مع تصدر صراع ناغورني قره باغ عناوين الصحف بعد تجدد الأعمال العسكرية الأخيرة، فقد حان الوقت للنظر في طريقة إنشاء موسكو خطوط الصدع على مدى عقود، بل وحتى قرون داخل روسيا وحولها لأغراض استعمارية، كما يقول مالك كايلان، كاتب هذا المقال في مجلة “فوربس” الأميركية.

ويوضح كايلان أن كل الإمبراطوريات فعلت ذلك، وأن موسكو هي آخر من يسير في هذا الطريق ولن تخوضه بهدوء، ويرى أن معظم الناس ينسون أو يجهلون تماما أماكن زراعة حقول الألغام الجيوإستراتيجية، ولذلك عندما تنفجر تبدو وكأنها عداوات قديمة تشتعل تلقائيا في المناطق النائية المظلمة.

ويضيف أن العديد من هذه المناطق ظلت مضطربة ونائية ومظلمة عمدا من قبل موسكو، ولذا عندما دخلت قوات حفظ السلام الروسية، كان العالم سعيدا بالسماح بذلك.

ويذكر الكاتب أن روسيا تسيطر على المنطقة منذ عام 1813، مما يؤجج التوترات باستمرار، وشهد تفكك الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي قيام القوات الروسية بإثارة الحرب الأهلية هناك والمشاركة فيها بشكل نشط. وهذا مجرد جزء واحد من القوقاز.

النزعة الانفصالية

وفي جورجيا المجاورة، قامت موسكو بتعزيز النزعة الانفصالية العرقية على الحدود، حتى إذا ما كان هناك أدنى علامة على الاستقلال عن تبليسي، يمكن أن تتفجر الأوضاع على طول خط الصدع.

وفجأة أصبحت مقاطعتا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية (في الشمال) تكرهان جورجيا وتريدان الانفصال، وتتوسلان للروس للمساعدة في ذلك، وهو ما حدث في أوائل التسعينيات عندما كان من المفترض أن تكون روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي ضعيفة وعاجزة.

ومن ناحية أخرى انتفض الشيشان مرتين واضطروا إلى مواجهة إبادة جماعية مرة أخرى أسفرت عن نحو 100 ألف قتيل في العاصمة وحدها، قبل أن يحكمهم رمضان قديروف “المسلم دمية موسكو”، بحسب الكاتب. وهو الذي يساعد الآن موسكو في أوكرانيا بمليشياته الشيشانية.

رسم توضيحي قديم لعائلة تشاسور الإمبراطورية الروسية أمام كرملين موسكو (شترستوك)

وإلى الشرق في آسيا الوسطى، كان من بين الحروب الأهلية الصغيرة التي اندلعت تلك التي شهدت الظاهرة الغريبة المتمثلة في أتراك الأهيسكا الذين أخرجهم ستالين من أراضيهم الجورجية إلى أوزبكستان. فإذا بهم يقومون فجأة بأعمال شغب ويقاتلون جيرانهم الأوزبك، أو العكس. ووردت حينها أنباء عن حدوث استفزازات غريبة لتأجيج الوضع.

أذرع موسكو

ومن الغريب جدا، كما يروي الكاتب، أن الأوزبك يميلون إلى التسامح الكامل مع التنوع، وليس أقله الشعب التركي. واضطر شعب أهيسكا إلى الرحيل مرة أخرى وتفرقوا، بعضهم إلى أوكرانيا حيث أدى الغزو الروسي هناك إلى نزوحهم مرة أخرى.

وفي الوقت نفسه في التسعينيات، في المناطق المحظورة حيث تلتقي الحدود الأوزبكية والكازاخية والقرغيزية، عزز الروس مليشيا من الإسلاميين المسلحين الذين، منذ عام 1999 فصاعدا، نفذوا هجمات متكررة داخل أوزبكستان.

وذكر الكاتب أن كل هذا مسجل في كتاب للصحفي الباكستاني المرموق أحمد رشيد بعنوان “الجهاد: صعود الإسلام المتشدد في آسيا الوسطى”. وعلق بأن الروس هم الذين يقفون وراء تعزيز الإسلام المتطرف، لمن لا يعرف ذلك.

وانتقل الكاتب إلى ذكر أذرع موسكو الأبعد مثل صربيا، وحتى وقت قريب بلغاريا، وكيف أن مثل هذه البلدان تستمر في تعاطفها مع روسيا باعتبارها المنقذ من “نير” العثمانيين بتدخل القيصر.

لكن البلغار تابوا أخيرا عن أوهامهم، بعد رؤية الأحداث في أوكرانيا، ويميلون الآن إلى تفضيل العلاقات الأوروبية.

وختم بأن الصرب ما زالوا يعتبرون أنفسهم سلافيين مضطهدين، ويبدو أنهم على استعداد للتسبب في استفزازات في كوسوفو لإعطاء موسكو نفوذا ضد حلف شمال الأطلسي (ناتو).

شاركها.
Exit mobile version