غزة- يؤمن المصور الصحفي سامي شحادة أن القذيفة التي أصابته، وأدت إلى بتر ساقه، قد أصابته عن عمد، وأن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفته بصورة مباشرة، بهدف قتله وتغييبه عن الميدان في غزة.

وبعد دقائق معدودة من وصول شحادة (36 عاماً) مع طاقم القناة التي يعمل لصالحها لمنطقة شمال النصيرات وسط قطاع غزة، أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة نحوهم، فسقط أرضا مصابا في ساقه. ويقول للجزيرة نت “كنت أرتدي الزي الخاص الذي يميزنا كصحفيين من خوذة ودرع، وحتى سيارتنا مميزة بكلمات وشعارات تدل على طبيعة عملنا”.

ويعمل شحادة في “مهنة البحث عن المتاعب” منذ 17 عاماً، وشارك في تغطية الحروب الإسرائيلية وجولات التصعيد المتكررة في القطاع منذ عام 2008، ويصف الحرب الحالية بأنها “الأعنف” وقد حولته إلى “معاق” يلازم سرير الشفاء في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع.

سامي شحادة تعرض للاستهداف المباشر بقذيفة إسرائيلية شمال مخيم النصيرات (الجزيرة)

استهداف متعمد

ويستحضر هذا الصحفي ذكرى الزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي تختصر جريمة اغتيالها أمام الكاميرا ما يتعرض له الصحفي الفلسطيني من استهداف إسرائيلي مباشر، يستدعي وقفة جادة من المجتمع الدولي والمؤسسات المختصة بحماية الصحفي ودعم حقوقه، للجم الاحتلال ووقف مسلسل جرائمه ضد الصحفيين الفلسطينيين.

وفي 11 مايو/أيار 2022 اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي مراسلة قناة الجزيرة أبو عاقلة برصاصة مباشرة في رأسها أثناء عملها في تغطية اجتياح إسرائيلي لمخيم جنين بالضفة الغربية.

ويقول شحادة “مثلما استهدفوا شيرين بشكل مباشر، استهدفوني بشكل مباشر، وكذلك كل الصحفيين الذين تعرضوا للقتل والإصابة خلال الحرب على غزة لم يتم استهدافهم بالخطأ، والاحتلال يعرف ماذا يقصف ويستهدف”.

والهدف الإسرائيلي من وراء هذا الاستهداف الممنهج للصحفيين -برأي شحادة- هو “طمس الحقيقة واغتيال الصورة” غير أنه يبدي إصراراً على مواصلة رسالته الصحفية، ويتمنى السفر للعلاج بالخارج والعودة إلى غزة لحمل الكاميرا من جديد.

حصيلة دامية

ويحث شحادة زملاءه من الصحفيين على مواصلة الطريق، وعدم الخوف أو التردد، قائلا “لولاكم لما شاهد العالم حجم الجريمة التي ترتكبها قوات الاحتلال ضدنا في غزة” وقد بات العالم كله يعرف فلسطين وقضية صحفييها “بفضل الصورة وعمل الصحفي الفلسطيني على مدار 7 شهور من الحرب”. وختم كلامه بتوجيه نصيحة لزملائه بأن يكونوا أقوياء وأن يحرصوا على أنفسهم في ميدان العمل.

وبحسب رصد نقابة الصحفيين الفلسطينيين، استشهد منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أكثر من 130 صحفيا وصحفية، وأصيب عشرات آخرون بجروح وحالات بتر.

وقال الدكتور تحسين الأسطل نائب نقيب الصحفيين للجزيرة نت “7 شهور مرت على هذه الحرب بكل تفاصيلها وفصولها المرعبة، وقد قتل الاحتلال الخيرة من صحفيينا ودمر 86 مكتباً ومؤسسة إعلامية كلياً وجزئياً، وشرد الصحفيين في الخيام وساحات المستشفيات، وأصاب بجروح العشرات من الصحفيين، وقتل المئات من عائلاتهم ودمر 77 منزلاً لصحفيين في قطاع غزة”.

ومنذ اندلاع الحرب، اعتقلت قوات الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة 100 صحفي وصحفية، وتبقى منهم 45 رهن الاعتقال، وحول معظمهم للاعتقال الإداري، ولا يزال 4 صحفيين في عداد المفقودين، بحسب الأسطل.

أحمد اللوح نجا من الموت عام 2014 وأصيب خلال الحرب على غزة (الجزيرة)

شاهد وشهيد

الصحفي أحمد اللوح كان شاهداً على استهداف شحادة، وقد أصيب هو الآخر بكسور في الصدر وشظية بالرأس والرقبة جراء القذيفة ذاتها، يقول للجزيرة نت “كنت على الجانب المقابل من الشارع عندما وصل سامي رفقة الطاقم، صرخت عليهم لتوخي الحذر، وما هي إلا لحظات حتى استهدفتهم قذيفة وسقط سامي أرضاً والدماء تنزف منه وقد بترت ساقه”.

ولأحمد تجارب مريرة مع الاستهداف والإصابة مرات كثيرة سابقة، أخطرها عام 2014 عندما أصيب في عينه، وأعلنته وزارة الصحة شهيداً، قبل أن يتضح أنه على قيد الحياة، وكان مشوار علاجه طويلاً وانتهى باستئصال عينه اليسرى بشكل كلي.

ورغم ما يعانيه أحمد من مضاعفات لا تزال مصاحبة له نتيجة هذه الإصابة واحتياجه للعلاج بالخارج، يصر على البقاء في الميدان ومواصلة التغطية.

ونجا الصحفي سعيد جرس من قصف استهدف خيمة مجاورة لخيمة إقامة الصحفيين في ساحة مستشفى شهداء الأقصى، أواخر مارس/آذار الماضي، وقال للجزيرة نت إنه أصيب بجروح في ساقيه نتيجة هذا القصف الذي تسبب أيضاً في إصابة عدد آخر من الصحفيين.

ولم يلبث سعيد أن عاد لمواصلة عمله في الميدان، إدراكاً منه للمسؤولية الكبيرة التي يتحملها الصحفي الفلسطيني في إيصال الرسالة والصورة للعالم عما تتعرض له غزة، وكشف حجم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.

شاركها.
Exit mobile version