في صباح الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024 قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده يخوضون معارك عنيفة مع مقاتلي حزب الله في جنوبي لبنان، في حين أكد الحزب أنه استهدف “تحركات لجنود العدو” في موقع المطلة بقذائف المدفعية، وحقّق إصابات مباشرة.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في تغريدة على موقع “إكس” اليوم الثلاثاء، أن معارك عنيفة تدور في جنوبي لبنان، داعيا “السكان لعدم التحرك بالمركبات من الشمال إلى جنوب نهر الليطاني حتى إشعار آخر”.

ومن جهته نفى مسؤول بحزب الله حينها دخول أي قوات من الجيش الإسرائيلي إلى لبنان أو وقوع أي اشتباكات مباشرة بين الجانبين. وأكد محمد عفيف مسؤول الإعلام في حزب الله للجزيرة أن “كل الادعاءات الصهيونية بأن قوات الاحتلال دخلت لبنان كاذبة”، مشددا على أنه لم يحدث بعد أي اشتباك بري مباشر بين المقاومة وقوات الاحتلال”. وكان جيش الاحتلال قد أفاد بأن قوات الفرقة 98 مع لوائي الكوماندوز والمظليين واللواء 7 المدرع هي التي تشارك في عملية لبنان.

بدأت الاشتباكات في اليوم التالي، وفورًا بدأ إعلان جيش الاحتلال عن خسائره. فقد أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن وقوع قتلى وإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات مع حزب الله، حيث نقلت القناة 12 الإسرائيلية مقتل 8 ضباط وجنود من وحدة الكوماندوز الإسرائيلية (إيغوز) خلال المعارك الدائرة في جنوب لبنان منذ صباح الأربعاء.

تأتي الحرب البرية المتوقع صعود وتيرتها بعد ضربات نوعية ألحقت بحزب الله أضرارًا كبيرة، واستهدفت عناصر قيادية مهمة في طليعتها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وقصف جوي مكثف بهدف إشاعة قدر كبير من الدمار داخل البيئة العسكرية والحاضنة الشعبية لحزب الله. كل هذا يجعل الصدام المباشر يجري في ظروف وسياقات يصعب التنبؤ بمآلاتها، ويطرح تساؤلات حول قدرة حزب الله على الصمود وإمكانية التصدي لمخططات الاجتياح البري الإسرائيلي، وهل يمكنه عبور لحظة الصدمة وكيف يمكنه ترميم لياقته واستعادة أساليبه القتالية المعتادة؟

غارات الإسرائيلية على بلدات في جنوب لبنان (مواقع التواصل الاجتماعي)

طريقة حزب الله في الحرب

بحساب الأرقام، يُعد الجيش الإسرائيلي، بعدته وعتاده ودعم الولايات المتحدة له ماليا وتقنيا، أحد أقوى الجيوش في العالم. فهو من هذه الناحية، يتفوق قطعًا على حزب الله، لكن الأخير، من الناحية العسكرية، يعد بحسب خبراء عسكريين أحد أقوى القوات المسلحة غير النظامية في العالم. فما الذي يحدث إذا التقت قوتان بهذا الاختلاف والتفاوت في أرض المعركة؟

قد تظن أن فارق العتاد وحده يكفي لتحديد خط سير المعركة، لكن ذلك غير صحيح، وحرب لبنان في عام 2006 كانت كفيلة بإظهار خطأ تلك الفكرة. ويمكن أن تلحظ ذلك في تحليل قدمه الخبير الأمني الإسرائيلي بواز جانور الذي أوضح أنه “في غضون 34 يومًا فقط من الحرب غير المتكافئة ضد إسرائيل، أظهر حزب الله مرونة تنظيمية، وقدرة على البقاء، واستخدام أشكال متعددة ومبتكرة من القوة النارية”.

بل ورأى بعض الخبراء في هذا النطاق، مثل باحث الدفاع الأميركي فرانك هوفمان، أن حزب الله أثبت أن الجهات غير النظامية قادرة على “دراسة وتفكيك نقاط الضعف في الجيوش ذات النمط الغربي واستنباط التدابير المضادة المناسبة”. السبب في ذلك لم يكن تحديدًا القوة العسكرية، ولكن ما يصفه المتخصصون بأنه نوع مختلف من الحروب الذي يُعدّ حزب الله أحد نماذج تطبيقه، وقد سُمِّيت هذه الحروب “الحروب الهجينة”.

