واشنطن زار كل من الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك أمس الخميس، حيث سعى المرشحان الأكثر احتمالا لمواجهة بعضهما بعضا في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى إلقاء كل منهما اللوم على الطرف الآخر في عبور مئات الآلاف من المهاجرين بصور غير شرعية للحدود.

وتأتي زيارة بايدن وترامب في وقت يشهد انخفاضا في عدد المهاجرين الذين قُبض عليهم بين المعابر الحدودية الرسمية على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، بعد ارتفاع قياسي في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وألقى ضباط حرس الحدود القبض على ما يقرب من 250 ألف مهاجر في ديسمبر/كانون الأول 2023، وانخفض هذا العدد بشكل حاد في يناير/كانون الثاني إلى نحو 124 ألفا، وذلك بسبب برودة الطقس بصورة أساسية، ويتوقع أن تعاود أرقام المهاجرين في الارتفاع مع بدء فصل الربيع.

واتجه الرئيس بايدن إلى مدينة براونزفيل حيث انخفضت أعداد المهاجرين الذين يدخلون إليها منذ بداية العام. وفي المقابل، وعلى مسافة تبعد 300 ميل من براونزفيل، زار ترامب منطقة إيجل باس، وهي أكثر المعابر كثافة من حيث أعداد المهاجرين العابرين للحدود الأميركية بصور غير شرعية.

بايدن يلتقي ضباط حرس الحدود في براونزفيل على الحدود مع المكسيك (الفرنسية)

بايدن يلوم الجمهوريين

والتقى بايدن، الذي قام بزيارته الثانية إلى الحدود خلال سنوات حكمه، مع ضباط حرس الحدود وإنفاذ القانون والقادة المحليين، وألقى باللوم على الجمهوريين في عرقلة اتفاق الحدود بين الحزبين في مجلس الشيوخ، الذي كان سيسمح للحكومة بطرد المهاجرين إذا تجاوزت عمليات العبور عتبة يومية تبلغ 4 آلاف مهاجر. وبعد أشهر من المفاوضات، قال الجمهوريون في نهاية المطاف إن الشروط لم تذهب بعيدا بما فيه الكفاية.

وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود الديمقراطيين للتركيز بشكل أكبر على الهجرة، التي تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أنها أصبحت أولوية قصوى للناخبين.

وفي استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر فبراير/شباط الماضي، أكد المستطلعة آراؤهم أن قضية الهجرة أصبحت أهم مشكلة تواجه البلاد خلال الأشهر والسنوات الأخيرة الماضية.

وبسبب تسييس قضية الهجرة من الحزبين، أخفق الكونغرس على مدار عقود في تمرير تشريع يقبل به الحزبان بشأن الهجرة وأمن الحدود.

وبعد 3 سنوات من اتباع سياسة دفاعية في مواجهة هجمات الحزب الجمهوري، يرى الديمقراطيون الآن فرصة لتحويل اللوم على الجمهوريين لعدم تمرير صفقة مجلس الشيوخ.

وجاءت زيارة بايدن قبل أسبوع من إلقائه خطاب حالة الاتحاد يوم 7 مارس/آذار الحالي، وفي الوقت الذي يدرس فيه البيت الأبيض التدابير الأحادية الجانب التي يمكنه اتخاذها لوقف عبور المهاجرين غير الشرعيين للحدود. ومن بين الأفكار المطروحة: منع المهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني من طلب اللجوء، مما يسمح بترحيلهم بسرعة إلى المكسيك أو بلدانهم الأصلية.

وسيواجه أي إجراء تنفيذي عقبات قانونية، إذ سعى ترامب إلى فرض حظر مماثل تقريبا في 2018، لكن محكمة اتحادية منعته وقالت إنه انتهاك لقوانين اللجوء، التي تسمح للناس بطلب الحماية الإنسانية بغض الطرف عن كيفية دخولهم البلاد.

