غزة- فاقم منخفض جوي مصحوب بأمطار غزيرة ورياح شديدة، مأساة مئات آلاف النازحين في الخيام الكثيفة في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، حيث يقيم أكثر من مليون نازح، يمثلون نحو نصف سكان القطاع.

وطوال الليلة الماضية لم يعرف النوم طريقه إلى عيون النازحين، ومنهم أم أحمد علوش النازحة مع أسرتها من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة إلى منطقة المواصي غرب مدينة رفح.

تقيم أم أحمد في خيمة عبثت بها الأمطار والرياح، تقول للجزيرة نت “غرقنا جوا (داخل) الخيمة.. والله تعبنا، وحتى في حرب روسيا وأوكرانيا ما صار اللي بيصير فينا (الذي يحدث لنا) بغزة”.

ومن المتوقع أن تنحسر مع حلول ساعات مساء اليوم موجة التساقطات، غير أن النازحين يخشون من منخفض جوي آخر، يوم الجمعة المقبل، قد يكون أكثر قسوة.

غرق وتطاير خيام النازحين جراء الأمطار والرياح الشديدة (الجزيرة)

في مهب الريح

تقول أم أحمد، وقد اقتلعت الرياح خيمتها، التي تقيم بها مع بناتها الثلاث وزوجها، وغمرتها مياه الأمطار: “نتعرض لحرب إبادة إسرائيلية تستهدف كل الفلسطينيين”.

وبعينين دامعتين حزنا على حالها وأسرتها، كانت أم أحمد تحاول إصلاح ما أفسدته الأمطار والرياح، وهي ترتجف من البرد الشديد، وتعيد من جديد تثبيت الخيمة، التي لا تتمنى أن يطول المقام بها، وأن تعود إلى منزلها في مدينة غزة.

وتعد أم أحمد التي تبلغ من العمر 50 عاما واحدة من أغلب اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم حوالي 1.9 مليون شخص وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ويمثلون 85% من سكان القطاع الذين اضطروا للنزوح من منازلهم ومناطق إقامتهم؛ بسبب الحرب العنيفة التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ووسط أجواء عاصفة، تتواصل موجات النزوح إلى مدينة رفح على الحدود مع مصر، خاصة من مدينة خان يونس المجاورة، التي تشهد جرائم إسرائيلية مروعة مع استمرار العملية البرية، المصحوبة بقصف جوي وبري.

ولم يعد متسعا في ملاجئ أونروا، أو في المدارس والمرافق الحكومية، وحتى الشوارع أصبحت مكتظة بالنازحين المقيمين في خيام لا تقوى على مواجهة ظروف الطقس الصعبة.

المنخفض الجوي يتسبب في تفاقم مأساة الآلاف من النازحين في مدينة رفح (الجزيرة)

الحرب والطقس

وببضع كلمات وصف محمد نصر الله النازح من شمال القطاع، للجزيرة نت، الليلة العصيبة التي قضاها مع أسرته في خيمة قريبة من الحدود مع مصر، غرب مدينة رفح، بالقول “قصف وجوع ورعب ومطر”.

ويعيش سكان رفح والنازحون إليها على أصوات انفجارات ضخمة تُسمع على مسافات بعيدة من مدينة خان يونس، والمسافة بينهما نحو 11 كيلومترا.

ويقول محمد، ويقيم مع أفراد أسرته الخمسة ووالدة زوجته في خيمة صغيرة منذ أن اضطر إلى النزوح من جباليا في شمال القطاع إلى رفح، قبل نحو 3 أشهر، “كانت ليلة صعبة للغاية، واختلطت فيها أصوات الرعد والبرق والرياح مع انفجارات الصواريخ والقذائف”.

ويكرر محمد “حياتنا مأساة”، ويقول “والله الحرب كرهتني في المطر والشتاء أجمل فصول السنة (..) يكفي والله حرام هيك”.

وتزداد خشية محمد على أطفاله من إصابتهم بالأمراض، نتيجة الأمطار والبرد الشديد، وعدم توفر الفراش والأغطية المناسبة.

وحذرت الأمم المتحدة من كارثة صحية عامة في القطاع، ومن انتشار الأمراض الفتاكة والأوبئة بين سكانه، كما اعترفت وكالة إغاثة تابعة لها بأن سكان غزة يواجهون القصف والحرمان والأمراض والجوع “في مساحة تتقلص باستمرار”.

كارثة صحية

وتصف وزارة الصحة في غزة الواقع الصحي بأنه “كارثي ومؤلم للغاية”، ورصدت انتشارا كبيرا للأوبئة والأمراض المعدية والأمراض التنفسية في أوساط السكان والنازحين، خاصة في مدينة رفح.

وقال رئيس لجنة الطوارئ الصحية في رفح الدكتور مروان الهمص للجزيرة نت إن هذه الأمراض تنتشر على نحو خاص بين الأطفال، وأكثرها النزلات المعوية والكبد الوبائي والالتهابات الصدرية والتنفسية.

وأدى النزوح الكبير لمدينة رفح إلى ضغط هائل على مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الصغير والوحيد بالمدينة.

ويقول الهمص الذي يرأس هذا المستشفى إن “تكدس النازحين في الخيام ومراكز الإيواء، وفي ظل هذا الطقس الصعب، ومع قلة النظافة والتعقيم والغذاء، يؤدي إلى تفش كبير للأمراض، ويزداد الأمر صعوبة مع النقص الكبير في الأدوية وعدم توفر الفيتامينات والمضادات الحيوية”.

شاركها.
Exit mobile version