لا تمتلك الحرب الهجينة تعريفًا عسكريًّا محددًا حتى الآن، ولا يزال ثمة جدل حول طبيعتها. لكن يمكن القول إنها إستراتيجية تمزج بين الحرب التقليدية والحرب غير النظامية، فتكون هناك قوات نظامية مسلحة تقليدية الطابع ذات تكتيكات ومعدات عسكرية قياسية، إلى جانب أسلحة مثل الدبابات والمدفعية والطائرات، إلى جانب تكتيكات الحرب غير النظامية، مثل استخدام وحدات أو خلايا صغيرة متنقلة وتكتيكات الكرّ والفرّ والكمائن وعمليات “تخريب” بنى العدو التحتية.

في هذا السياق تأتي مجموعة من الخصائص التي تميز إدارة هذا النوع من الإستراتيجيات على مستوى العمليات والتكتيكات، منها مثلا الاستجابة المرنة والسريعة. فحينما تبدأ حملة قصف جوي لمنطقة ما، تتمكن القوات المدافعة (ولتكن حزب الله في هذه الحالة) من التخفيض السريع لحركات القوات على الأرض ومعدلات استخدام الهواتف المحمولة، فهيكلية القوات تمكن الحزب من التكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة، واستخدام أشكال مختلفة من الحرب حسب الحاجة وليس طبقا لتشكيلات القوات النظامية، وفي نفس الوقت تظل هناك وحدات مدربة بشكل معتدل ومنضبط، تصل إلى حجم كتيبة، مع هيكل قيادة وسيطرة مركزية شبيه بهياكل الجيوش النظامية، وهو أمر ضروري لتنسيق إستراتيجية الحرب الهجينة.

لحظة إطلاق أحد عناصر حزب الله لصاروخ كورنيت المضاد للدبابات (مواقع التواصل الاجتماعي)

واقع الصدام البري

لكن سياق المعركة الآن يختلف فحزب الله، في قلب العاصفة، بلا رأس قيادي بعد اغتيال زعيمه حسن نصر الله، وكذلك في حال تفريغ لقيادات عسكرية وأمنية معتبرة، وتعثر في منظومته الاتصالية والمعلوماتية بسبب الاختراق، وتفجير البيجر. وفي نفس الوقت خصمه نتنياهو هو في أشد حالاته عدوانا، وكل هذا يمضي في اتجاه يعقد من حزمة التوقعات بشأن الالتحام من المسافة صفر.

وعلى الرغم من ذلك لا يزال الحزب يمتلك هياكل عسكرية احترافية، وربما لا يقف حزب الله في موقف دفاعي فقط، بل قد تشن قواته هجمات حرب عصابات، على الأرجح باستخدام شبكة أنفاق واسعة ومواقع دفاعية مُعدَّة جيدا بالقرب من الحدود الإسرائيلية، مستفيدة من التضاريس الوعرة هناك، ولا سيما أن حزب الله يدرك جيدا النيات التدميرية للهجوم البري المتعلق بتفكيك البنية التحتية العسكرية وقطع خطوط المواصلات بين الأفرع العسكرية، واستهداف بعض القادة في منازلهم، وتجريد حزب الله من كل عناصره المؤثرة على الأرض من منشآت ومؤسسات، كما أن الهجوم البري يدفع كذلك بتسريع موجات الإخلاء الجارية في المنطقة.

لذلك من المتوقع في حال استرداد الحزب العافية القيادية، والقدرة على امتصاص الضربة القوية التي وجهت إليه، أن يحاول أثناء صدامه البري تكثيف الضربات الدقيقة والمنهجية على مجموعة من مواقع المراقبة الإسرائيلية على طول الحدود، وإسقاط المسيّرات العالية الجودة، وضرب بطاريات القبة الحديدية الإسرائيلية، بشكل يضغط على القوات البرية المتوغلة في جنوبي لبنان، ويجعلها تتردد في تقدمها، ويربكها فضلا عن تعظيم الخسائر البشرية.

نقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤول أميركي أن إسرائيل نشرت 5 ألوية على الحدود، لكن لا يتوقع أن تتحرك جميعها (الصحافة الإسرائيلية)

كذلك يمكن لحزب الله نشر ما بين 40 و50 ألف مقاتل يتمتع جانب كبير منهم بتدريب عالٍ ومنضبط، ولم نتحدث بعد عن فرقة الرضوان التي تضم مقاتلين ذوي خبرة عالية، وغالبا ما يكونون في الخطوط الأمامية، وكثيرا ما أرسلوا إلى إيران لتلقي تدريب متقدم مع قوات الحرس الثوري بهدف اكتساب خبرات عسكرية وتعلم كيفية استخدام مختلف أنواع الأسلحة.

