شمال سيناء- وافق مجلس النواب المصري بصفة نهائية أمس الأربعاء على تعديل قانون الأراضي الصحراوية رقم 143 لسنة 1981 بهدف السماح للمستثمرين الأجانب بامتلاك الأراضي الصحراوية في مصر دون أي قيود، بحجة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد وتعمير الأراضي الصحراوية.

واستبدل مشروع القانون نصي الفقرتين الثانيتين من المادتين 11 و12 من قانون الأراضي الصحراوية بالنص على “أنه في غير أحوال حصول المستثمر على الأراضي اللازمة لمزاولة نشاطه يجب ألا تقل ملكية المصريين عن 51% من رأس مال الشركة، وألا تزيد ملكية الفرد على 20% من رأس مالها، مع عدم جواز أيلولة أراضي الجمعيات التعاونية والشركات عند انقضائها إلى غير المصريين”.

ضجة واسعة

وأثار القرار ضجة واسعة بين المواطنين من سكان شمال سيناء الذين نزحوا خلال ما قالت الحكومة المصرية إنها “حرب على الإرهاب” في مناطق واسعة من المحافظة الحدودية، ولم يتمكنوا من العودة إلى أراضيهم مرة أخرى.

يقول سليمان عياش (اسم مستعار) من سكان مدينة رفح الحدودية “تركت أرضي وبيتي وكل ما أملك على أمل أن أعود إليها مرة أخرى بعد القضاء على الإرهاب، لكن يبدو أن الأمل انقطع، ولا أملك من حطام الدنيا سوى ملابسي التي أرتديها”.

ويضيف “كنت أعيش على أمل العودة مرة أخرى حتى ولو دون تملك أوراق رسمية من الدولة، لكن القرارات التي تصدرها الحكومة يوميا تقطع عني الآمال تماما، وسيحل مكاننا من يدفع أكثر”.

وقال البرلماني المصري محمد الفيومي رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب إن “الأمن المصري بأمان تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومصر في عام 1982 ليست كمصر 2024″، معتبرا أن القانون رقم 14 لسنة 2012 يضع قواعد صارمة بشأن أراضي سيناء “وأننا جميعا نعلم ما يحاك ضد سيناء، ولا يمكن إصدار تشريع يخص عمليات التملك فيها”.

وفي حديثه للجزيرة نت قال محمد جميعان -وهو أحد أهالي شمال سيناء- إن “الحكومة ترى أن لها الحق في تأجير أو تمليك أو بيع أراضينا التي نشأنا فيها إلى مستثمرين دفعوا ثمنها مقدما، ومن يطالب منا بالعودة إلى أرضه أو تملكها يتم اعتقاله فورا”.

وأضاف “يتحدثون عن أراضي سيناء تحديدا وكأنها زائدة عن الحاجة، ونحن نطالب الحكومة بتمليكنا أراضينا لاستخدامها واستصلاحها وتوطيننا بشكل يحمي حقوقنا التي نستجديها”.

قرارات متذبذبة

من جانبه، يقول حسن سلامة عليان (28 عاما) من سكان مدينة بئر العبد إن الحياة في سيناء صعبة بشكل عام، لكنها مستحيلة مع تذبذب القرارات الحكومية اليومية.

وأبدى عليان تخوفه من مصيره المجهول -حسب قوله- حيث إنه يمتلك أرضا يقوم بزراعتها بالخضروات الموسمية، ولا يعلم أين ستؤول بها الأمور.

ويستطرد “لا نملك من قرارنا أي شيء، لكن في وضع اقتصادي صعب ووفق واقع نعيشه فإننا سنكون مجرد عاملين بأجرة زهيدة عند المستثمرين الذين سيحلون في أرضنا ويتملكونها غصبا عنا”.

ويتخوف سليم عواد -وهو من سكان منطقة مدينة الشيخ زويد- من أن يكون القانون الذي يسهل عملية تملك الأجانب الأراضي الصحراوية في مصر -خاصة بسيناء- “مقدمة لتهجير وتوطين سكان قطاع غزة في جزء منها، وتمليك الجزء الآخر لمن يدفع أكثر”.

ويتساءل عواد مستنكرا “كيف يتملك الأجنبي أرضا توارثناها لأجيال ولا نستطيع إثبات أنها ملكنا؟ رأيت بعيني مستثمرين بزي خليجي جاؤوا لمعاينة أراضينا قبل عامين، وبالتأكيد دفعوا ثمنها مقدما، ولا نجد من يبكي علينا نحن أصحاب الأرض”.

بدوره، قال عمرو قطامي عضو مجلس النواب المصري أمين سر لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان إن منح الأجانب حق تملك الأراضي لغرض الاستثمار خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار للمستثمر، ويتوافق مع ما جاء في الدستور من التزام الاقتصاد المصري بمعايير الشفافية والحوكمة ودعم التنافسية، حسب تقديره.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي أحمد إسماعيل إن القرار ليس بجديد ويأتي تفعيلا لقرارات سابقة موجودة بالفعل ويتم تعديلها بشكل دوري، مؤكدا أن جميع الأراضي في مصر هي تحت تصرف القوات المسلحة.

ويبدي الخبير الاقتصادي قلقه “خشية أن تتحكم جهة واحدة فقط في مقدرات ومصائر مواطنين مصريين، وألا يقلل هذا التعديل من عجز الموازنة أو الدفع بفوائض نقدية للمساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية بأي شكل”.

شاركها.
Exit mobile version