كشف استطلاع لقياس اتجاهات الرأي العربي بشأن العدوان الإسرائيلي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عبر الهاتف على عينة بلغت 8 آلاف شخص في الفترة بين 2023/12/12 وحتى 2024/1/5 عن التناقض الكبير بين المواقف الرسمية والشعبية في العالم العربي وفي اتجاهات كثيرة بشأن ما يجري في غزة.

وشمل الاستطلاع جميع الدول العربية عدا الإمارات والبحرين وجيبوتي والصومال وسوريا، إضافة إلى قطاع غزة.

وأظهر الاستطلاع أن الأغلبية الساحقة في الشارع العربي ترفض الاعتراف بإسرائيل بنسبة تصل إلى 89%، وبالتالي فهي لا توافق على التطبيع الذي تتوجه إليه بعض الأنظمة العربية.

كما أن الشارع العربي يرى -بحسب الاستطلاع- أن سلبية الحكومات العربية واتفاقيات التطبيع من العوامل التي تشجع الاحتلال على استمرار عدوانه على قطاع غزة.

وكشفت نتائج الاستطلاع عن ثقة الشارع العربي الكبيرة بالمقاومة الفلسطينية وبمصداقيتها وبطرحها ومواقفها.

الدفاع عن الأقصى

وردا على سؤال عن الأسباب التي دفعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى تنفيذ عملية طوفان الأقصى كان السببان اللذان تصدرا القائمة بحسب المستطلعين استمرار الاحتلال 35%، والدفاع عن الأقصى 24%، والذي حملت عملية حماس العسكرية اسمه.

أما ما كان يدعيه الإعلام المعادي للمقاومة -سواء العربي أو الإسرائيلي أو الغربي منه- بأن طوفان الأقصى كان تنفيذا لأجندة خارجية وبالتحديد الإيرانية منها فلم يوافق عليه من المستطلعين سوى 2%.

واللافت أن أعلى نسبة والتي تبنت مسألة الدفاع عن الأقصى كأهم سبب لهجوم حماس كانت من الضفة الغربية وبلغت 45%، وهو ما يعكس شعور سكانها بالخطر المحدق على الأقصى والذين يعايشونه بشكل يومي، وثقتهم العالية بمصداقية حماس.

مقاومة مشروعة

وفي تقييم مشروعية ما قامت به حماس في إطلاق طوفان الأقصى، يرى 88% من الشارع العربي أن تلك العملية مقاومة مشروعة، فيما يرى 5% فقط أنها لم تكن كذلك.

وبالتالي، فإن إدانة بعض الأنظمة العربية عملية حماس كانت مخالفة لنبض الشارع العربي وتوجهاته، وهي بالتأكيد تعكس غياب الديمقراطية عن القرارات السياسية العربية.

كما رأى 82% من المستجيبين أن حماس تختلف عن تنظيم الدولة الإسلامية، فيما أجاب 10% بأنه لا يعرف أو أنه رفض الإجابة.

وبالنسبة للتضامن مع أهل غزة وحماس معا كانت النسبة 69%، فيما تضامن 23% مع أهل غزة مع اختلافهم مع حماس.

لا سلام مع الاحتلال

وهز العدوان الإسرائيلي قناعات الشارع العربي بإمكانية إقامة سلام مع الاحتلال، فرأى 59% من العينة المستجوبة أنه أصبح متأكدا أنه لن تكون هناك إمكانية لإقامة سلام مع الاحتلال، فيما أصبح 14% يشك بشكل كبير في ذلك، و9% كانوا يعتقدون حتى قبل الحرب أنه لم تكن هنالك إمكانية إقامة سلام، وبعبارة موجزة فإن 82% من الشارع العربي لا يرون إمكانية حصول سلام مع إسرائيل، وإن كان بدرجات متفاوتة.

وتعزز هذه النتيجة أطروحات المقاومة بشكل كبير وكاسح، وهي بالضرورة تظهر ضعف شعبية السلطة الفلسطينية واقتناع الرأي العربي بعبثية مبادرات السلام العربية مع الاحتلال.

كما أرسلت نتائج الاستفتاء رسالة غضب واضحة وجلية إلى الغرب -خاصة الولايات المتحدة الأميركية- جراء دعمه جرائم الاحتلال، وأظهرت ضعف المصداقية الأميركية في الشارع العربي، فالدعم الأميركي يشكل -بحسب 50% من المستطلعين- أهم عامل من العوامل التي تساهم في استمرار عدوان إسرائيل على غزة.

الموقف الأميركي

أما بشأن المواقف من حرب إسرائيل على غزة فقد أظهرت النتائج تقييم 94% من المستطلعة آراؤهم الموقف الأميركي بالسلبي، فيما قيّم 79%، 78% و75% المواقف الفرنسية والبريطانية والألمانية تباعا بأنها سلبية.

وبينما نلحظ أن نسبة المستائين من مواقف الدول الأوروبية متقاربة ومرتفعة نلحظ ما يشبه إجماع الشارع العربي على سلبية الموقف الأميركي.

كراهية الشارع العربي ومشاعره السلبية تصاعدت كثيرا تجاه الولايات المتحدة الأميركية، كما تعاظمت مشاعر عدم الثقة وانعدام المصداقية فيها، فالأغلبية العظمى من المستطلعة آراؤهم (81%) لا يثقون بجدية واشنطن في العمل على إقامة دولة فلسطينية.

وتنسحب عدم الثقة بالولايات المتحدة لتشمل تغطية الإعلام الأميركي للحرب، والذي قيّمه 82% من المستجيبين بأنه منحاز إلى إسرائيل.

أما الأمر اللافت والمثير للدهشة فهو رؤية الشارع العربي أن أميركا الأكثر تهديدا لأمن المنطقة واستقرارها (51%)، وتسبق بذلك إسرائيل وبفارق كبير (26%).

القضية المركزية

أعادت عملية طوفان الأقصى إلى القضية الفلسطينية ألقها بعد أن أصبحت من الأخبار الروتينية في السنوات الماضية، وعادت لتتبوأ صدارة القضايا في الضمير العربي، فاعتبر 92% من المستجيبين أن قضية فلسطين هي قضية جميع العرب.

كما أظهرت نسبة كاسحة من المستطلعة آراؤهم متابعة حثيثة للحرب على غزة وعن ضغوط نفسية يتعرض لها المواطن العربي وهو يتابع العدوان وحرب الإبادة على غزة.

وكان جليا أن الموقف الشعبي العربي شبه موحد في مواقفه من فلسطين والمقاومة على الرغم من التباينات الكبيرة بين مواقف الأنظمة العربية من تلك القضايا، ولو أتيحت للشعوب حرية الاختيار والقرار لكان التعامل مع الاحتلال وجرائمه بطريقة مختلفة عما يحدث الآن.

شاركها.
Exit mobile version