|

رغم عزلتهم نحو عامين، يتابع سكان قطاع غزة الأخبار الدولية عن كثب، متمسكين بأمل وقف إطلاق النار بعد أن أنهكتهم الحرب والحرمان من كل شيء، من الحرية والنوم وحتى الطعام.

وبهذه الجملة استهلت صحيفة لوفيغارو تقريرا بقلم مراسلها من القدس غيوم دي ديوليفو، افتتحته بقصة نهال (الأسماء مغيرة) وهي أم 6 أطفال، تعود لمنزلها في حي الشيخ رضوان بعد أن تعرض للقصف واحترق جزئيا، وهي تقول “نعيش هنا قدر استطاعتنا في خوف دائم من القصف”.

وتقول هذه الأم التي تم التواصل معها عن بعد لأنه لا يسمح للصحفيين الأجانب بدخول قطاع غزة “حياتي اليومية صعبة” إذ عليها أن تمارس حياة بدائية بين جمع الحطب وصنع الخبز والبحث عن الماء، مثل سكان القطاع الذين يعيشون في حرب منذ 21 شهرا.

القنابل الإسرائيلية تحول مأوى النازحين إلى “محرقة” (الجزيرة)

لم نعد نفس الأشخاص

وتتابع نهال قائلة “لم نعد نفس الأشخاص. غيرتنا هذه الحرب جميعا. عندما أسير في الشارع أرى وجوههم مدمرة ومنهكة” وهي تتذكر أن ابنتها كانت في الصف الثاني الابتدائي عندما بدأت الحرب، وكانت الأولى على صفها، وهي الآن لم تعد تستطيع كتابة اسمها الأول بشكل صحيح فـ”هكذا أثرت الحرب علينا”.

ومع ذلك تتمسك نهال، كمعظم سكان غزة الذين يتابعون الأخبار عن كثب، بأمل التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) معتقدة أنه الهدف من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن.

وإذا تحقق وقف إطلاق النار كما تقول الأم فـ”أول ما سأفعله هو منح أطفالي يوم عطلة. لقد حرموا من الفرحة طويلا” ولكن الهدنة لا تستمر أكثر من 60 يوما، يسلم خلالها 10 أسرى محتجزين إسرائيليين وعدد من الجثث، مقابل سجناء فلسطينيين.

كل شيء مفقود

وأشار المراسل إلى عملية “عربات جدعون” التي بدأت أوائل مايو/أيار، واستولى خلالها الجيش الإسرائيلي على ما يقرب من 75% من قطاع غزة، وطرد حوالي 714 ألف شخص، وحشر السكان في مساحة ضيقة للغاية، حيث يتكدس 425 ألف شخص في منطقة المواصي التي لا تتجاوز مساحتها نحو 9 كيلومترات مربعة في ظروفٍ مزرية.

ويقول أحد السكان إن كل شيء مفقود في هذه المنطقة: الماء والدواء والغذاء وحتى الأوراق النقدية التي لم تجدد منذ بداية الحرب، ويضيف “أصحاب المتاجر لم يعودوا يقبلون الأوراق النقدية القديمة جدا. إذا كانت ورقة الـ20 شيكل تالفة جدا، سيقبلونها مقابل 17 شيكلا”.

آلاف الجائعين ينتظرون موعد افتتاح نقطة توزيع المساعدات قرب محور “نتساريم” (الأناضول)

 التوزيع يتحول إلى مذبحة

ولأن غزة محاصرة بإحكام منذ 2 مارس/آذار، قررت الحكومة الإسرائيلية إسناد توزيع المساعدات إلى مؤسسة غزة الإنسانية غير الحكومية التي أُنشئت من الصفر بدعم منها ومن الولايات المتحدة، وهي تزعم في أحدث تقرير لها أنها قدّمت 63 مليون وجبة منذ نهاية مايو/أيار، على الرغم من “مهاجمة الإرهابيين لعمالنا الإنسانيين”.

وتتم عمليات التوزيع التي تنظم بعيدا عن السكان، في حالة من الفوضى -كما يقول المراسل- وغالبًا ما تتحول إلى أعمال دامية، لدرجة أن 160 منظمة غير حكومية دعت مؤخرا إلى إنهاء هذه التجربة، مشيرة إلى أن الفلسطينيين “يواجهون خيارا مستحيلا، إما الموت جوعا أو خطر التعرض لإطلاق النار أثناء محاولتهم الحصول على الطعام”.

نعيش كسجناء في معسكر اعتقال. لا يقين لدينا بما سيحدث لنا. نحن محرومون من كل شيء، من النوم والطعام والحرية. هذا الحبس يقتلنا ببطء

بواسطة كيريل

يقول كيريل، وهو مسيحي من سكان حي الزيتون إنه “في أحد الأيام كنت أمر أمام المستشفى الأنجليكاني فرأيت آباءً يحملون” أطفالهم الجرحى “في عربة تسوق” مشيرا إلى أنه يشعر بقلق بالغ على الأطفال لأن “الحرب أصبحت مرجعهم الوحيد. يستطيعون تمييز اقتراب مروحية أباتشي أو طائرة مسيرة، أو إطلاق دبابة”.

لكن الجزء الأصعب كما يؤكد كيريل هو فقدان الأمل “نعيش كسجناء في معسكر اعتقال. لا يقين لدينا بما سيحدث لنا. نحن محرومون من كل شيء، من النوم والطعام والحرية. هذا الحبس يقتلنا ببطء”.

شاركها.
Exit mobile version