اكتفى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوصف ما تفعله إسرائيل في غزة بأنه “أمر مخز”، ولكن الأمر المخزي والعار الحقيقي هو الاكتفاء بهذه الكلمات من دون فعل أي شيء لمنع الإبادة الجماعية المستمرة، حسب ما ورد في موقع ميديا بارت.

هكذا لخص الموقع -في تقرير بقلم إدوي بلينيل- إحاطة توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أمام مجلس الأمن، حين أخبر المجتمع الدولي عن “الفظائع التي نشهدها يوميا في غزة”، ووصفها بأنها مهمة شريرة.

وتساءل فليتشر: ماذا سنقول للأجيال القادمة؟ وقال للدبلوماسيين المجتمعين في نيويورك إن القول “إننا فعلنا كل ما بوسعنا كلام فارغ”. ووصف الأوضاع، ثم قال “هذا ما نراه. ومع ذلك يسمح العالم بحدوثه، في مزيج من التواطؤ واللامبالاة والعجز”.

وتابع الوكيل “هكذا تفرض إسرائيل عمدا وبلا خجل ظروفا غير إنسانية على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. ولأكثر من 10 أسابيع، لم يدخل غزة أي شيء، لا طعام ولا دواء ولا ماء ولا خيام، وقد هجرت إسرائيل مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرا وحبستهم في مساحات تتقلص باستمرار”.

إنذارات الأمم المتحدة

وخاطب فليتشر الدبلوماسيين قائلا “يواجه كل فرد من بين 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة خطر الموت جوعا، رغم أنكم موّلتم الغذاء الذي كان من الممكن أن ينقذهم”. وذكّر بأن المستشفيات القليلة التي نجت من القصف مثقلة بالمرضى، مضيفا “بعد زيارتي لما تبقى من المنظومة الطبية في غزة، أستطيع أن أؤكد لكم أن الموت بهذا الحجم له صوت ورائحة لن تفارقكم”، ومع ذلك يقال لنا “لقد بذلنا كل ما في وسعنا”.

وليس الأمر مقتصرا على غزة -كما يقول الموقع- بل يتزايد العنف المروع في الضفة الغربية أيضا، حيث بلغ الوضع أسوأ مستوياته منذ عقود، واستخدم الاحتلال الأسلحة الثقيلة وأساليب الحرب العسكرية والقوة المفرطة والتهجير القسري والهدم وتقييد الحركة.

وما زالت المستوطنات تتوسع، وعنف المستوطنين مستمر بمستويات مثيرة للقلق، وأحيانا بدعم من القوات الإسرائيلية، وقد اختطف مستوطنون مؤخرا فتاة تبلغ من العمر 13 عاما وشقيقها البالغ من العمر 3 سنوات، وعثر عليهما مربوطين بشجرة، فهل يجب أن نقول لهما أيضا “لقد بذلنا قصارى جهدنا”؟

وفي اليوم التالي لهذا العرض استكملته أنجليكا جاكومي، مديرة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إذ حذّرت جاكومي من أن “خطر المجاعة وشيك”، وأصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نشرته الأسبوعية عن الوضع في غزة.

وجاء في التقرير الذي يصدر كل أربعاء أن 275 فلسطينيا قتلوا وجرح 949 بين يومي 7 و14 مايو/أيار 2025. وفي الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و14 مايو/أيار 2025 قُتل ما لا يقل عن 52 ألفا و928 فلسطينيا وجرح 119 ألفا و846 آخرين.

إبادة جماعية

ومع أن الحصار الشامل الذي يخضع له قطاع غزة الصغير المكتظ أيقظ بعض الوعي المتأخر، فإن ذلك لم يغير من تقاعس العالم، فقد رفض الرئيس الفرنسي ذكر كلمة “إبادة جماعية”، وأكد أن هذا الأمر يخص المؤرخين وحدهم.

ولكن كلام توم فليتشر يرد مسبقا على الرئيس بأن “محكمة العدل الدولية تنظر في مسألة وجود إبادة جماعية من عدمه في غزة، وتساءل: ما الأدلة الإضافية التي تحتاجونها الآن؟ هل ستتحركون بحزم لمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟ أم تفضلون القول “لقد فعلنا كل ما في وسعنا”؟

لم تعد مسألة الإبادة الجماعية موضع نقاش كبير بين المحامين والعاملين في المجال الإنساني، فقد تم توثيقها من قبل منظمة العفو الدولية وأطباء بلا حدود وهيومن رايتس ووتش، بعد أن تم توثيقها في وقت مبكر من قبل فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومع ذلك ما زال “مطلق السراح” ذلك الشخص المسؤول عن هذه الجرائم واسمه بنيامين نتنياهو، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وقت وقوع الأحداث، وهو مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية “للاشتباه في مسؤوليته عن جرائم الحرب المتمثلة في تجويع المدنيين عمدا كأسلوب من أساليب الحرب وتوجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين، وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال غير الإنسانية.

شاركها.
Exit mobile version