القدس المحتلة- “ما زال الطريق طويلا للحسم، حيث تبين أن حركة حماس هي جيش إرهاب لا ينتهي.. مشاهد من مدينة خان يونس”، بهذه الكلمات عنون المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” يوآف زيتون، تقريره الذي سجل من خلاله انطباعاته عن المعارك البرية في الشجاعية وجباليا وخان يونس.

وتنسجم هذه الانطباعات التي وثقها المراسل العسكري خلال مرافقته لقوات الاحتلال، مع الاعتقاد السائد لدى الجيش الإسرائيلي أن الحرب على غزة سوف تستمر لعدة أشهر مقبلة، وأي إعلان عن تدمير قوة حماس العسكري وإسقاط حكمها بالقطاع قريبا يعتبر منفصلا عن الواقع.

في خان يونس، يصف زيتون المعارك البرية والاشتباكات، بالقول “أصبح القتال إلى جانب وجود السكان المدنيين الذين لم يتم إجلاؤهم بطيئا وخطيرا، فالجنود يتحضرون لشن هجمات خاصة على أهداف محددة، فجأة يطلق المسلحون قنابل يدوية حتى من المدن والمناطق التي نزح سكانها”.

ولفت المراسل العسكري إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعين بعناصر وحدة “الكوماندوز” لتنفيذ عمليات وإجراءات خاصة التي من شأنها أن تهز قفص -بالإشارة إلى شبكة الأنفاق- الذي يختبئ به كبار مسؤولي حماس، لكن دون جدوى فعلى النقيض من شمال قطاع غزة، فإن الوضع في خان يونس مختلف وأكثر تعقيدا.

 الحرب لا تزال طويلة

يتحرك الجنود من فرق الكتائب القتالية بالدبابات والجرافات الهندسية والمشاة لمهاجمة الأهداف المحددة، لكن يقول المراسل العسكري “يواصل سكان غزة في بعض الحالات روتينهم وحياتهم العادية بجوار القوات الإسرائيلية، يتنقلون في المتاجر والمدارس والمؤسسات العامة المدنية التابعة لحماس والمراكز التجارية”.

وفي ظل هذا الواقع، سيتعين على قوات الجيش الإسرائيلي في خان يونس أيضا، يقول المراسل العسكري “التعامل مع آلاف آخرين من مقاتلي حماس الذين تمكنوا من الفرار من شمال قطاع غزة في بداية المناورة البرية، وعززوا الكتائب المحلية في المدينة”.

ويضيف زيتون تنقسم مهمة الجيش الإسرائيلي في خان يونس “إلى بعدين، المدينة العلوية المرئية للعين، والبعد السفلي، الذي تم تصميمه كعالم منفصل تحت الأرض ضمن شبكة الأنفاق، حيث، وفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، يوجد هناك كبار قادة حماس”.

ويقدم المراسل الحربي ذاته ما يعتبره “دلائل مهمة على سيطرة حماس على كتائب خان يونس”، ليستنتج أن العملية العسكرية بالمدينة يجب أن تستمر لعدة أسابيع أخرى، ربما مع أولوية تعميق التوغل، لكن دون المزيد من القتال في الأحياء المكتظة، أو في المباني الشاهقة، وتركيز القتال بالمناطق الريفية المفتوحة.

ويؤكد المراسل أن جيوب مقاومة أخرى، حسب تعبيره، لا تزال حتى في شمال قطاع غزة، ويقول المراسل العسكري “قوات الجيش التي وصلت وسيطرت على المنطقة في بداية المناورة البرية ما زالت تواجه مقاومة، وتخوض اشتباكات مسلحة مع مقاتلي حماس، وهذا هو الواقع في جباليا والشجاعية”.

مع ترسانة حماس والعتاد والوسائل العسكرية التي لا تنتهي، خلص المراسل العسكري إلى القول إن “الجيش الإسرائيلي وصل إلى قناعة أن نهاية الحرب لا تزال على بعد أشهر عديدة، وكل إعلان وشيك عن هزيمة حماس وتدميرها بالتأكيد منفصل عن الواقع وبمثابة وهم وسراب”.

صفقة تبادل شاملة

وفي السياق ذاته، استعرض المحلل العسكري لدى صحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هرئيل، الأهداف الإسرائيلية المعلنة من وراء الحرب والعلمية العسكرية البرية في القطاع، والملخصة بإسقاط حكم حماس وتدمير قوتها العسكرية، وتحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين، قائلا إن “هدفي العملية البرية يتصادمان من جديد، وكل يوم إضافي يشكل خطرا مميتا على المختطفين”.

