|

القدس المحتلة – كشفت وثيقة من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النقاب عن فشل المنظومة الدعائية في الترويج لرواية إسرائيل بكل ما يتعلق في الحرب على قطاع غزة ولبنان، وهو الفشل المتواصل منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، مع تقدم الرواية الفلسطينية على مستوى الرأي العالم العالمي.

وتقول الوثيقة التي كشف عن مضمونها الموقع الإلكتروني “شومريم”، إن “الضرر واضح ويزداد سوءا كل يوم”. ووفقا لها، فإنه بعد مرور عام على الحرب التي اندلعت عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مستوطنات “غلاف غزة”، لا يزال نظام المعلومات الإسرائيلي يعاني من مشاكل في العمل، حيث لا يوجد رئيس له منذ مايو/أيار الماضي.

وتكشف الوثيقة عن عدم وجود رئيس للفريق الدعائي، والعقود مع المروجين والمحللين والمتحدثين باللغة الإنجليزية غير منظمة، وليس هناك مسؤول يحرر ويمثل الرواية الإسرائيلية وسياسة الحكومة وأعمالها من خلال رسالة موحدة وواضحة ومتسقة في إسرائيل وخارجها، وكذلك الإشراف على صياغة الإستراتيجية المعلوماتية وعرضها على صناع القرار.

“صحفيون في المرمى” بحث يستعرض تعمّد جيش الاحتلال استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام خلال الحرب (الجزيرة)

تضليل وتزييف

مع إطالة أمد الحرب، أخذ الفشل الدعائي الإسرائيلي مناحي أخرى بالتمادي في استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام في الداخل الفلسطيني والقدس وقطاع غزة، وهو ما تناوله بحث بعنوان “صحفيون في المرمى” أعدّته الدكتورة أفنان كناعنة، وصدر عن “إعلام- المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث” في الناصرة.

واستعرض البحث الدعاية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة، والصيغة التي أوجدها جيش الاحتلال في تغطيتها بفرض التعتيم الإعلامي والرقابة على طبيعة المعارك والعلميات العسكرية، مع استهداف متعمد للصحافة والإعلام، حيث استشهد 176 صحفيا بالقطاع بنيران الاحتلال، الذي سعى من خلال استهداف الإعلام “للسيطرة على الوعي وطمس الرواية الفلسطينية”.

خلود مصالحة تؤكد أن الرواية الإسرائيلية فشلت في الصمود أمام التحديات الجديدة (الجزيرة)

وعزت مديرة “مركز إعلام” خلود مصالحة أسباب الفشل إلى كون الدعاية الإسرائيلية لجأت منذ بداية الحرب إلى الكذب والتضليل والتزييف، في وقت كان فيه هناك جهات وأطراف كثيرة لديهم كل الإمكانيات لفضح هذا النهج.

واستعرضت -في حديث للجزيرة نت- الآليات والوسائل التي مكنت من فضح زيف الرواية الإسرائيلية، وأبرزها شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تقل تأثيرا عن الإعلام التقليدي، وتُعد “سلطة ليست أقل أهمية من وسائل الإعلام التي يُنظر إليها عالميا على أنها سلطة رابعة”.

وتعتقد أن وسائل الإعلام البديلية مكنت من إظهار الحقائق عبر تحقيقات خاصة كشفت توظيف الاحتلال الذكاء الاصطناعي في حرب الإبادة على غزة، وفضحت ممارساته ضد الأسرى الفلسطينيين في معتقل “سدي تيمان”، في حين كانت السردية الإسرائيلية تتناقض مع ما ينشر بالذات في الإعلام الأجنبي.

فشل وتناقض

ولفتت مصالحة إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية -وخلافا للإعلام الأجنبي والبديل- لم تركز في تغطيتها ولم تضع في سلم أولوياتها جرائم الحرب والضحايا المدنيين، واستخدام جيش الاحتلال للوسائل العسكرية المحرمة دوليا على اعتبار أنها “مجندة وجزء من المؤسسة الأمنية الرسمية، وتشكّل بوقا للمؤسسة العسكرية طوال سير الحرب”.

كما أن الرقابة العسكرية المشددة التي ترافق سير الحرب كانت توجه السردية الإسرائيلية نحو مسارات ممنهجة يتم الحديث عنها، لذلك لم تنجح هذه الرواية في الصمود أمام هذه التحديات الجديدة التي لم تكن في الحروب السابقة، وفق مصالحة.

وعن تداعيات فشل المنظومة الدعائية الإسرائيلية، ترى مديرة مركز إعلام أن ذلك تجلى في التأثير على الرأي العام العالمي الذي بات -بغالبيته العظمى- مدافعا عن الرواية الفلسطينية ومعارضا لإسرائيل، و”هي تحولات مهمة وإن لم تصل بهذه المرحلة إلى مستوى من التأثير على رأس الهرم وقرارات الدول”.

بدوره، يعتقد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي طه إغبارية أن فشل الرواية الإسرائيلية في تسويق سرديتها للعالم حول الحرب عقب “طوفان الأقصى”، يعود بالأساس إلى تفوق وتقدم الرواية الفلسطينية في ظل حرب الإبادة في غزة.

ورجح إغبارية -للجزيرة نت- أن الرواية الإسرائيلية التي اعتمدت على شخص نتنياهو وتصريحاته، أظهرت تراجعها وفشلها في ظل العزلة الدولية على مستوى الشعوب بالعالم والتي فُرضت على إسرائيل بسبب المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.

نظام المعلومات الإسرائيلي يعاني مشاكل ويفشل في ترويج السردية الإسرائيلية للإعلام الأجنبي (الصحافة الأجنبية)

تداعيات

وعلى الرغم من هذا الفشل، فإن السردية الإسرائيلية -باعتقاد المحلل إغبارية- ما زالت حاضرة على مستوى الكثير من أنظمة الحكم بأوروبا والإدارة الأميركية التي ما زالت تتماهى معها، رغم التحول المضاد على مستوى الرأي العام لشعوب العالم.

وقدّر أن هذه الشعوب بدأت تفهم أكثر الرواية الفلسطينية وتبدي تعاطفا أكثر مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للمجازر والإبادة في قطاع غزة، وبذلك عادت القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى وجدان شعوب العالم، و”هذا هو الفشل من وجهة النظر الإسرائيلية”.

ورجح المحلل السياسي أن تتقدم الرواية الفلسطينية وتراجع نظيرتها الإسرائيلية فشلها عالميا، مما سينعكس سلبا على تل أبيب التي ما زالت في هذه المرحلة تفعل ما تريد على جبهتي قطاع غزة ولبنان.

وأرجع عدم إحداث تغيير في مواقف الدول الكبرى إلى عدم تمكن الرأي العام العالمي من تشكيل ضغوط على الحكومات الغربية والإدارة الأميركية، وإجبارها على تغيير سلوكها ونهجها الداعم للحكومة الإسرائيلية في الحرب على غزة ولبنان.

وفي قراءة لتداعيات فشل سرديتها، يقول إغبارية إن إسرائيل، التي كانت تتوقع أن يتضامن العالم معها رغم المجازر التي ترتكبها في غزة ولبنان، تواجه المزيد من العزلة الدولية على مستوى الشعوب، وقد تصطدم حتى بمعارضة من قبل بعض الحكومات الأجنبية في حال توسع التصعيد إلى حرب شاملة بالشرق الأوسط.

شاركها.
Exit mobile version