يرى خبراء ومحللون سياسيون أن المجتمع الإسرائيلي أصبح يعيش حالة انقسام لا يهدد فقط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وإنما يهدد الدولة التي تعيش مكوناتها خلافات عميقة وضعفا بنيويا كشفته عملية طوفان الأقصى.

ووفقا للأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، فإن إسرائيل تعيش تمزقا داخليا كبيرا ليس فقط بسبب الخلافات الحزبية وإنما أيضا بسبب إدراك المجتمع بأن نتنياهو لا يخدم إلا نفسه وأنه مستعد لقتل كافة الأسرى من أجل مصلحته.

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟” قال البرغوثي إن فشل إسرائيل في تحقيق أي من أهداف الحرب وتوجهها لتجنيد اليهود المتدنيين يدفعان المجتمع للتساؤل عن الثمن المطلوب منه دفعه من أجل تحقيق أهداف نتنياهو.

واتفق الخبير بالشأن الإسرائيلي مهند مصطفى مع حديث البرغوثي بقوله إن إسرائيل تعيش انقساما كبيرا بعدما كانت موحدة بقوة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤكدا أن الخلاف يتعلق بأولويات وأهداف الحرب وليس بالحرب نفسها.

ويمثل توقيع اتفاق تبادل أسرى جديد مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أحد أوجه هذا الانقسام، كونه مرهونا بخلفيات سياسية وإيديولوجية حيث يؤيده العلمانيون ويرفضه المتطرفون، كما يقول الخبير بالشأن الإسرائيلي.

ويرى أن نتنياهو “يمثل حجر الأساس في تفتيت إسرائيل لأنه يتعامل مع هذا الأمر كركيزة لبقائه في السلطة” مشيرا إلى أن قانون تجنيد الحريديم (الكاثوليك) قد يهدد (مستقبل) الحكومة لأنه يحمل أبعادا سياسية واقتصادية ودينية.

بالتالي -يضيف الخبير بالشأن الإسرائيلي- فإن كل أمر في إسرائيل يشهد انقساما بما في ذلك أولويات الحرب وزيارة عضو مجلس الحرب بيني غانتس لأميركا دون علم نتنياهو، فضلا عن صفقة التبادل المحتملة.

أما الكاتب الصحفي الأميركي بيتر أوبورن فيرى أن إسرائيل كانت واضحة في أهداف حربها، وأنها تعاقب الفلسطينيين وليس حماس.

وقال أوبورن إن نتنياهو يواصل العمل على تحقيق هذا الهدف ليس فقط عسكريا وإنما بالعقاب الجماعي لسكان غزة، مستندا إلى دعم أميركي غير مشروط.

وأضاف أن واشنطن “مارست سياسة فظيعة أدت لنتائج إنسانية كارثية” مؤكدا أن نتنياهو “ما كان له أن يفعل كل هذا دون دعم أميركي”.

محاولة أميركية متأخرة

ويرى الكاتب الأميركي أن هناك مؤشرات على أن أسبابا شخصية وانتخابية تتحكم حاليا في موقف الرئيس جو بايدن الذي يحاول الانفصال عن نتنياهو، وفق تعبيره.

لكن أوبورن يقول إن الوقت قد تأخر أكثر من اللازم “لأن يدي بايدن أصبحتا ملطختين بالدماء”.

وفي الوقت الراهن، يحاول بايدن تعزيز علاقته بغانتس، كما يقول الكاتب الأميركي الذي أشار إلى عدم جدوى هذا الأمر للفلسطينيين لأن غانتس كان طرفا في حرب نتنياهو وإبادته لشعب غزة، حسب تعبيره.

وأضاف “كانت هناك محاولات أميركية لإزاحة نتنياهو لكنها واجهت تناقضا حول هذا الأمر، لأن الإسرائيليين لا يدعمون نتنياهو لكنهم يدعمون ما يقوم به في غزة.

الرأي نفسه ذهب إليه البرغوثي بقوله إن غانتس لا يختلف مع نتنياهو في عدائه للفلسطينيين ولا في رغبته بتصعيد الحرب ورفض قيام الدولة الفلسطينية، لكنه ينازع نتنياهو على الحكم.

وبناء على ذلك، فإن غانتس -برأي البرغوثي- “يمثل تيارا أكثر تفاهما مع واشنطن ويقدم لها ورقة توت لإخفاء عورة جرائم إسرائيل بينما نتنياهو لا يأبه بهذه الأمور”.

وأكد البرغوثي أن المستوطنين بالضفة الغربية أصبحوا قوة كبيرة وباتوا يحكمون الضفة فعلا من خلال وزير الأمن إيتمار بن غفير، مؤكدا أن الانتقادات الموجهة لنتنياهو سواء من الداخل أو من الخارج سببها أنه فشل في القضاء على المقاومة وإنهاء الوجود الفلسطيني.

وفيما يتعلق بموجة الاستقالات الأخيرة من الجيش، قال الخبير السياسي إن إسرائيل كانت دائما منقسمة سياسيا لكنها تعودت وجود قائد يدير هذا الانقسام، مشيرا إلى أن هذا الأمر لم يعد موجودا حاليا.

وخلص إلى أن إسرائيل تعاني حاليا ضعفا في بنيتها السياسية والمجتمعية تهدد وجودها، مشيرا إلى أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023) كشف هذا الضعف البنيوي الذي كان لنتنياهو دور رئيسي فيه لأنه يخدم بقاءه في الحكم.

وقال أيضا إن ما تعيشه إسرائيل حاليا من تفكك لم يكن موجودا في سبعينيات القرن الماضي، وإن غالبية المجتمع ترى أن من حق إسرائيل الرد على ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بمذبحة ضد الفلسطينيين.

وختم بالقول إن هناك أقلية تتحدث عن الجانب الأخلاقي في هذا الأمر، وتخشى أن تتحول إسرائيل إلى دولة فاشية متطرفة عنصرية لا مكان فيها لمن يتحدثون عن الأخلاق.

شاركها.
Exit mobile version