ومن ثَمّ فنحن هنا لا نتحدث عن قتال خاطف يمكن أن ينتهي في أيام أو حتى أسابيع، خاصة في ضوء التعثر الذي طال إسرائيل في غزة بعد عام كامل من الحرب، إضافة إلى أن أسلحة الحزب لا يزال جزء كبير منها في حيز الفاعلية، وتُعد أكثر تطورا إذا ما قورنت بسلاح المقاومة الفلسطينية وأكثر قربا من ترسانة الحرب التقليدية، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يفهم ذلك، ويعرف أن الحرب البرية في جنوب لبنان ستكون مختلفة لا شك، وأنها حتى مع النجاح الاستخباري الكبير الذي نتج عنه اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، قد تتحول إلى كارثة كبيرة، على الرغم من الدعم الأمريكي غير المسبوق.

ولذلك نقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤول أميركي أن إسرائيل نشرت 5 ألوية على الحدود، لكن لا يتوقع أن تتحرك جميعها. وأضاف المسؤول الرفيع أن إسرائيل بدأت بالفعل عمليات استطلاع ونشر مهندسين لتنفيذ مهام مثل اختراق الحواجز، مشيرا إلى أن العملية الإسرائيلية بلبنان قد بدأت الليلة الماضية وتستمر أياما لا أسابيع “ضمن نطاق محدود”.

ويعني ذلك أن الحذر هو سيد الموقف على مسرح العمليات، وأن تعديل أهداف التحركات البرية وارد في كل مراحل الاشتباك، ومن ضمن ذلك بالطبع إمكانية أن تتطور العملية لتصبح حربا شاملة، تنزلق فيها القوات الإسرائيلية في مواجهات من مسافة صفر، مع فرق حزب الله، وهنا ستصبح أساليب حرب العصابات هي الأنجع، وفي كل الأحوال لن تكون سهلة بالنظر إلى قدرات حزب الله من حيث عدد الجنود وتدريبهم وعتاده سلاح الصواريخ والمسيّرات.

صواريخ حزب الله

إضافة إلى الحرب البرية من المتوقع، أن تستمر عمليات القصف لأنحاء متفرقة في إسرائيل، بما يضغط نفسيا على جدوى الغزو وتعثره في تحقيق أهدافه، وتمثل الصواريخ سلاحًا أساسيا في إستراتيجية الحزب العسكرية؛ ولذا فقد استثمر في تحديثها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أصبح يمثل تهديدًا أقلق جنرالات الحرب في تل أبيب. فحاليا، يمتلك حزب الله صواريخ يتجاوز مداها 300 كيلومتر، مثل صاروخ فاتح 110 ونسخه المختلفة، وهي صواريخ يمكنها الوصول إلى العمق الإسرائيلي. ويبدأ مدى صواريخ حزب الله من 10 كيلومترات لصواريخ بركان وفلق، ويرتفع ليصل إلى 40 كيلومترا فأعلى حتى حدود 100 كيلومتر لصواريخ مثل فجر 3 و5 ورعد 2 و3، وأخيرا تظهر صواريخ مثل خيبر 1 وزلزال 2 وغيرها من الصواريخ التي يزيد مداها على مئة كيلومتر.

امتلاك نسخ من الصواريخ متنوعة في مداها إلى هذا الحد يوفر لحزب الله العديد من المزايا التكتيكية، بما في ذلك تنويع الأهداف، لكن الأهم من ذلك أنها تمثل ضغطًا على العملية الإسرائيلية البرية في جنوبي لبنان، ولذلك فإن الهدف الرئيسي للعملية هو أصلا استهداف منصات الصواريخ التابعة لحزب الله، ولكن لأنها مرنة جدا في حركتها فإن استهدافها لن يكون سهلا حتى مع الاختراق الاستخباري لحزب الله، وهو ما يعطي الحزب وقتا للرد في أثناء العملية البرية.

كما أن مجموعة من الصواريخ المتنوعة المدى تسمح لحزب الله بتوزيع منصات إطلاق الصواريخ على مساحة واسعة، وهذا يجعل من الصعب على قوات الخصم (جيش الاحتلال في هذه الحالة) تحديد مواقع الإطلاق وتدميرها في وقت واحد.