وبعد شهر ونصف من التوغل البري في القطاع، يقول المحلل العسكري “من الصعب أن نرى كيف يمكن للجيش تفكيك حكم حماس وتحرير المحتجزين، فعلى رغم مطالب أهالي المخطوفين فإن الحكومة الإسرائيلية تماطل في استئناف المفاوضات بسبب تخوفات الجيش من المساس باستمرار القتال، وكذلك لاعتبارات نتنياهو السياسية”.

وأوضح المتحدث ذاته أن حادثة حي الشجاعية ومقتل 3 مختطفين بنيران الجيش الإسرائيلي عن طريق الخطأ، تظهر أن التوغل البري واشتداد العلميات العسكرية لم تحرر أي رهينة، ولو واحدة على قيد الحياة، بل ثبت أنها تشكل تهديدا مميتا على حياة المحتجزين، كما أنها كبدت الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالقوات من الضباط والجنود.

ويعتقد المحلل العسكري لو أن الحادث في حي الشجاعية انتهى “بالإنقاذ البطولي للمختطفين، فلا شك أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كان سيخاطب الجمهور الإسرائيلي، ويتباهى بأن سياسته الحازمة ضد الإرهاب هي وحدها التي أدت إلى تحقيق إنجاز”.

ولكن على أرض الواقع، يقول المحلل العسكري “حدث العكس، اختفى نتنياهو بكل بساطة وكأنه ليس زعيما، فهو يخشى تفكك حكومته إذا خضع لصفقة شاملة التي من شأنها إفراغ السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، في حين لا يرغب الجيش في وقف القتال من أجل صفقة صغيرة، خوفا من فقدان زخم الهجوم في شمال قطاع غزة وجنوبه”.

نجاحات تكتيكية لحماس

وفي مؤشر لعدم مساهمة التوغل البري من تحرير أي من المحتجزين، ووقائع الاشتباكات والمعارك في شمال القطاع، وفي المناطق التي أعلن الجيش أنها تحت سيطرته العسكرية، يرى المراسل العسكري لصحيفة “معاريف”، ليف رام، أنه “لم يكن هناك مجال للتصريحات وكأن النصر قريب”.

من وجهة نظر المحلل العسكري، فإن الحرب في غزة ليست حربا استعراضية، قائلا إن “هذه حرب صعبة تتطلب وقتا وإدراكا أنه إلى جانب الإنجازات العملياتية، ستكون هناك أيضا أحداث صعبة للجيش، ونجاحات تكتيكية لحماس التي هي أبعد ما تكون عن رفع الراية البيضاء”.

وانطلاقا من افتراض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، يقول رام إنه “حتى يتم تفكيك القدرات العسكرية لحماس، فإن الأمر يتطلب أشهرا عديدة من القتال، إذ إن الهدف الأكثر إلحاحا هو مهمة إعادة المختطفين إلى البلاد”.

المناورة لم تحرر المحتجزين

وأوضح المحلل العسكري أن حادثة الشجاعية تظهر بشكل جيد مدى الحاجة إلى تحرير المختطفين، لافتا إلى أنه كان من الممكن الاستجابة لمطلب وقف القتال من أجل إطلاق سراح مجموعة أخرى من المختطفين ضمن صفقة تبادل، لكن يقول “لم يكن هناك بالفعل مخطط تفصيلي على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية التي تمسكت بالخيار العسكري”.

ولفت المتحدث نفسه إلى أن المؤسسة الإسرائيلية ما زالت تتمسك بالموقف الذي يدعي أن الضغط العسكري المستمر على حماس هو وحده الذي سيؤدي إلى تقدم في قضية المختطفين، ويستدرك، في السياق ذاته، “الجيش الإسرائيلي يواصل هجماته المكثفة بالقطاع وضغوطات عسكرية على قادة حماس، لكن دون أي تقدم في قضية المختطفين حتى هذه المرحلة”.

ويعتقد رام أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أيقنت مدى أهمية الاحتجاجات والضغوطات التي تمارسها عائلات المختطفين على الحكومة، وعلى الرأي العام الإسرائيلي، إذ باتت تطالب كشرط مسبق لإجراء مفاوضات جديدة لتبادل الأسرى بوقف الجيش الإسرائيلي لإطلاق النار فورا.

شاركها.
Exit mobile version