واشنطن– مع قرب انتهاء منصبه، يتطلع الرئيس الأميركي جو بايدن لتحسين إرثه الرئاسي بالتوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة يؤدي للإفراج عمن تبقى من المحتجزين لدى حركة حماس، ويسلم خليفته دونالد ترامب شرقا أوسط ممهدا للسير نحو تسوية إقليمية أوسع.

ويأمل بايدن فياستثمار وقف إطلاق النار في لبنان لبث الزخم في جهود السعي لوقف الحرب في قطاع غزة قبل ترك منصبه.

في إعلانه عن التوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، قال بايدن إنه “خلال الأيام المقبلة، ستقوم الولايات المتحدة بدفعة أخرى مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وغيرهم لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة مع إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب دون وجود حماس في السلطة”.

على مدار سنوات حكمه الأربع لم يهتز دعم بايدن لإسرائيل (رويترز)

هل يفعلها بايدن؟

ومنذ التوصل لاتفاق لوقف القتال المؤقت والإفراج عما يقرب من نصف الرهائن والمحتجزين في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تعرقلت سبل التوصل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المتبقين، في وقت لم يهتز فيه دعم إدارة بايدن الكامل وغير المشروط لإسرائيل.

ويبدو أن استشهاد زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يمنحها فرصة للتوصل لاتفاق يوقف القتال في غزة.

ولا توحي المؤشرات الصادرة من البيت الأبيض إلى أي تغيير في موقف إدارة بايدن الذي يلقي باللوم على حماس في عدم التوصل لوقف لإطلاق النار حتى الآن.

وفي رده على فيديو للمحتجز لدى حماس لإيدان ألكسندر، والحامل للجنسية الأميركية إلى جانب جنسيته الإسرائيلية، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت “الحرب في غزة ستتوقف غدا ومعاناة سكان غزة ستنتهي على الفور، وكانت ستنتهي قبل أشهر، لو وافقت حماس على إطلاق سراح الرهائن”.

وأضاف سافيت “لقد رفضت القيام بذلك، ولكن كما قال الرئيس الأسبوع الماضي، لدينا فرصة حاسمة لإبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، ووقف الحرب، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة. هذه الصفقة مطروحة على الطاولة الآن”.

قبل تنصيب ترامب

ليس من الواضح بعد مدى الأولوية التي ستحظى بها أزمة غزة عندما يتولى الرئيس المنتخب منصبه، ودعا ترامب خلال حملته الانتخابية إلى إنهاء سريع للحرب، وقال مؤخرا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “عليك أن تنهيها وتفعل ذلك بسرعة”، وأضاف “احصل على انتصارك وتجاوزه، الحرب يجب أن تتوقف، يجب أن يتوقف القتل”.

وتواصل فريق بايدن مع فريق ترامب مرارا بعد اجتماع الرئيسين في البيت الأبيض قبل أسبوعين، حيث تطرقا إلى سبل التوصل لاتفاق حول غزة يوقف القتال ويفرج عن الرهائن. وعقب ذلك، أُثيرت القضية خلال اجتماع جيك سوليفان ومستشار الأمن القومي القادم لترامب، النائب مايكل والتز، وفي محادثة بين كبير مستشاري بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

في حين قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي عاد لتوه من زيارة سريعة لإسرائيل وللسعودية، إن ترامب يريد إنهاء القتال في غزة وإطلاق سراح الرهائن قبل دخوله البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني.

وتحدث غراهام لموقع أكسيوس، وأكد أن ترامب يضغط من أجل إنهاء القتل في الحرب بين إسرائيل وحماس حتى يتمكن من التركيز على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، من بين أهداف أخرى لسياسته الخارجية، بحسب غراهام.

غزة تختلف عن لبنان

رغم بعض التفاؤل في الأوساط الأميركية، إلا أن هناك شكوكا حول إمكانية التوصل لهدف وقف القتال في غزة خاصة بعدما كرس فريق بايدن للسياسة الخارجية، وعلى رأسه وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومساعدوه جون فينر وبريت ماكغورك، إلى جانب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، معظم العام الماضي دون تحقيق أي نجاح.

ورغم الفكرة القائلة إن وقف إطلاق النار في لبنان يمكن أن يؤدي إلى وقف لإطلاق النار مع حماس، يجادل بعض الخبراء العسكريين بعكس ذلك. وكتب الخبير دانيال ديبيتريس، الخبير بمركز أولويات الدفاع، على موقع إكس، يوضح أن غزة تختلف جذريا عن لبنان في عدة جوانب من أهمها عدم وجود رهائن إسرائيليين لدى حزب الله.

وقال “لم يكن لدى حزب الله أي رهائن إسرائيليين محتجزين لديه. وهذا جعل المفاوضات أسهل. لدى حماس، بالطبع، العشرات والعشرات من الرهائن وهي غير مستعدة لإطلاق سراحهم حتى يتم الوفاء بشروطها، انسحاب إسرائيلي كامل من غزة ونهاية دائمة للحرب. هذه هي المطالب التي لا يرغب نتنياهو في تلبيتها.

وأضاف ديبيتريس أن إستراتيجية حماس لا تعتمد على حزب الله، ومن غير المرجح أن يغير وقف إطلاق النار في لبنان حسابات نتنياهو.

في حين أشار جو تروزمان، الخبير بمنظمة الدفاع عن الديمقراطيات، المعروفة بقربها من إسرائيل، إلى أنه “على الرغم من اهتمام حماس المتجدد على ما يبدو بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ليس هناك ما يشير إلى أن عرضهم يختلف عما أعلنوه سابقا”.

ومنذ بداية الحرب، أعربت حماس عن اهتمامها بالتوصل إلى اتفاق، لكن جوهر المسألة، بحسب تروزمان، يكمن في حقيقة أن “مثل هذه الصفقة يجب أن تتماشى مع شروطها. ومن الأمور المحورية في مطالبهم انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وهي خطوة يعتبرونها ضرورية لضمان بقاء الحركة وتجديدها في المستقبل”.

شاركها.
Exit mobile version