حذَّرت صحيفة “لوموند” الفرنسية من أزمة غذاء وصفتها بالخطيرة في شمال إثيوبيا، وانتقدت نفي رئيس الوزراء آبي أحمد هذه الأزمة، وسط اتهامات له بالتخلي عن سكان تيغراي وتركهم لمصيرهم من أجل تركيع الإقليم.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحية لها أن وفاة البشر بأعداد كبيرة بسبب الجوع في 2024 سيشكل فضيحة، ولكن التغافل عن المجاعة إن لم نقل استخدامها كسلاح سياسي من الحكومة، لا يترك مجالا للكلام، مشيرة إلى الوضع الرهيب الذي يسود اليوم في إقليم تيغراي (شمالي البلاد)، حيث أعلنت السلطات المحلية حالة المجاعة، دون أن تعترف الحكومة بذلك.
وذكرت الصحيفة، في مقارنة ضمنية مع السوابق “الشريرة” من هذا النوع مجاعتين عرفتهما إثيوبيا في تاريخها الحديث، أولاهما بين 1973 و1974، حين مات ما بين 50 ألفا و200 ألف من الجوع، مما عجّل بسقوط الإمبراطور هيلا سيلاسي، أما الثانية فكانت بين 1983 و1984، وراح ضحيتها ما بين 300 ألف ومليون شخص حسب التقديرات، عندما استخدم رئيس الوزراء وقتها منغستو هيلي مريم المجاعة لتسويغ التهجير القسري وخنق التمردات.
أزمة غذائية رهيبة
وقالت “لوموند” إذا كانت الحرب الفظيعة الأخيرة في إقليم تيغراي انتهت بمقتل 600 ألف شخص حسب الاتحاد الأفريقي، ولصالح الجيش الفدرالي الإثيوبي ضد متمردي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عسكريا، فإن المنطقة لا تزال تعاني من أزمة غذائية رهيبة -حسب الصحيفة- حيث المزارع مهجورة والماشية ميتة.
وأشارت إلى أنه عندما أوشكت الأمم المتحدة أن تعترف بحالة المجاعة، أوقف برنامج الأغذية العالمي توزيعاته الغذائية بين مارس/آذار وديسمبر/كانون الأول 2023 بسبب فضيحة اختلاس مساعدات ضخمة، مما جعل المجاعة تتفاقم والوفيات تتزايد.
الاعتراف يوقظ أشباح الماضي
وتنفي حكومة آبي أحمد هذا الأمر لأن الاعتراف بالمجاعة من شأنه أن يوقظ أشباح الماضي، كما أنه يتناقض مع الخطاب الذي يقدم البلاد على أنها سلة الحبوب المستقبلية لأفريقيا، ولكن السلطات في أديس أبابا متهمة بالتخلي عن سكان تيغراي من أجل تركيع الإقليم.
وأشارت الصحيفة إلى أن آبي أحمد الذي رحَّب به العالم كونه مصلحا ليبراليا عندما وصل إلى السلطة في 2018، وحصل على جائزة نوبل للسلام في العام التالي، أظهر قدرة على تأجيج العديد من الصراعات بين المجتمعات العرقية في البلد الفسيفسائي، وذلك في تيغراي وفي منطقتي أوروميا وأمهرة أيضا.
وخلصت الصحيفة إلى أن المجاعة المشتعلة في تيغراي وما يحيط بها من إنكار من آبي أحمد، تمثل اتجاها يجب على المجتمع الدولي الوقوف ضده، مشيرة إلى أن بناء سلام دائم لا يمكن أن يتم بإذلال جزء من السكان، خاصة بغض الطرف عن المأساة الإنسانية الصارخة التي تضربه.