|

واشنطن- تشهد حسابات خريطة الانتخابات الرئاسية في أميركا هزة كبيرة، وذلك إثر انطلاق حملة حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس.

ولا تقتصر الهزة داخل حزبه الجمهوري وحملة الرئيس السابق دونالد ترامب، بل تمتد أيضا إلى معسكر الرئيس الديمقراطي جو بايدن، حيث يأتي على رأس حسابات الطرفين ما يمثله ديسانتيس كـ”مرشح شاب” (44 عاما)، في حين تخطى بايدن الثمانين، ولا يبتعد ترامب كثيرا عنه إلا بعامين فقط.

وقال ديسانتيس في تدشينه حملته الرئاسية على منصة تويتر “أنا أترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة لقيادة عودتنا الأميركية العظيمة”، ثم تحدث عن “المستقبل”، وهو ما لم يتردد كثيرا في خطابات ترامب أو بايدن.

ويزدحم المعسكر الجمهوري بكثير من المرشحين، إلا أن هناك إجماعا تدعمه استطلاعات الرأي المتكررة تشير إلى ثنائية الصراع على بطاقة الحزب بين ترامب وديسانتيس.

ولدى ديسانتيس سجلا من الإنجازات تثمنها التيارات المحافظة التي تمثل العمود الفقري للحزب الجمهوري. وخلال الفترة التي قضاها في منصبه، سنّ ديسانتيس قوانين محافظة رفيعة المستوى، مثل: تسهيل امتلاك السلاح، وتقييد تعليم الجنس والهويات الجنسية في المدارس الابتدائية، وتشديد قواعد التصويت، والحد من عمليات الإجهاض، فضلا عن مواجهة الهجرة غير النظامية.

كما أن استعداده لمواجهة الشركات الكبرى -كما الحال مع شركة ديزني- التي يرى أنها تقدم أجندة ليبرالية، يشير إلى أنه يعتقد أن القضايا الثقافية الساخنة تشكل مصدر قلق أكبر للناخبين الجمهوريين من السياسات التقليدية المؤيدة للشركات.

ترامبية من دون صخب ترامب

وتمثل أجندة ديسانتيس عامل جذب لكثير من الناخبين الجمهوريين الذين صوتوا لترامب في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين؛ إذ يمثل لهم سياسات ترامب من دون ترامب نفسه وما يسببه من صخب وإثارة لا داعي لهما. من هنا يدرك ترامب أن ديسانتيس خصم قوي جدا، لدرجة أنه لا يتوقف عن مهاجمته في كل مناسبة ممكنة، في وقت لم يبدأ فيه ديسانتيس حملة الهجوم على ترامب.

ويجذب ذلك الناخبات من النساء في الحزب الجمهوري والناخبين من صغار السن، إضافة إلى ساكني الضواحي المحافظين المعتدلين، خاصة بعدما اهتزت صورة ترامب بشدة بين النساء الجمهوريين بعد إدانته بجرائم جنسية قبل أسبوعين في مدينة نيويورك.

من ناحية أخرى، سيستغل ترامب متاعبه القضائية للعب على وتر أنه مضطهد من “الدولة العميقة”. إلا أن مواجهة القضاء في الوقت ذاته تخلق متاعب لترامب خاصة مع توافر مرشح بديل لا تختلف سياساته كثيرا عن سياسات ترامب.

وفي الوقت الذي يتهم ترامب فيه “تلميذه السابق” بالخيانة بسبب الترشح للرئاسة، يلعب ديسانتيس بورقه أنه يوفر قيادة محافظة أكثر استقرارا وانضباطا من تلك التي أظهرها ترامب.

وبدأت حملة ديسانتيس تأكيد أن ترامب هو الجمهوري الوحيد “الذي يمكن أن يخسر” ضد بايدن.

ومع استمرار تقدم ترامب في استطلاعات الرأي، يبقى على ديسانتيس تحد مهم؛ يتمثل في إقناع بعض مؤيدي ترامب الأقل حماسا بأنه نسخة أفضل من “الترامبية الأصلية”.

ارتباك في حسابات الديمقراطيين

خلال جولة تمهيدية في ولاية أيوا الأسبوع الماضي، قال ديسانتيس متحدثا عن خوض الانتخابات المقبلة “لديك في الأساس 3 أشخاص في هذه المرحلة يتمتعون بالمصداقية في هذا الأمر برمته، بايدن وترامب وأنا”.

وأضاف “بالتفكير البسيط، هناك اثنان لديهما فرصة لانتخابهما رئيسا: بايدن وأنا، وهذه بناء على جميع البيانات في الولايات المتأرجحة، وهو أمر ليس رائعا بالنسبة للرئيس السابق (ترامب)، وربما لا يمكن التغلب عليه لأن الناس لن يغيروا وجهة نظرهم عنه”.

ويزعج الديمقراطيين احتمال أن يضطر الرئيس بايدن (80 عاما) إلى مواجهة مرشح عمره 44 عاما، أي أصغر من ابنه هانتر بايدن (53 عاما). ويفضل الديمقراطيون مواجهة ترامب الذي يصغر بايدن بعامين فقط.

ويمثل ديسانتيس كابوسا للديمقراطيين، حيث يظهر كرجل محب لعائلته ولديه زوجة جذابة و3 أطفال صغار دون العاشرة من العمر، وهو ما قد يجذب إليه نسبة أكبر من المستقلين الذين تحسم أصواتهم الولايات المتأرجحة في نهاية المطاف.

وفي حال فوز ديسانتيس، وظهوره في المناظرات الرئاسية، سيكون الفارق السني شديد الوضوح للناخبين الأميركيين، إضافة إلى استمرار الرئيس بايدن في الوقوع في أخطاء لضعف لياقته الذهنية بسبب العمر، وهو ما سيستغله ديسانتيس ويبرزه للناخبين المستقلين.

وبالنسبة للديمقراطيين، يمثل ترامب مواجهة أسهل من مواجهة ديسانتيس، إذ لا يحمل حاكم ولاية فلوريدا إرث 4 سنوات في البيت الأبيض، إضافة إلى ما يمكن لحملة بايدن استغلاله ضد ترامب، خاصة متاعبه القانونية التي لم تنته بعد.

وفي هذا السياق، يقول أحد مساعدي بايدن “نحن جميعا نفضل الترشح ضد ترامب، لكننا نكره ديسانتيس بالقدر نفسه؛ لذا فإن حقيقة أننا نستطيع مشاهدة ترامب وديسانتيس يلتهمان بعضهما البعض بما يزيد تنفير الناخبين المتأرجحين الذين سيقررون نتائج هذه الانتخابات؛ يجعلنا نشعر بالثقة في مواجهة أي منهما”.

في الوقت ذاته، يؤكد عدد من كبار مساعدي ديسانتيس أن حاكم ولاية فلوريدا سيطلق قريبا حملة قوية في عدد من الولايات المتأرجحة تقليديا، تهدف إلى إطلاق طاقته الشبابية، حيث يهاجم فيها منافسيه الأكبر سنا: ترامب وبايدن.

شاركها.
Exit mobile version