وإلى جانب ذلك، عمل حزب الله على امتلاك وتطوير صواريخ موجهة بدقة، ويعد ذلك أحد أهم التطورات التي تم تضمينها في ترسانة حزب الله الصاروخية مؤخرا. حيث تشير تقديرات عسكرية أن لدى ترسانة حزب الله -التي تتراوح بين 120 و200 ألف صاروخ بحسب بعض المصادر- مئات من الصواريخ الدقيقة الموجهة ذات القدرة التدميرية العالية.

صواريخ حزب الله (مواقع التواصل الإجتماعي)

الصواريخ الموجهة بدقة هي أسلحة متقدمة يمكن توجيهها نحو الهدف بعد إطلاقها، حيث يتم التحكم فيها أثناء الرحلة بواسطة أنظمة توجيه مختلفة بما في ذلك نظام التموضع العالمي، ويتكون نظام الصواريخ الموجهة النموذجي من عدة أجزاء أهمها “مكونات الاستهداف” التي تعمل على تحديد الهدف وضربه بدقة.

أضف إلى ذلك أن حزب الله لا يستخدم الصواريخ منفردة في ضرباته الكبرى، بل يدمجها مع المسيّرات. تنوع المنتجات الهجومية الجوية هو هدف أساسي لدى حزب الله، ويُمثِّل سمة مميزة لبرنامجه العسكري، وهو التركيز على العمليات المشتركة، وهو أسلوب قتالي يسعى إلى دمج الأسلحة القتالية المختلفة لتحقيق تأثيرات تكاملية متبادلة. وعادة ما تعمل المسيّرات نفسها في أسراب تكتيكية يمكن أن تشتت قدرات أنظمة الدفاع الجوي وتتجاوز حدود قدرتها على الصدّ، وتعطل الاتصالات والخدمات اللوجستية.

وإلى جانب قدرات المراقبة، يركز حزب الله على تسليح مسيّراته بالمتفجرات، وتحويلها إلى مسيّرات انتحارية يمكن توجيهها نحو هدف وتفجيرها عند الاصطدام به؛ مما يتسبب في أضرار جسيمة، خاصة أن المسيّرات الأحدث لديها أنظمة توجيه محسنة؛ مما يسمح بضربات أدق لأهداف محددة، وهو أمر مفيد خصوصا في الحرب غير المتكافئة، تلك التي يستهدف من خلالها حزب الله إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في إسرائيل مقابل أقل قدر ممكن من التكاليف.

حاليا يمتلك حزب الله مجموعة متنوعة من المسيّرات، بما في ذلك “مرصاد-1″ (مداها 200 كيلومتر)، و”أيوب” (مشتق من “شاهد-129” الإيرانية بمدى يزيد على 1600 كيلومتر)، كما يمتلك حزب الله مسيّرات انتحارية استخدمها في الهجمات المتتالية على إسرائيل، وقد يطغى إطلاق عدد كبير منها على قدرات القبة الحديدية، أو على الأقل فإن حزب الله يقترب من تلك النقطة، حيث قدّر “مركز ألما للأبحاث” الإسرائيلي عام 2021 أن حزب الله يمتلك ما يزيد على 2000 من الطائرات المسيّرة المتعددة المهام. وفقا للتقرير، كان حزب الله يمتلك 200 مسيّرة عام 2013، وبمساعدة من إيران زاد حزب الله من أسطوله بشكل كبير، سواء عبر استخدام مسيّرات إيرانية مباشرة، أو إطلاق نسخ جديدة مستوحاة منها، أو تطوير التكنولوجيا الخاصة بالمسيّرات داخليا.

في تقرير بعنوان “النار والدم: الواقع المخيف الذي تواجهه إسرائيل في حرب مع حزب الله”، أصدرته جامعة “رايخمان” الإسرائيلية في وقت مبكر من العام الحالي، توقع المحللون أن تستمر الضربات الصاروخية من حزب الله (وحلفائه) بمعدلات تتراوح بين 2500 و3000 صاروخ وقذيفة يوميا لأسابيع متتالية، بما في ذلك الصواريخ الأقل دقة والصواريخ الدقيقة البعيدة المدى والمسيّرات، مستهدفة المواقع العسكرية الإسرائيلية، فضلا عن المدن ذات الكثافة السكانية العالية في وسط البلاد، وهو ما قد يمثل تهديدًا كبيرا.

