واشنطن- مع وصول التوتر بين إسرائيل وإيران إلى حافة حرب شاملة، يخشى مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من تحول هذه العمليات العسكرية الانتقامية التصاعدية بين الدولتين إلى صراع إقليمي، تتورط فيه الولايات المتحدة.

وكانت طهران قد شنت هجمات صاروخية على إسرائيل ردا على اغتيالها كل من عباس نيلفوروشان نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قُتل بالغارات الإسرائيلية على بيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وما تبعه من اقتحام بري إسرائيلي لبعض المواقع في الجنوب اللبناني.

واعتبرت إسرائيل إطلاق إيران أكثر من 180 صاروخا باليستيا عليها ضربة لا يمكن لها أن تمر دون انتقام قوي. ودعمت واشنطن رسميا المسعى الإسرائيلي للرد على الهجمات الإيرانية، وعدّت ذلك “حقا وواجبا على إسرائيل”.

تساؤلات

وفي الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للرد، يتبارى الخبراء الأميركيون في الاجتهاد حول ما يجب أن يكون عليه هذا الرد المتوقع.

ومع وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالانتقام، يثير احتمال نشوب حرب إقليمية شاملة في الشرق الأوسط تساؤلات حول العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وإلى أي مدى ستذهب إدارة بايدن لمواصلة حماية أحد أقرب حلفائها رغم ما يسببه لها من عبء وخسائر.

وبعدما تحدت إسرائيل رغبة واشنطن في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بينها وحزب الله لمدة 21 يوما كما كان مخططا له، واغتالت نصر الله، سأل أحد المراسلين الرئيس بايدن عما إذا كان مرتاحا لما يحدث، فرد بالقول “يجب أن يكون لدينا وقف لإطلاق النار الآن”.

ودفع تجاهل نتنياهو المتكرر لنداءات بايدن رئيس شركة أوراسيا غروب للاستشارات السياسة والإستراتيجية إيان بريمر، للتعليق على كلمات بايدن عن وقف الغزو الإسرائيلي للبنان بالقول إن “التأثير يساوي صفرا”. وعلى الرغم من إفشال نتنياهو للمسعى الأميركي لوقف النار، رحبت واشنطن وباركت الاغتيالات السياسية التي تقوم بها إسرائيل.

وفي بيانه حول الذكرى السنوية الأولى لعملية “طوفان الأقصى” أمس الاثنين، كرر بايدن دعمه الكامل للجانب الإسرائيلي، وقال “بعد وقت قصير من الهجوم، كنت أول رئيس أميركي يزور إسرائيل زمن الحرب. وقد أوضحت حينها لشعبها: أنتم لستم وحدكم”.

وأضاف “الجيش الأميركي وبتوجيه مني، الأسبوع الماضي، ساعد مرة أخرى في الدفاع الناجح عن إسرائيل، وهو الأمر الذي ساعد في دحر هجوم صاروخي باليستي إيراني”.

ورغم مواقف بايدن المتناغمة مع الموقف الإسرائيلي، فشلت واشنطن في الضغط على إسرائيل على مدار عدة أشهر من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

قائمة أهداف

ومع إكمال إسرائيل استعدادها للرد على إيران، زار الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية إسرائيل للتنسيق بين الجانبين، في الوقت ذاته. ومن المتوقع أن يصل غدا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن للهدف نفسه.

وقال بايدن ومستشاره للأمن القومي جيك سوليفان إنهما يجريان مشاورات مباشرة مع إسرائيل بشأن ردها العسكري. وتشمل الخيارات المستهدفة المنشآت الإيرانية بما فيها مواقع الحرس الثوري العسكرية أو مراكز القيادة والسيطرة، والبنية التحتية للطاقة وموانئ ومصافي تصدير النفط، والتي يمكن أن تؤدي إلى ضربة مماثلة على إسرائيل.

وهناك أيضا خيار توجيه ضربة مباشرة إلى البرنامج النووي الإيراني الذي حذرت طهران من أنه أحد خطوطها الحمراء والذي حذر بايدن نتنياهو من القيام به، مع خشية أميركية من توجيه الصواريخ الإيرانية إلى مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي.

وأشار بايدن إلى أنه يدعم ردا إسرائيليا متناسبا على هجوم طهران بالصواريخ الباليستية لكنه لن يدعم توجيه ضربة لبرنامجها النووي. وأضاف أنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن نوع الرد، وعلق على أنباء وجود حديث عن نية ضرب إسرائيل حقول النفط الإيرانية، بالقول “أعتقد أنني لو كنت مكانهم لفكرت في بدائل أخرى غير ذلك”.

ولم يتفق الجنرال فرانك ماكنزي القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية مع رؤية بايدن، وفي حديثه لبرنامج “واجه الأمة” على شبكة “سي بي إس” قال إن “إسرائيل لديها أهداف كثيرة، يمكنهم اختيار ما من شأنه أن يكون تصعيديا للغاية من حيث توجيه ضربة ضد المرشد الأعلى نفسه، أو البرنامج النووي، أو البنية التحتية النفطية”.

وتابع ماكنزي “أو يمكنهم النظر في أهداف أجهزة الاستخبارات العسكرية. لديهم مجموعة متنوعة من الخيارات التي يمكنهم الاختيار من بينها. والقدرة على تنفيذ معظم تلك الهجمات”.

وأضاف “الهدف النووي الإيراني صعب للغاية. لدينا قدرات خاصة تسمح لنا بالوصول إليه ولا يملك الإسرائيليون كل هذه القدرات. يمكنهم بالتأكيد إلحاق الضرر بهذه الأهداف إذا اختاروا ضربه، ولكن نظرا لحجم وتعقيد ونطاق وكيفية توسيع البرنامج النووي على مدى السنوات الـ10 الماضية، فإنه هدف من الصعب القضاء عليه”.

شبح الانتخابات

ووجه بايدن كلمات مقتضبة من البيت الأبيض، الجمعة الماضية، لنتنياهو. وقال إنه لا يعرف ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل اتفاق سلام الشرق الأوسط من أجل التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024.

وردا على سؤال بهذا المعنى، اتخذ بايدن موقفا دفاعيا وقال “لم تساعد أي إدارة إسرائيل أكثر مني، وأعتقد أن نتنياهو يجب أن يتذكر ذلك، ولا أعرف ما إذا كان يحاول التأثير على الانتخابات، لكنني لا أعول على ذلك”.

وكان بايدن يرد على تصريحات أدلى بها السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي والتي قال فيها -لشبكة “سي إن إن”- إنه قلق من أن نتنياهو ليس لديه اهتمام يذكر باتفاق سلام لأسباب منها الانتخابات الأميركية.

ويقول مسؤولون ومحللون غربيون إن بايدن عاجز عن تغيير سلوك إسرائيل لأن رئيس وزرائها يدرك جيدا حدود تحرك الإدارة الأميركية خاصة قبل أسابيع من إجراء الانتخابات الرئاسية.

وتختلف الحسابات الإسرائيلية عن الأميركية، فإسرائيل تؤمن أن أفضل طريقة لمنع حرب أوسع هي الرد على إيران وحلفائها ورفع تكلفة أي هجوم عليها وإجبار خصومها على إعادة حساب فوائد مهاجمتها. في حين تخشى واشنطن من اتساع نطاق الصراع بما يدفعها للتدخل في وقت حساس قبل انتخابات رئاسية صعبة.

شاركها.
Exit mobile version