|

باريس- كانت جلسة يوم الاثنين الماضي الجلسة العاشرة أمام قاضي تنفيذ الأحكام في سجن لانميزان، المسؤول عن دراسة الطلب الجديد للإفراج المشروط عن المناضل اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج إبراهيم عبد الله، الذي يعتبر أقدم سجين في العالم مرتبط بالصراع في الشرق الأوسط، حيث قضى 40 عاما في السجن.

وفي ظل استمرار رفض النيابة العامة الطلبات المتكررة للإفراج، استنكر جان لوي شالانسيه محامي المناضل اللبناني صرامة القضاء الفرنسي قائلا إنه “يريد بوضوح أن يموت داخل السجن” لأن قانون البلاد يؤهل موكله لإطلاق سراحه منذ عام 1999.

ويعد جورج إبراهيم عبد الله المحتجز في سجون الدولة الفرنسية أقدم سجين سياسي في أوروبا، حيث صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد عام 1987 عقب إدانته بالتواطؤ باغتيال الإسرائيلي ياكوف برسيمانتوف والدبلوماسي الأميركي تشارلز روبرت داي في باريس عام 1982، بالإضافة إلى محاولة اغتيال القنصل العام الأميركي روبرت أوم في ستراسبورغ عام 1984.

المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله يبلغ من العمر حاليا 73 عاما (الصحافة الأجنبية)

“جلسة سياسية”

وفي جلسة استماع استمرت 5 ساعات متواصلة، وصف المحامي المكلف بالقضية شالانسيه المناقشات الصعبة التي جادل خلالها نواب المدعي العام في مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب “بي إن إيه تي” (PNAT) بخصوص استمرار احتجاز موكله بـ”الجلسة السياسية”.

وقال شالانسيه، في حديث للجزيرة نت، إن نواب المدعي العام كانوا “يريدون التأكيد على أن عبد الله لا يزال خطيرا، وأن جميع أنصاره كانوا إرهابيين، وأن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين التي دعمها في فرنسا كانت قابلة للمقارنة بالإرهابيين، فضلا عن ارتباطه بحزب الله وحركة حماس، التي ادعوا أنها طلبت أن تبادله مع أحد الرهائن، وكل هذه الحجج مبالغ فيها ولا تسعى سوى إلى إبقائه داخل أسوار السجن”.

وبشأن الوثائق التي تم تقديمها في هذا الملف خلال جلسة يوم الاثنين أو قبلها، أوضح المحامي أنها “ليست حقيقية”، موضحا أنها عبارة عن “ملاحظات لا معنى لها من قبل الشرطة”.

وأضاف “هذا ما ذكرناه على مدى 10 سنوات، عندما ركزت المخابرات الفرنسية على اعتناق جورج للإسلام، وهو أمر مرفوض، لأن هدفها هو تبرير عدم إطلاق سراحه بكونه إسلاميا إرهابيا وخطيرا، وكل ذلك كذبة مفضوحة تم الاعتراف بها لاحقا”.

وقال المتحدث إن النيابة العامة عللت موقفها بادعاء أن المناضل اللبناني سيعود بعد 4 عقود قضاها في السجن إلى بلاده لممارسة نشاط قد يكون سياسيا، معتبرا أن فرضية خطر تكرار حركة الكفاح المسلح التي لم يبق لها أي وجود حقيقي “أمر مثير للسخرية”.

وجدير بالذكر أن جورج عبد الله -الذي يبلغ من العمر (73 عاما)- كان ينشط في صفوف “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” عندما تم اعتقاله في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1984، وأصبح اليوم بمثابة وجه من وجوه النضال من أجل تحرير فلسطين في العالم.

تدخلت سفارات وشخصيات دبلوماسية وسياسية على مدى سنوات بهدف التأثير وتأخير الإفراج عن جورج (الصحافة الأجنبية)

تأثيرات خارجية

وأشار المحامي شالانسيه إلى أن التأثيرات الخارجية كانت مسيطرة على هذه القضية منذ البداية، بما في ذلك المحامي الذي دفعت له الشرطة، والمحامي الأميركي الذي أجرى التحقيق، حيث تم إجراؤه من قبل الولايات المتحدة بدل الشرطة الفرنسية.

ويرى موكلو الدفاع عن جورج عبد الله ومؤيدوه أن جهات كثيرة تقف وراء استمرار احتجازه، فعندما صادق النظام القضائي مبدئيا على إطلاق سراحه بشرط ترحيله إلى لبنان في عام 2013، تدخلت سفارتا الولايات المتحدة وإسرائيل للتأثير على مسار القضية.

وفي هذا الإطار، أضاف محامي الناشط اللبناني أن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون وغيرها من السياسيين الأميركيين تدخلوا للتأثير على مجريات الملف جنبا إلى جنب مع السلطات الفرنسية، فضلا عن رفض رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس التوقيع على أمر الطرد الذي كان سيمنحه حق العودة إلى لبنان.

وبعد ذلك بـ7 سنوات أي في عام 2020، قوبلت محاولات الإفراج المشروط بالرفض مرة أخرى من قبل وزير الداخلية الفرنسي السابق جيرالد دارمانان.

وتعليقا على ما سبق، أكد شالانسيه أن التدخلات السياسية في هذا الشأن كثيرة، “ومن الواضح أن هناك رغبة من الدولة الفرنسية لضمان عدم إطلاق سراحه، وإلا كنا حصلنا على أمر الطرد، وقمنا بتسهيل الإجراءات لنقله إلى بلده لبنان منذ سنوات طويلة”.

الحرب الحالية

وفي انتظار إجراء المداولات في 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وطلب الاستئناف في المحكمة في باريس، يعتبر المحامي الفرنسي أن المحكمة الجنائية تتبع موقفا أيديولوجيا، تسعى من خلاله إلى استغلال سياق الحرب في الشرق الأوسط لتبرير “الخوف من خطر العودة إلى الجريمة” إذا أطلق سراح عبد الله، ووصل إلى لبنان.

وفسر ذلك بالقول “في البداية، استخدموا أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في قطاع غزة، وأنه يتمتع بشخصية كاريزمية تؤهله لحيازة سلطة في لبنان بأي شكل من الأشكال، وهي عناصر لا تستند إلى أي حقائق مثبتة بالطبع”.

وعند سؤال جان لوي شالانسيه عن أحقية النيابة العامة في استخدام السياق السياسي في حججها، أكد إمكانية قيامها بذلك، حتى إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك وقارنت المناضل اللبناني بمقاتل تابع لتنظيم الدولة، معتبرة أنه “لا يمكن إطلاق سراح هذا المقاتل بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد”.

ولهذا السبب، يعتقد المحامي أن النواب يريدون تجريم مقاومة الناشط عبد الله -التي لا يعترفون بها- لأن دافعه للأعمال التي ارتكبها كان بوضوح “مقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل”، وبالنسبة لهم المقاومة موجودة في التاريخ الفرنسي فقط.

شاركها.
Exit mobile version