أجمع محللون سياسيون تحدثوا لبرنامج “مسار الأحداث” على أن حكومة تصريف الأعمال في سوريا تملك صلاحية تجميد العمل بالدستور الحالي وتجميد عمل مجلس الشعب، واعتبروا أن هذه الإجراءات طبيعية في الظرف الذي تمر به سوريا.

وكشف مصدر في الإدارة السياسية بدمشق للجزيرة أنه سيتم تجميد العمل بالدستور الحالي، إضافة إلى تجميد عمل مجلس الشعب بشكل مؤقت، وأشار إلى أنه ستشكل لجنة من خبراء قانونيين وحقوقيين للنظر في الدستور وإجراء التعديلات اللازمة.

وبشأن أبعاد هذا القرار، وصف عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب الدكتور كمال عبدو هذه الخطوة بأنها “جيدة جدا”، لأنها “ستقطع الطريق على أنصار النظام السابق ومؤسساته للعودة مجددا”، مضيفا “ولو تم الإبقاء على الدستور الحالي أو مجلس الشعب الحالي فسنصبح بعد أيام قليلة أمام ثورة مضادة”.

كما اعتبر عبدو أن هذه الخطوة هي “تأكيد على شرعية الحكومة الجديدة وعلى الخطوات التي ستقوم بها في المستقبل القريب إن شاء الله”، مؤكدا أن الحكومة الانتقالية لا تملك صلاحيات إقرار دستور جديد أو أي شيء آخر، ولكن القضايا الإجرائية القانونية بشأن الدستور أو غيره ستطرح بالتأكيد أمام الشعب السوري بأكمله.

من جهته، أكد الباحث السياسي من دمشق مؤيد غزلان قبلاوي أن تجميد العمل بالدستور وعمل مجلس الشعب هو إجراء وقائي ومهم لحماية المسار السياسي الذي انتظره السوريون، مشيرا إلى أن الدستور القديم لم يطبق أصلا.

وقال قبلاوي إنه “لا يمكن الآن العمل تحت دستور لا يوافق طبيعة الثورة ويعارض تماما الحقائق والوقائع على الأرض”.

واعتبر الكاتب والباحث السياسي محمود علوش أن الإجراءات التي تقوم بها حكومة تصريف الأعمال هي حالة طبيعية تقوم بها أي سلطة جديدة تنجم عن تحول سياسي كبير في بلد ما.

وقال علوش إن النقاش حاليا لا يتعلق بمدى مشروعية هذه الإجراءات التي هي نوع من إظهار القوة من قبل الحكومة الانتقالية، لكنه أوضح أن نقاش القضايا السياسية -ومنها مشروع الدستور- “يحتاج إلى انخراط مختلف مكونات المجتمع السوري في العملية”.

وحسب علوش، فإن مسار التحول في سوريا يرتكز على مسارين: الأول هو ملء الفراغ الناجم عن انهيار النظام عبر المسارعة إلى تشكيل حكومة لديها مهمات أساسية واضحة، والمسار الثاني -وهو الأكثر تعقيدا- يتعلق بتدشين الأرضية لعملية التحول الانتقالي في سوريا، بمعنى بدء التحضير للقضايا السياسية التي تشكل جوهر التحول السياسي، مسألة الدستور والنظام السياسي الجديد.

وتم تكليف المهندس محمد البشير برئاسة حكومة انتقالية سورية تستمر حتى مطلع مارس/آذار المقبل، علما بأن البشير كان يرأس “حكومة الإنقاذ” في إدلب التي كانت معقلا لفصائل المعارضة في شمال غربي سوريا على مدى الأعوام الماضية.

وفي خضم الإجراءات التي تقوم بها السلطة الجديدة أعربت الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى دعمها عملية الانتقال السياسي في سوريا، على أن يفضي هذا المسار إلى حكومة شاملة وغير طائفية تحقق للشعب السوري تطلعاته في الحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية.

وبشأن الموقف الدولي، شدد علوش على أهمية أن يحظى التحول السياسي في سوريا بشرعية دولية، والتي من شروطها -كما يقول المتحدث- أن ترتكز السلطة الجديدة في سوريا بشكل أساسي على فكرة أن يكون هناك اشتراك لمختلف مكونات الشعب السوري أو المكونات السورية الطائفية والعرقية والإثنية في السلطة الجديدة أو السلطة المنوط بها تشكيل أو الإشراف على عملية الانتقال السياسي.

ويعتقد عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال أن أي سلطة في العالم تستمد شرعيتها من الشعب و”الشعب السوري أعطى اليوم مشروعية داخلية لهذه السلطة”، مشيرا إلى التصريحات الأميركية التي قال إنها أكدت أن الولايات المتحدة الأميركية ستعترف بالنتائج التي ستتمخض عن العملية السياسية في سوريا.

يذكر أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد -الجمعة- دعم واشنطن قيام حكومة مدنية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى موسكو الأحد الماضي، جاء ذلك خلال لقاء في بغداد بين بلينكن ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

شاركها.
Exit mobile version