شمال سوريا- خفّض برنامج الغذاء العالمي (WFP) خلال 2023 المساعدات التي يقدمها للمواطنين المحتاجين في شمال غرب سوريا، الذين نزحوا من قراهم وبلداتهم، بمقدار 70%، وستُخفض بنسبة 50% مطلع 2024، ما سيؤدي لحرمان ما يقارب مليون شخص من أمنهم الغذائي في إدلب، بينما يُعاني مئات الآلاف من سكان المخيمات مع بداية كل فصل شتاء من أزمة في تأمين التدفئة، وتبديل الخيام القماشية الممزقة بعد فصل صيفي حار.

تقول آمنة شلاش وهي نازحة من ريف حماة وتقطن في إحدى مخيمات النزوح شمال إدلب، إن “الوضع سيئ جدا مع تخفيض السلال الغذائية المقدمة لنا، خاصة مع قدوم فصل الشتاء، وغلاء أسعار مواد التدفئة التي نعجز عن شرائها”.

وذكرت أن حجم السلة التي كانت تُقدم لهم قبل عامين، كان وزنها ما يقارب 40 كغ، وخُفضت هذا العام لما يقارب 20 كغ، “وهي لا تكفي لأيام عدة لعائلتي التي تبلغ 30 نسمة” حسب قولها.

وأضافت أم موسى، وهي نازحة في المخيم نفسه “لديّ ولد معاق، وأذهب أنا وطفلتي الصغيرة للبحث في حاوية القمامة لإخراج أكياس النايلون من أجل التدفئة، رغم أنها تسبب لنا الأمراض بسبب رائحتها، لعدم قدرتي على شراء مواد التدفئة، ولا حتى اللباس الضروري لفصل الشتاء”.

ما يقارب من مليون نسمة ستتأثر بتخفيض مساعدات برنامج الغذاء العالمي (الجزيرة)

“مليون نسمة ستتأثر”

قال مدير منصات الارتباط بمكتب تنسيق العمل الإنساني عامر العلو في حديث للجزيرة نت، إن “الواقع متردّ في مناطق شمال سوريا، في ظل الحرب الطويلة الأمد التي شُنت على الشعب السوري، وأن الاحتياجات كبيرة وضخمة، ولا سيما للقاطنين بالمخيمات؛ مثل: الاحتياجات الصحية والتعليمية والسكنية”.

وأضاف عامر أن “أهم ما في هذه الاحتياجات هو الأمن الغذائي، وتحقيق الحد الأدنى منه للسكان النازحين في المخيمات والقرى”، وذكر أن عدد السكان الذين كانت تشملهم المساعدات قبل التخفيض أكثر من 214 ألف عائلة، موزعون على 169 ألف عائلة في المخيمات، و44 ألف عائلة بالقرى والبلدات، وبعد التخفيض سيتم إيقاف المساعدات عن 154 ألف عائلة من المحتاجين”.

وأشار في التصريح ذاته أنه “قبل التخفيض كان هناك أصلا 197 ألف عائلة بحاجة ماسة للمساعدات، ولم تكن مدعومة، ومع زيادة 154 ألف عائلة بعد التخفيض، سيزيد العدد إلى 351 ألف عائلة محتاجة، أي ما يقارب مليون نسمة ستتأثر بتخفيض هذه المساعدات”.

ونبّه إلى أنهم كمكتب تنسيق عمل إنساني أجروا اجتماعات دورية مع ممثلي ومنسقي الأمم المتحدة، وقدموا لهم الإحصاءات حول أثر تخفيض المساعدات في السكان، ووعدوهم بالعمل على تخفيض حجم المشكلة القادمة.

يشكل النازحون في المخيمات وخارجها في شمال سوريا نسبة 49% من العدد الكلي للسكان (الجزيرة)

تحذير من مجاعة

ذكر منسقو الاستجابة العاملة في مناطق شمال غرب سوريا في تقرير لهم، “منذ بداية 2023، ونسب الاستجابة الإنسانية في سوريا في تناقص مستمر، بنسب عجز تجاوزت 70%، ولذا فإن العام القادم سيشهد نسب عجز مرتفعة للغاية، مما يفتح المجال أمام مستويات عالية من الفقر والجوع في المنطقة، بالتزامن مع ارتفاع متزايد في نسب البطالة، لعدم وجود فرص عمل حقيقية أمام المدنيين”.

ويدعو هذا الأمر إلى إطلاق تحذير لجميع الجهات الإنسانية والمنظمات الأممية الداعمة، من خطر استمرار عمليات التخفيض في المساعدات الإنسانية، وهو ما سيؤدي إلى مجاعة كبرى لا يمكن السيطرة عليها، في ظل البطالة والوضع الاقتصادي المتردي في شمال غرب سوريا، وعدم قدرة الآلاف من المدنيين على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الأمن الغذائي.

ومما يزيد من تفاقم المشكلة قرب انتهاء حركة دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهو الشريان الأكبر لدخول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، على الرغم من زيارة أكثر من 250 بعثة أممية إلى شمال سوريا خلال العام الحالي، منذ فبراير/شباط الماضي وحتى الآن.

ويبلغ عدد السكان في مناطق شمال غربي سوريا أكثر من 6 ملايين نسمة، ويشكل النازحون في المخيمات وخارجها نسبة 49% من العدد الكلي للسكان، ويصل عدد المخيمات إلى 1873 مخيما ومركز إيواء ومخيما عشوائيا، ويسكنها ما يزيد عن مليوني نازح.

شاركها.
Exit mobile version