ترامب يهاجم بايدن

وجاء في بيان لحملة بايدن قبل وصوله ولاية تكساس أن “الشعب الأميركي يعرف الحقيقة، فسياسات الرئيس ترامب خلقت الحدود الأكثر أمانا في التاريخ الأميركي، وجو بايدن هو الذي عكسها”.

وألقى ترامب كلمة في حديقة شيبلي بارك، التي أصبحت نقطة ساخنة في مواجهة ولاية تكساس مع الحكومة الفدرالية، حيث هاجم بايدن، وانتقد تعامله مع قضية الحدود، وربط تدفق المهاجرين بالجريمة.

وقال الرئيس الأميركي السابق إن “هؤلاء هم الأشخاص الذين يأتون إلى بلدنا، وهم يأتون من السجون ويأتون من المصحات العقلية وبعضهم إرهابيون، يُقتادون إلى بلادنا. وهذا أمر فظيع”. ولم تختلف لهجة ترامب هذه عن خطابه الاعتيادي المناوئ للمهاجرين الذي استخدمه في حملات ترشحه في 2016 و2020.

وامتدح ترامب حاكم ولاية تكساس الجمهوري جريج أبوت الذي يتهم إدارة بايدن بالإخفاق في تأمين الحدود، ويجادل أن الدستور الأميركي يمنحهم حق “الدفاع عن النفس” للحماية من “الغزو” في هذه الحالة هم المهاجرون.

واتخذ حاكم ولاية تكساس خطوة غير مسبوقة لتأمين حدود الولاية من خلال المئات من حرس الولاية الوطني، كما أمر ببناء قاعدة عسكرية دائمة بالقرب من إيجل باس تكفي لاستضافة 2300 جندي حكومي، يكونون مستعدين لمواجهة أي أزمات لتدفق المهاجرين على الحدود.

وترى إدارة بايدن أن تصرفات تكساس على طول الحدود غير ضرورية وتنتهك الدستور الذي يمنح سلطة إدارة ملف الهجرة للحكومة الفدرالية فقط.

لم يمنع السور- الجدار الحديدي الفاصل بين الولايات المتخدة والمكسيك بالقرب من بلدة سمرتون في جنوب أريزونا مئات الالاف من المهاجرين غير الشرعيين من العبور من تحت او فوق السور
الجدار الحديدي الفاصل بين الولايات المتخدة والمكسيك لم يمنع مئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين من العبور (الجزيرة)

الديمقراطيون يضغطون

حاولت إدارة بايدن تحقيق توازن من خلال تقييد حالة اللجوء -وهي الحالة التي يعتمد عليها أغلب المهاجرين بعد وصولهم الأراضي الأميركية- لبعض المهاجرين، مع فتح خيارات قانونية جديدة للمهاجرين الآخرين. وقد واجه هذا النهج رد فعل سلبي من اليسار واليمين على حد سواء.

وأصبحت الهجمات التي يواجها بايدن ليست من ترامب والجمهوريين الآخرين فقط، إذ تعرض بايدن لضغوط من أعضاء حزبه التقدميين بعدما أصيبوا بخيبة أمل من تحول بايدن إلى اليمين بشأن الهجرة في الأشهر الأخيرة، بعد أن نفّذ حملة مكثفة ضد سياسات الهجرة المتشددة لترامب في حملته الانتخابية في 2020.

إلا أنه وفي الوقت ذاته، يضغط كثير من الديمقراطيين في الكونغرس، إضافة لعمداء ورؤساء البلديات والمدن في جميع أنحاء البلاد، على بايدن لتبني سياسات حدودية أكثر صرامة، وذلك بعدما وصل آلاف المهاجرين غير الشرعيين لمدنهم.

ويقول 29% فقط من المستجيبين في استطلاع حديث أجرته الإذاعة الوطنية NPR إنهم يوافقون على الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع قضية الهجرة.

جدير بالذكر أن أغلب استطلاعات الرأي تشير إلى أن معظم الأميركيين يثقون في الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين في تأمين الحدود والتعامل مع قضية الهجرة.

شاركها.
Exit mobile version