|

قالت دراسة إن إسرائيل تسعى إلى تعويض خسائرها في مؤشرات العولمة -والتي تزايدت بفعل طوفان الأقصى– من خلال تحقيق مكاسب عبر تعزيز التطبيع، مشيرة إلى ارتفاع معدل التجارة المدنية والصادرات العسكرية إلى دول التطبيع العربي.

جاء ذلك في ورقة علمية أصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان “إشكاليات العولمة في إسرائيل وتأثير طوفان الأقصى” للخبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية الدكتور وليد عبد الحي.

وتبحث الورقة في مدى انخراط إسرائيل في العولمة بأبعادها المختلفة ومدى تزايد أو تراجع أو تذبذب الانخراط الإسرائيلي في الشأن الدولي من خلال آليات العولمة، كما تبحث في انعكاس طوفان الأقصى على مستويات العولمة في إسرائيل.

وكشفت الورقة أن المعدل الإسرائيلي في العولمة السياسية أعلى من المعدل العالمي باستمرار، وكانت رتبة دولة الاحتلال حتى سنة 2019 هي 72 عالميا، في حين تحتل المرتبة الرابعة بالشرق الأوسط.

ورأى الباحث أن تنامي الانفتاح العربي على التطبيع أسهم في تعزيز هذا الموقع، بالإضافة إلى كون أغلب الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تعترف بإسرائيل، وأن ذلك يفسر تزايد عدد البعثات الدبلوماسية في تل أبيب، وارتفاع عدد الاتفاقيات الدولية حتى مرحلة ما قبل طوفان الأقصى، مما جعل إسرائيل تتقدم إلى المرتبة الـ34 عالميا في مؤشر العولمة الدبلوماسية.

ماذا فعل الطوفان؟

وأشارت الورقة إلى تراجع إسرائيل 3 مراتب وانخفاض مؤشر العولمة السياسية في العام الأول من الحرب بما يقارب 0.15 نقطة في الفترة التالية لنشوب الحرب بعد الطوفان.

وعزا الباحث التراجع إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل أو استدعاء السفراء منها من قبل 11 دولة، وتزايد الدعوات إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل، واندلاع مظاهرات واسعة ضدها، خصوصا بعد قرارات المحاكم الدولية التي أصدرت بحقها.

وعلى مستوى الاقتصاد الإسرائيلي، تحدثت الورقة عن الآثار السلبية في العام الأول من الطوفان (2024)، حيث أشارت إلى أن العولمة الاقتصادية في إسرائيل -وهي الأكثر وزنا لديها بين مؤشرات العولمة- في تزايد شبه خطي حتى سنة 2005 تقريبا، ثم بدأت في التراجع من معدل 78.09 في ذروة المرحلة إلى 72 نقطة سنة 2024.

ولفت الباحث إلى أن التراجع سابق على طوفان الأقصى بنحو عقدين تقريبا، لكن الطوفان لعب دور المعزز في تراجع العولمة الاقتصادية الإسرائيلية على الرغم من أن الدعم الاقتصادي الأميركي بعد الطوفان مباشرة “شكّل إسفنجة امتصاص لآثاره” على القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية، مثل السياحة ومعدل التجارة الخارجية والاستثمار الخارجي، وغيرها.

وتحدثت الورقة عن درجة السيولة العالية التي يعيشها المشهد الإقليمي والدولي، والتي تنطوي على احتمالات كثيرة، خصوصا في مجال الاستقرار السياسي، الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى احتمالات لتحولات في الوضع الداخلي في إسرائيل في ظل حالة التوتر العالي، إذ تشير نماذج القياس إلى أن تراجع معدلات الاستقرار الإسرائيلي كان سابقا للطوفان، فمنذ سنة 2019 تراجع مؤشر الاستقرار من سالب 0.82 إلى سالب 1.46 سنة 2023.

وأشارت الدراسة أن بعض نماذج القياس تقدّر أن العنف الناتج عن المواجهات العسكرية أثر على الاقتصاد الإسرائيلي سلبا بارتفاع يصل إلى معدل 40%، ويصل إلى 61% في حال تم القياس على أساس العنف العسكري المباشر مضافة إليه الآثار المترتبة على التهجير والرعاية والنشاطات المدنية غير الاقتصادية، مما جعل إسرائيل سنة 2024 ضمن الدول العشر الأكثر عدم استقرارا في العالم.

وانعكس ذلك في تواتر تراجع معدلات النمو في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ انخفضت من 6.3% سنة 2022 (قبل الطوفان) إلى 1.8% سنة 2023، ثم 1% سنة 2024.

ويرى الدكتور عبد الحي أن إسرائيل -استنادا إلى تراجعها في مؤشرات العولمة المختلفة- ستواجه خلال السنوات الخمس المقبلة تعثرا في العودة إلى توظيف مؤشرات العولمة التقليدية لإصلاح ما اضطرب منذ الطوفان، ولا سيما أن الطوفان عزز التراجع الذي كان قائما في الفترة السابقة عليه.

كما حذر الباحث من خطورة أي خطوة تطبيع عربي أو إسلامي مع إسرائيل، مشيرا إلى أن إسرائيل ستسعى إلى تعويض خسائرها الدولية في مؤشرات العولمة من خلال تحقيق مكاسب على المستوى الإقليمي، خصوصا مع الدول العربية، مستندة إلى فكرة رئيس الوزراء الأسبق شيمون بيريز المتمثلة في فصل العولمة السياسية عن العولمة الاقتصادية.

وأشار إلى أن ذلك يتضح في السلوك الرسمي العربي، حيث ارتفعت الواردات العسكرية من إسرائيل إلى دول التطبيع العربي (خصوصا الإمارات والبحرين والمغرب والسودان) خلال العام الأول من الحرب، لتصل إلى 1.8 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 12% من مبيعات إسرائيل العسكرية لسنة 2024.

وقرن الباحث ارتفاع معدل التجارة المدنية بين إسرائيل و5 دول عربية و15 دولة إسلامية خلال العام الأول للحرب بإسهام التطبيع العربي في تعويض إسرائيل عن بعض خسائرها في مؤشرات العولمة.

شاركها.
Exit mobile version