بيت لحم- في استهداف جديد يُكشف عنه لأول مرة، استولى مستوطنون إسرائيليون على عدة كهوف فلسطينية منتشرة شرقي مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، بعد طرد أصحابها منها، وحولوها إلى مزارات سياحية.

ووفق مسؤول فلسطيني، فإن المستوطنين وبمساعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي استغلوا العدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لطرد المزارعين الفلسطينيين من مساحات واسعة بمناطق برية تتبع قرى شرقي مدينة بيت لحم، وتقدر مساحتها بعشرات آلاف الدونمات، ثم ترميمها والترويج لها كمواقع للمبيت.

مناطق برية شرقي بيت لحم من بين آلاف الدونمات التي تمت مصادرتها وطرد سكانها في الأشهر الأخيرة (الجزيرة)

تهجير قسري

عائلة صقر جبرين، واحدة من عدة عائلات فلسطينية تعرّضت للهجرة القسرية بفعل اعتداءات المستوطنين، وحُرمت جراء ذلك من فلاحة أرضها ورعي أغنامها والعودة إليها.

يقول جبرين -في حديثه للجزيرة نت- إن عائلته المكونة من 10 أفراد كانت تقيم في كهف، وإلى جانبه “برَكس”، وهو مبنى من الصفيح يُستخدم لمبيت الأغنام وحفظ الأعلاف “لكن بعد الحرب على غزة تم طردنا من أرضنا، فاضطررنا للانتقال إلى بلدة تقوع (شرقي بيت لحم) ولم نتمكن من العودة إلى أملاكنا ومساكننا”.

وأضاف “قام المستوطنون باحتلال المغارة، وترميمها والسكن فيها وتفكيك البركس ورمي أغراضنا ومنها الأغطية والفرشات”. وقال إنه صُدم بعدما رأى الكهف الذي كان يؤويه وقد تحوّل إلى مزار تحت سيطرة المستوطنين الذين يستخدمونه للترويج السياحي.

وأشار جبرين إلى تكرار الأمر ذاته مع غيره من المواطنين، وقال “على الأقل أعرف 6 أو 7 عائلات حصل لها الشيء نفسه، وتم تهجيرها وقطع الطرق التي تؤدي إلى كهوفها وأراضيها”.

ووفق توثيق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، فإنها رصدت تهجير 6 عائلات فلسطينية تعداد أفرادها بالعشرات من المنطقة البرية شرقي بلدة تقوع التابعة لبيت لحم، مما اضطر سكانها إلى العودة للقرى الشرقية.

ترويج سياحي

ويقول مدير مكتب الهيئة في بيت لحم حسن بريجية إنه لا تتوفر لدى الهيئة إحصائية دقيقة ونهائية حول ما يجري في مناطق شاسعة شرقي المحافظة.

وأضاف بريجية -للجزيرة نت- أن حسابات إسرائيلية بدأت مؤخرا بنشر مواد دعائية على شبكات التواصل الاجتماعي للكهوف التي تم طرد أصحابها كأماكن للسياحة والنوم، ورفعوا عليها العلم الإسرائيلي، بعد إجراء عمليات ترميم فيها ووضع أسرّة وخزائن داخلها.

وقال بريجية إن ما يجري “يهدف إلى جلب المستوطنين إلى تلك المنطقة ضمن مخطط “الاستيطان السياحي” الذي بدأ ينتشر بشكل واسع، إضافة إلى ما تُعرف بالبؤر الرعوية، وهي بؤر يقيم فيها رعاة أغنام من المستوطنين، ويستخدمون مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين، ويحظرون دخول أصحابها إليها”.

ووفق المسؤول الفلسطيني، فإن جميع الكهوف معروفة بأسماء أصحابها الفلسطينيين الذين كانوا يستخدمونها للنوم ومبيت الأغنام وحفظ الأعلاف قبل تهجيرهم منها، وبعضها كان يستخدمها أصحابها في المواسم، أو في عطلة نهاية الأسبوع.

ووصف بريجية ما يجري بأنه “جريمة حرب يقوم بها الاحتلال والمستوطنون بترحيلهم القسري للعائلات الفلسطينية وأطفالها من أراضيهم ذات الملكية الخاصة وجلب مستوطنين مكانهم”.

وعن فُرص التوجه للقضاء الإسرائيلي لاستعادة الكهوف، قال إن أصحابها يتخوفون من التوجه إلى مراكز الشرطة لرفع شكاوى، لأنها تقع داخل المستوطنات ولأن القضاء الإسرائيلي لم يكن عادلا في قضايا مشابهة.

وأشار إلى اعتزام هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية توكيل محامٍ في القضية لإيقاف الاعتداء على كهوف السكان وأراضيهم وإعادة أصحابها إليها.

استباحة البادية

من جهتها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان الاثنين، إن “اليمين الإسرائيلي الحاكم يفتعل التصعيد لتطبيق نسخة الدمار والتهجير في قطاع غزة على الضفة”.

وأشارت الوزارة إلى “استباحة المستوطنين للبادية الفلسطينية والتجمعات البدوية ومنازلها وكهوفها في عموم الضفة الغربية المحتلة، كما يحصل باستمرار في جميع مناطق الأغوار ومسافر يطا والمناطق الشرقية من بيت لحم”.

وتابعت أن “غلاة المستعمرين المسلحين وبحماية من جيش الاحتلال يواصلون جرائم تهجير تلك التجمعات والتنكيل بهم وفرض النزوح القسري عليهم لإخلاء الأراضي التي يسكنون فيها لتخصيصها لصالح الاستيطان”.

ووفق التقرير السنوي لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد جرى خلال 2023 تهجير 25 تجمعا بدويا فلسطينيا تضم 1517 فردا، أغلبهم هُجّروا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

شاركها.
Exit mobile version