واشنطن – دفع فارق 7 ساعات من التوقيت بين واشنطن وقطاع غزة الأميركيين، للاستيقاظ صباح السبت، على وقع الصدمة، إذ لم يصدقوا ولم يستوعبوا حجم عملية “طوفان الأقصى” ضد الاحتلال الإسرائيلي.

واستحوذت “طوفان الأقصى” على شاشات الشبكات الإخبارية التي غاب عنها الحديث عن أزمة السياسة الأميركية الداخلية، المتمثلة في خلو منصب رئيس مجلس النواب منذ أيام للمرة الأولى في تاريخ أميركا، بعد إقالة كيفين مكارثي، وما تبعها من بدء معركة اختيار بديل له.

في هذا السياق، قال صحفي أميركي يغطي القضايا الخارجية، “كما تعلم، هذه عطلة طويلة تمتد لثلاثة أيام حيث الاحتفال بيوم كولومبوس، وهو عطلة فدرالية وعيد وطني يُحتفل به في أكتوبر/تشرين الأول، وقد خططت مع عائلتي لقضاء العطلة الأخيرة قبل حلول برد الشتاء، لكن مع توالي وصول الأخبار، انتهت أحلام العُطلة”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الصحفي -الذي فضل عدم ذكر اسمه- “زملائي ممن يغطون الشأن الداخلي الأميركي، سخروا من عدم وجود قضايا خارجية ملحة للعمل عليها، في وقت ينشغلون فيه بما يجري في الكونغرس، واحتمال تعرض أميركا لإغلاق حكومي جديد بعد أسابيع، كل ذلك تغيّر الآن”.

بيت أبيض هادئ انقلب لخلية نحل

لم يتضمن جدول البيت الأبيض الذي يُرسل للصحفيين في واشنطن مساء الجمعة الماضية، أي فعاليات أو أحداث يشارك فيها الرئيس الأميركي خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتكرر الأمر نفسه مع وزارة الخارجية والبنتاغون.

ودفعت عملية “طوفان الأقصى” الرئيس بايدن للاجتماع بكبار أعضاء فريقه للأمن القومي، وهرع وزير الخارجية توني بلينكن ومدير وكالة الاستخبارات المركزية إلى البيت الأبيض، واضطر بايدن لإلقاء كلمة مختصرة جاءت في 120 كلمة فقط، ولم تستغرق أكثر من دقيقتين، بعدما تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

كما هاتف بلينكن عددا من مسؤولي دول الشرق الأوسط، وتحدث وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي. كما كان من المقرر أن يلقي مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز، خطابا رئيسا أمس السبت في مؤتمر للأمن القومي بولاية جورجيا، لكن أُلغي بسبب الأزمة في إسرائيل، حسب ما قالته المتحدثة باسمه تامي ثورب.

استرخاء أميركي غير مسوغ

تأتي العملية الصادمة في وقت استثمرت فيه إدارة بايدن كثيرا من الوقت والجهد في زيارات عديدة للمملكة السعودية، للدفع بمساعي التطبيع مع إسرائيل، وربما تكون الرغبة واللهفة لإنجاح هذه الصفقة، قد خلقت عمى بين الأميركيين والإسرائيليين على حد سواء، حول ما كان يحدث عبر الحدود في غزة.

وتؤمن النخبة السياسية في واشنطن بأن أي اتفاق بين السعودية وإسرائيل سيساعد الرئيس بايدن في تعزيز سجله في السياسة الخارجية في انتخابات 2024، ويمحو معه أي تأثير سلبي وذكريات الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

وكانت دوائر الشرق الأوسط داخل واشنطن قد انشغلت بالترقب والاحتفاء بما عدّوه توسيعا لنطاق (الاتفاقات الإبراهيمية)، وأُعلن عن زيارات تجريها وفود من مجلس الشيوخ للقاء زعماء دول عدة في الشرق الأوسط، من أجل الترويج والاطلاع على أحدث خطوات المسار التطبيعي، الذي نتج عن الاتفاقيات الإبراهيمية.

في المقابل، لم تُعِر واشنطن أي اهتمام للاقتحامات المتكررة من الجانب الإسرائيلي لساحات المسجد الأقصى، ولم تُدِن سقوط عشرات الضحايا الفلسطينيين في قطاع غزة والقدس على مدار الأسابيع الماضية، وافترضت أن ذلك هو الواقع الجديد.

كذلك كان وزير الخارجية بلينكن قد خطط لزيارة تل أبيب والرياض خلال الشهر الجاري، للخوض في تفاصيل تتعلق بصفقة التطبيع، التي تروج بها واشنطن بين إسرائيل والسعودية.

وقبل 9 أيام فقط، تفاخر مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، متحدثا في منتدى مجلة أتلانتيك، بالعديد من التطورات الإيجابية في الشرق الأوسط، وهي التطورات التي سمحت لإدارة بايدن بالتركيز على مناطق أخرى وقضايا مختلفة؛ مثل: الهدنة القائمة في اليمن، وتوقف المضايقات الإيرانية ضد القوات الأميركية، واستقرار الوجود الأميركي في العراق.

وقال سوليفان، إن “منطقة الشرق الأوسط اليوم أكثر هدوءا مما كانت عليه منذ عقدين من الزمن، أنا أخصص قليلا من الوقت للشرق الأوسط، وذلك على عكس كل مستشاري الأمن القومي خلال العقدين الأخيرين، خاصة منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001”.

شاركها.
Exit mobile version