واشنطن- شهدت جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة موجة من الانتقادات للولايات المتحدة، التي استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار تقدمت به الجزائر في مجلس الأمن يوم 20 فبراير/شباط الماضي، ويدعو للوقف الفوري لإطلاق النار فيغزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، ورفض التهجير القسري للفلسطينيين، ويطالب بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن.

ويأتي اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار جلسة بحثت “مبادرة حق النقض”، التي أقرتها الجمعية في أبريل/نيسان 2022، وبمقتضاها تلتزم الجمعية العامة بمناقشة حيثيات استخدام حق النقض في مجلس الأمن.

وفي كلمته أمام الجلسة، أقر رئيس الجمعية العامة دينيس فرانسيس بقيمة مبادرة حق النقض، وأعرب عن أسفه لضرورة اللجوء إليها في هذه الحالة ومناقشة حيثيات استخدام واشنطن لهذا الحق، مشيرا إلى أن الوضع في قطاع غزة أصبح “كارثيا وغير معقول ومخزيا”.

وتؤكد منظمات الإغاثة، في جميع أنحاء العالم، على قلقها إزاء الوضع في غزة، وتشدد على أن وقف إطلاق النار سيسمح بنقل الإمدادات والغذاء والرعاية الطبية بأمان إلى المنطقة.

ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة ترفض التصويت لصالح تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، وبدلا من ذلك تتصرف في إطار مفاوضاتها الخاصة.

وغالبا ما يترك استخدام حق النقض مجلس الأمن في طريق مسدودة، كما هي الحال مع القرارات الثلاثة السابقة لتقديم المساعدات والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، التي رفضتها جميعا واشنطن.

عمار بن جامع اعتبر أن رفض مشروع القرار يشكل موافقة على التجويع كوسيلة حرب ضد الفلسطينيين (الفرنسية)

انتقادات لواشنطن

وحذر المتحدثون أمام الجمعية العامة من أن استخدام الولايات المتحدة حق النقض لا يؤدي إلا إلى تشجيع إسرائيل على مواصلة جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن الوضع الإنساني في القطاع كارثي ويزداد سوءا نتيجة لذلك.

وقالت مندوبة قطر لدى الأمم المتحدة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، متحدثة باسم مجلس التعاون الخليجي، إن استخدام حق النقض كلف المجلس فرصة لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وبدلا من ذلك، بعث برسائل الكيل بمكيالين في العلاقات الدولية، كما أعربت عن قلقها إزاء “أسوأ كارثة إنسانية في تاريخ البشرية الحديث”.

ودانت بشدة التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية برية في رفح، فضلا عن تدابير التهجير القسري للمدنيين. كما سلطت الضوء على الجهود التي يبذلها بلدها ومصر والولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق النار، وكذلك إطلاق سراح المحتجزين والسجناء.

في حين سلط مندوب الجزائر الدائم لدى مجلس الأمن عمار بن جامع الضوء على أهمية مشروع القرار الذي عرضه وفده في المجلس. وأوضح أن النص قدم مطلبا واضحا، تمشيا مع دعوة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.

تبعات القرار الأميركي

وفي جلسة مناقشة الفيتو الأميركي، أعلنت واشنطن أنها ستقترح على مجلس الأمن قرارها الخاص الذي يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بشرط إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

ونتج عن الفيتو الأميركي إبطاء إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين مع تفاقم الوضع في غزة. واعتبر مراقبون أن الموقف الأميركي يزيد من عزلة واشنطن دبلوماسيا، ويزيد من تباعدها عن بقية حلفائها.

وفي حديث أمام جامعة دارتموث، أشار أندور ميلر، المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، إلى أن بلاده لا يمكن أن تقبل بقرار من مجلس الأمن “يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي”.

كما أشار ممثل الولايات المتحدة السفير روبرت وود، نائب رئيس البعثة الأميركية بالأمم المتحدة، إلى أن وفده قال بوضوح خلال الشهر الماضي إن القرار المعروض على مجلس الأمن لن يحقق هدف السلام المستدام، وقد يتعارض معه في الواقع. وأضاف أن القرار في حد ذاته لم يكن ليسفر عن وقف لإطلاق النار.

مندوبة قطر لدى الأمم المتحدة: نرفض أي إجراءات إسرائيلية لتشريد سكان غزة وتهجيرهم

سجال فلسطيني إسرائيلي

وأعرب المتحدثون في الجمعية العامة عن أسفهم على عجز مجلس الأمن عن الدعوة إلى وقف إطلاق النار، بينما يطالب العالم بأسره بذلك، واسترعوا الانتباه إلى تزايد عدد القتلى وانتشار المجاعة في غزة، بينما دانت إسرائيل من جانبها الأمم المتحدة لما اعتبرته “تعاونا مع الإرهابيين”.

وخلال جلسة مناقشة الفيتو الأميركي الأخير، رفع السفير رياض منصور، مندوب فلسطين بالأمم المتحدة، صورة لطفل غزي يعاني سوء التغذية الحاد توفي بعد ذلك، وسأل “هل رأيتم صور الأطفال الفلسطينيين؟”، وأضاف أن الأطفال الفلسطينيين يموتون في الظلام والعوز، مؤكدا أن إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح حرب.

ولفت منصور إلى أن “إسرائيل أعطت الشعب الفلسطيني 3 خيارات: التطهير العرقي أو الفصل العنصري أو الإبادة الجماعية. وهذه الأمور الثلاثة ممكنة في فلسطين بسبب يقين الجناة بأنهم لن يحاسبوا أبدا”.

وقال السفير الفلسطيني إن إسرائيل تقتل وتشوه وتشرد الفلسطينيين منذ سنوات حتى بلغت الفظائع ذروتها بالمذابح في غزة، مشيرا إلى أن القادة الإسرائيليين يتحدثون بصراحة عن الجرائم التي يرتكبونها.

وأضاف “لقد تجرأ البلد (إسرائيل) إلى درجة أنه لا يشعر بالعار من جرائمه، ويتحدى علنا أقرب حلفائه بينما يستخف بميثاق الأمم المتحدة”.

وعلى الجانب الآخر، دان ممثل إسرائيل جلعاد أردان الجمعية العامة بسبب انعقادها للتركيز على الحالة في غزة، بدلا من إدانة حماس “كما لو أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول لم يحدث أبدا، كما لو أنه لا يوجد 134 رهينة بريئة محتجزة ومعذبة في غزة الآن” على حد قوله.

وتساءل المندوب الإسرائيلي “لقد سمعنا الكلمات الفارغة لمسؤولي الأمم المتحدة الذين يدعون إلى إطلاق سراح الرهائن، لكن هل رأينا أيا منهم يتخذ إجراءات؟”.

شاركها.
Exit mobile version