يجري حزب المؤتمر الوطني الأفريقي محادثات داخلية عالية المستوى يوم الثلاثاء بشأن الأحزاب التي ينبغي أن يتواصل معها لتشكيل الحكومة المقبلة في جنوب أفريقيا، مع وضع الماركسيين المعارضين تماما وأنصار السوق الحرة على قائمة الخيارات.

وبعد 30 عاما من الهيمنة منذ أن قاده نيلسون مانديلا إلى السلطة بانتخابات عام 1994 التي شهدت نهاية الفصل العنصري، خسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته في الانتخابات الوطنية التي جرت الأسبوع الماضي، لكنه يظل الحزب الأكبر دون أن يكون قادراً على الحكم بمفرده.

أحد أنصار حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يرفع صورة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا خلال تجمع في ديربان (رويترز)

لقد عاقب الناخبون حركة التحرير السابقة بسبب المستويات المرتفعة من الفقر والبطالة وعدم المساواة وتفشي الجريمة وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر والفساد، وهي المشاكل التي أعاقت تقدم جنوب أفريقيا، وسوف تمثل تحدياً للحكومة المقبلة. وسيحصل المؤتمر الوطني الأفريقي على 159 مقعداً من أصل 400 بالجمعية الوطنية الجديدة، في حين سيحصل التحالف الديمقراطي المناصر للسوق الحرة على 87 مقعداً، بينما ينال حزب “إم كيه” الشعبوي على 58 مقعداً، وحزب “المناضلون الماركسيون من أجل الحرية الاقتصادية” على 58 مقعداً.

ويقول بعض المحللين إن الجميع ينتظر قرار المؤتمر الوطني الأفريقي، في ضوء الضغوط الكبيرة عليه من قبل الشركات الكبرى في البلاد للعمل مع التحالف الديمقراطي الذي يقدم نفسه على أنه بطل اقتصاديات السوق الحرة ويفضل إلغاء بعض إجراءات تمكين السود الرائدة التي اتخذها حزب المؤتمر والتي يقول إنها لم تنجح. وكثيرا ما يتهم الحزب الديمقراطي بأنه يمثل مصالح الأقلية البيضاء المتميزة، ويرفض هذا الوصف ويقول إن الحكم الجيد يفيد جميع مواطني جنوب أفريقيا.

ويجب أن ينعقد البرلمان الجديد بحلول 16 يونيو/حزيران، وسيكون من أولى أعماله اختيار رئيس البلاد. وفي ظل الوضع الحالي، يبدو من المرجح أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يصر على بقاء الرئيس الحالي سيريل رامافوزا، على الرغم من احتمال تعرضه لضغوط للاستقالة نظرا للأداء الضعيف لحزبه.

Finnish President Sauli Niinisto in South Africa
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (الأناضول)

وقد اجتمعت لجنة عمل مكونة من 27 مسؤولا من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أمس، لوضع قائمة خيارات لتقديمها إلى اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب اليوم الأربعاء.

السيناريوهات

نشر موقع ديلي مافريك الإخباري الجنوب إفريقي تفاصيل من 3 وثائق نقاش داخلية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي قال إنه حصل عليها، وتحدد السيناريوهات.

السيناريو الأول

ووفقا لإحدى تلك الوثائق، كان الخيار المفضل هو اتفاق الثقة والعرض الذي سيتولى بموجبه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة التنفيذية، مع بعض المناصب لحزب الحرية إنكاثا (17 مقعدا) في حين سيكون لحزب التحالف الديمقراطي (87 مقعدا) واليد العليا في البرلمان فيتولى رئاسته ومناصب اللجنة القوية.

السيناريو الثاني

وبموجب هذا السيناريو، قد يوافق حزبا التحالف الديمقراطي والحرية إنكاثا على دعم حكومة الأقلية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الأصوات الرئيسية مثل الميزانية أو أي حجب الثقة، مقابل الحصول على موافقة البرلمان مع تنازلات سياسية ومشاركة في العملية التشريعية.

السيناريو الثالث

وهو الخيار الأفضل، وفقًا للوثيقة، بأن يتم تشكيل حكومة ائتلافية تضم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، والحزب الديمقراطي، وحزب الحرية أنكاثا. وقالت الوثيقة إن هذا من شأنه أن يخاطر بتنفير بعض أنصار حزب المؤتمر لأن إيجاد أرضية مشتركة كافية بشأن كل الملفات السياسية سيكون تحديا.

رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما الذي أقاله الحزب الحاكم بسبب الفساد (الجزيرة)

السيناريو الرابع

هو الخيار الأقل تفضيلا -بحسب الوثيقة- حيث يقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم مجموعة واسعة من الأحزاب. وقالت الوثيقة إن هذا قد ينطوي على خطر عدم الاستقرار والانهيار، أو انسحاب حزب أو أكثر، مما يترك حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في ائتلاف مع حزبي الحرية الاقتصادية وإم كيه بزعامة الرئيس السابق جاكوب زوما.

ورفض متحدث باسم حزب المؤتمر التعليق على محتوى تقرير ديلي مافريك. وتم وصف التحالف بين حزب المؤتمر و”المناضلون الماركسيون من أجل الحرية الاقتصادية، أو حزب إم كيه بأنه “سيناريو يوم القيامة” وسينظر إليه على أنه مثير للقلق للغاية من قبل الأسواق المالية والمستثمرين الأجانب.

ويدعو “المناضلون الماركسيون من أجل الحرية الاقتصادية” بقيادة جوليوس ماليما، الزعيم السابق المثير للجدل لجناح الشباب بحزب المؤتمر الذي انشق عن الحزب، إلى تأميم المناجم والبنوك والاستيلاء على الأراضي من المزارعين البيض لإعادة توزيعها على السود، بينما يدعو حزب “إم كيه” -الذي كان أداؤه قوياً بشكل مدهش، وخاصة في مقاطعة كوازولو ناتال، مسقط رأس زوما- إلى مصادرة الأراضي وتأميمها، فضلاً عن إلغاء الدستور وإنشاء غرفة برلمانية مكونة من الحكام التقليديين.

وينظر العديد من المحللين إلى الحزب على أنه وسيلة يستخدمها زوما للانتقام من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي (حزبه السابق) بعد أن أجبر على الاستقالة من منصب الرئيس عام 2018 بعد سلسلة من فضائح الفساد. ومنذ ذلك الحين أصبح عدوًا عنيدًا لرامافوزا.

وكانت جميع أحزاب المعارضة شديدة اللهجة في إدانتها لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي خلال فترة الانتخابات، ومن المتوقع أن تكون المحادثات بين الأحزاب صعبة للغاية.

وكان حزب المؤتمر الوطني قد حصل نحو 40% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأربعاء الماضي، مما شكل انتكاسة بالنظر إلى النسبة التي حصل عليها في البرلمان المنتهية ولايته والبالغة 57.5%.

شاركها.
Exit mobile version