر بكثير من تلك التي كان يتمتع بها عند اللعب في دوري المحترفين الفلسطيني.

   – البطولة الآسيوية 

بعد المستوى الرائع الذي ظهر به المنتخب الفلسطيني أولا في نهائيات كأس آسيا 2023 بالدوحة ووصوله للدور ثمن النهائي وقتها والخروج من البطولة القارية على يد العنابي صاحب الارض والجمهور جاء تألق الفدائي في تصفيات كأس العالم 2026 في مجموعة ضمت كوريا الجنوبية والأردن والعراق… وقدم المنتخب الفلسطيني مستويات متميزة ولو انه فشل في بلوغ النهائيات او الوصول للملحق الآسيوي المؤهل للمونديال، قبل ان يقدم الفدائي بطولة رائعة بكأس العرب وكان قريبا من كتابة التاريخ، والأكيد انه قادر على المواصلة وان يكون الحصان الأسود بكأس آسيا 2027 بالسعودية.

  – الاستقرار الفني 

وأظهر اللاعب الفلسطيني انسجامًا مثاليًا مع المدربين المحليين، أكثر من ذلك الذي حققه بصحبة المدربين الآخرين من المنطقة العربية والدولية، حيث أثبتت التجارب السابقة صحة هذه النظرية سواء مع عبد الناصر بركات، أو إيهاب أبو جزر، ويبقى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مطالبا بإيجاد حالة من الاستقرار للمنتخب خلال المرحلة المقبلة، عبر الإبقاء على إيهاب أبو جزر في منصبه لسنوات قادمة، ما دام يحقق الأخير الأهداف المطلوبة، خاصة أن أبو جزر تألق في كأس العرب سواء على الصعيد التكتيكي، أو من خلال التعامل مع وسائل الإعلام، وبما يضمن عدم تكرار خطيئة سابقة ارتكبها الاتحاد الفلسطيني بعد الاستغناء عن خدمات عبد الناصر بركات دون سبب واضح، رغم النتائج المذهلة التي كان يحققها في ذلك الوقت على الصعيد الدولي.

شاركها.
Exit mobile version