|

تتكرر الوصفة الأميركية في التعامل مع ما توصف بالفظائع التي يرتكبها حلفاؤها مهما اختلفت الحالات، بدءا بالتبرير والإنكار وانتهاء بإعادة صياغة الرواية لصالحهم، بحسب موقع ذا كونفرسيشن، الذي تأسس عام 2011 في أستراليا وأطلق لاحقا نسخا منه في عدة دول بينها بريطانيا والولايات المتحدة.

وناقش الباحثان في قضايا الإبادة الجماعية جيف باكمان وإستر بريتو رويز، في مقالهما المشترك، كيف طوّرت الولايات المتحدة مجموعة من الأساليب الخطابية الممنهجة للتقليل من شأن الفظائع التي يرتكبها حلفاؤها، وتبرير استمرار دعمها السياسي والعسكري لهم حتى عندما تكون الانتهاكات موثقة وعلنية.

وتتبع الباحثان -وهما أستاذان في كلية الدراسات الدولية المتقدمة التابعة للجامعة الأميركية بالعاصمة واشنطن- حالات بارزة بينها دعم إندونيسيا في تعاملها مع تيمور الشرقية (1975-1999)، ودعم غواتيمالا خلال الإبادة الجماعية في أوائل الثمانينيات، والدعم غير المشروط لإسرائيل في حربها على قطاع غزة (منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023).

ورصد الباحثان 6 إستراتيجيات خطابية أساسية استخدمها المسؤولون الأميركيون علنا للنأي ببلدهم عن “الفظائع التي يرتكبها أولئك الذين يتلقون دعمه”، أورداها على الشكل التالي:

التظاهر بالجهل

يقول الباحثان إن المسؤولين الأميركيين عندما ينفون علمهم بالفظائع التي ترتكبها أطراف تتلقى دعما من الولايات المتحدة، فإنهم بذلك فقط “يتظاهرون بالجهل”.

التشويش على الحقائق

وعندما لا يمكن تجاهل الأدلة على الفظائع، يلجأ المسؤولون الأميركيون إلى التشويش على الحقائق، بحسب الباحثيْن.

الإنكار

وأضاف الباحثان أنه مع تزايد الأدلة على الفظائع وعلى هوية مرتكبيها، غالبا ما يلجأ المسؤولون الأميركيون إلى الإنكار. ورغم إقرارهم بأن بلادهم تقدم المساعدات للدول المتهمة بتنفيذ تلك الجرائم، فإنهم يجادلون بأنها لم تُستخدم مباشرة في ارتكاب تلك الأفعال.

التشتيت

وتابع الباحثان في مقالهما أنه عندما تصل التحقيقات العلنية بشأن الدعم الأميركي إلى مستوى يصعب تجاهله، يستخدم المسؤولون الأميركيون إجراءات شكلية أو مؤقتة تقوم على “الإلهاء وتشتيت الانتباه”.

وليس الهدف من ذلك تغيير سلوك الطرف المتورط المستفيد من الدعم الأميركي، بل هو حيلة سياسية الغرض منها تهدئة منتقديها.

التضخيم الإيجابي

وزاد باكمان ورويز أنه عندما تكون الفظائع التي يرتكبها المستفيدون من الدعم الأميركي ظاهرة للعيان، يستخدم المسؤولون الأميركيون إستراتيجية التضخيم لمدح القادة الحلفاء وتصويرهم على أنهم جديرون بالمساعدة.

ويرى الباحثان في مقالهما أن هذا التضخيم لا يرفع مكانة القادة أخلاقيا فحسب، بل يبرر أيضا العنف الذي يمارسونه.

باكمان ورويز قالا إنه عندما تكون الفظائع التي يرتكبها المستفيدون من الدعم الأميركي ظاهرة للعيان، يستخدم المسؤولون الأميركيون إستراتيجية التضخيم لمدح القادة الحلفاء وتصويرهم على أنهم جديرون بالمساعدة

الدبلوماسية الهادئة

وقال الباحثان في مقالهما إنه كثيرا ما يدّعي المسؤولون الأميركيون أنهم ينتهجون “دبلوماسية هادئة”، أي العمل خلف الكواليس لكبح سلوك المستفيدين من دعم الولايات المتحدة لهم.

ويشير التقرير إلى أن هذه الأساليب ليست مجرد أدوات دعائية، بل تشكل جزءا من سياسة متكاملة تمكّن واشنطن من الحفاظ على تحالفاتها ومصالحها، مع تجنّب المحاسبة الدولية أو الداخلية.

ويخلص المقال إلى أن استمرار هذه الرواية المضللة يعتمد على عاملين حاسمين، هما لغة الخطاب الأميركي الرسمية التي تعيد صياغة الحقائق، وقابلية الرأي العام -المحلي والعالمي- لتصديق هذه اللغة أو تجاهلها.

يشار إلى أن موقع “ذا كونفيرسيشن” انطلق في ملبورن بأستراليا في مارس/آذار 2011.

وقد انطلقت النسخة البريطانية في مايو/أيار 2013، تلتها نسخ في الولايات المتحدة الأميركية (2014) وجنوب أفريقيا وفرنسا (2015)، وكندا وإندونيسيا ونيوزيلندا (2017) وإسبانيا (2018) والبرازيل (2023).

شاركها.
Exit mobile version