البحث عن سلاح مناسب

دمج الصواريخ بالمسيّرات هو مثال لكيفية استثمار القوى الأضعف من حيث العتاد في أسلحة توفر لها ميزات إستراتيجية في الحرب الهجينة، ويجري ذلك على أشياء أخرى مثل الاستثمار في القذائف المضادة للدبابات.

أطلق حزب الله في حرب لبنان عام 2006 أكثر من 1000 صاروخ مضاد للدبابات، وبسبب ذلك أصيبت العديد من الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية بأعطاب مختلفة. أسس ذلك لمرحلة جديدة من أشكال الصراع مع الدبابات في هذه المنطقة، ضد دولة الاحتلال التي تفوقت بشكل أساسي في معارك الدبابات.

كان هذا هو الكورنيت، الصاروخ الروسيّ الموجه والمخصص للاستخدام ضد دبابات القتال الرئيسية الأثقل في ترسانة الحرب البرية المزودة بدروع تفاعلية متفجرة، هذه الإستراتيجية طورتها فيما بعد كتائب القسام بتطوير “الياسين 105” المحلي الصنع، الذي أوقف عددا كبيرا من آليات الاحتلال عن العمل، وقتل أو أصاب من كانوا داخل تلك الآليات.

(الجزيرة)

ويستخدم حزب الله حاليا أيضا نظام صواريخ موجَّهة مضادة للدبابات، يُسمى “ثار الله”، صُمِّم للتغلب على نظام الحماية النشط الذي تستخدمه دبابات ميركافا خصوصا، كما أفادت العديد من منافذ الأخبار في أواخر يناير/كانون الثاني 2024 أن حزب الله استخدم صاروخ “كورنيت-إي إم” الأكثر تقدُّما لمهاجمة قاعدة مراقبة جوية إسرائيلية، وهو ما يُعد زيادة كبيرة في مدى الصواريخ المضادة للدبابات وقوتها التدميرية.

نعرف كذلك أن أجهزة الاستخبارات الأميركية أعلنت قبل عدة أشهر أن روسيا تنوي إرسال نظام دفاع جوي متقدم سمي “أس أيه- 22” بشكل غير مباشر إلى حزب الله، وهو نظام دفاع جوي مضاد للطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات وصواريخ كروز والمسيّرات يمكنه العمل بشكل مستقل أو ضمن بطارية تصل إلى ست مركبات إطلاق.

وباستخدام رادار مخصص، يستطيع نظام أس أيه- 22 تتبع ما يصل إلى 20 هدفًا تكتيكيًّا في آن واحد على مدى يتراوح بين 32 و36 كيلومترًا، وقد تم تجهيزه بما يصل إلى اثني عشر صاروخًا من طراز 57 أيه 6 بتوجيه لاسلكي ورأس حربي متشظٍّ، ومدفعين من فئة 30 ملم 2 أيه 38 أم؛ مما يسمح له بالاشتباك مع ما يصل إلى أربعة أهداف في وقت واحد.

يعد “أس أيه 22″ نسخة أحدث من سابقيه مثل “أس أيه-8″ و”أس أيه-17″ اللذين يمتلكهما حزب الله بالفعل، وهي قدرات لا تمتلكها عادة الجهات غير النظامية، مصحوبةً بفرق من الجنود المدربة على التعامل معها وتشغيلها.

وبحسب مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، من المرجح أن تجبر الدفاعات الجوية لحزب الله الطائرات الإسرائيلية على التحليق على ارتفاعات أعلى؛ مما يقلل من قدرتها على ضرب الأهداف على الأرض بدقة، وسيُعد إسقاط حزب الله مقاتلة إسرائيلية مأهولة بنجاح حدثا إستراتيجيا مُهما لا يمكن استبعاد وقوعه خاصة في سياق تكثيف الضربات على جنوبي لبنان.

وفي النهاية، تتمتع إسرائيل بتفوق جوي كبير حتى في وجود منظومات حزب الله الدفاعية، لكن هذه الدفاعات النشطة سوف تؤخر انتشار قوات جيش الاحتلال بريا، وهو ما يترك الفرصة للجنود على الأرض لمقاومة الهجوم الإسرائيلي، سواء عبر استهداف الدبابات بالأسلحة المضادة للدبابات، أو في معارك مباشرة بين فرق الجنود.

شاركها.
Exit mobile version