القدس المحتلة- في تمام الساعة الثانية عشرة بعد منتصف ليلة الأحد اقتحم جيش الاحتلال وقواته الخاصة ووحدة مستعربين (جنود متنكرون بزي مدني) بلدة أبوديس شرقي مدينة القدس، وبانسحابهم في تمام الساعة السادسة والنصف صباحا، كان قد ارتقى 3 شهداء أحدهم مطارد منذ مطلع أغسطس/آب الماضي.

ووفقا لرئيس بلدية أبو ديس عبد السلام عياد، فإن الرواية المؤكدة تشير إلى بدء الاشتباك مع المطارد نبيل حلبية في تمام الساعة الثانية إلا ربع فجرا بعد محاصرته في أحد منازل البلدة.

وأضاف في حديثه للجزيرة أن القوات كانت إما تطارده قبل هذه الساعة من مكان إلى آخر حتى استقر في ذلك المنزل، أو أنها كانت تبحث عنه في مواقع أخرى في البلدة حتى تأكدت من وجوده في المنزل الذي اشتبك معهم من داخله حتى الساعة السادسة والنصف صباحا.

وقال إن القوات قصفت المنزل الذي اغتيل بداخله نبيل بقذيفتي “أنيرجا” بالإضافة لاستخدام أنواع مختلفة من الرصاص تجاه المنزل الواقع في شارع المدارس بالبلدة، وهو الأمر الذي أشعل المواجهات فيها وأدى لإصابة عدد من الشبان ارتقى اثنان منهم حتى الآن.

“أبو ديس حزينة جدا على فراق ثلة من أبنائها فجرا (…) هذا هو الحال في أبو ديس وكافة المحافظات على تساقط الشهداء يوميا منذ بدء هذه الحرب”.

3 شهداء و18 إصابة

مدير مركز طوارئ أبو ديس عبد الله أبو هلال أوضح للجزيرة نت تفاصيل هذه الليلة الدامية قائلاً إن أول إصابتين بالرصاص الحي وصلتا إلى المركز في تمام الساعة الثالثة فجرا، إحداهما بالوجه والأخرى بالفخذ، وبعيد انسحاب الجيش وصلت إلى المركز 13 إصابة بالرصاص الحي، اثنتان منها في منطقة الصدر من جهة القلب.

“أحدهما وصلنا بعد مفارقته للحياة والآخر حوّلناه بشكل عاجل إلى مستشفى بيت جالا الحكومي وهناك أعلن عن استشهاده، كما تم تحويل 7 إصابات أخرى إلى المستشفيات 3 منها بحالة خطيرة” أردف أبو هلال.

وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، استشهاد موسى ضياء زعرور (22 عاما) ومهند أحمد عفانة (20 عاما) في حصيلة العدوان على بلدة أبو ديس.

وقال أبو هلال إن الطواقم في مركز الطوارئ ناشدت كافة الأطباء والممرضين في البلدة للوصول إلى المركز ذي الإمكانيات المحدودة من أجل المساعدة في استقبال الإصابات والتعامل معها، موضحا أن الإصابات “جميعها باستهداف مباشر في البطن والصدر والشريان الرئيسي في الفخذ وجميعها مميتة”.

مطاردة فاغتيال

عن تفاصيل هذه الليلة، قال مدير المركز إن القوات المقتحمة للبلدة طالبت الشهيد نبيل حلبية عبر مكبرات الصوت بتسليم نفسه، ثم اتجهت إلى البنايات المجاورة للمنزل الموجود فيه فاقتحمتها ونشرت فرق القناصة على أسطحها.

وأضاف أبو هلال “بعد التأكد من استشهاده حضرت جرافة عسكرية وهدمت أجزاء من المنزل قبل أن يسحب جثمانه ويوضع في صندوق الجرافة.. واستفز إقدام بعض الجنود على التقاط صور “سيلفي” مع جثمان الشهيد مشاعر الشبان، فلم يتمالكوا أنفسهم واتجهوا إلى المنطقة وبدأ الجيش باستهدافهم بالرصاص الحي بشكل عشوائي، وهو الأمر الذي أدى إلى وقوع عدد كبير من الإصابات”.

ومنذ بدء عملية مطاردة نبيل حلبية قبل أشهر، امتنعت سلطات الاحتلال عن منح أي شخص من عائلة حلبية تصريح عمل أو حتى تصريحا مَرَضيا للعلاج داخل أراضي 48، في محاولة للضغط عليه لتسليم نفسه، وهو الأمر الذي رفضه هذا الشاب وفقا لعبد الله أبو هلال، وبالتالي كان أهالي البلدة على موعد مع اقتحامها من مرتين إلى 3 مرات أسبوعيا بحثا عنه.

خالد حلبية، وهو شقيق الشهيد، قال للجزيرة نت إن نبيل ولد يوم 21 يونيو/حزيران من عام 1998 لأب فلسطيني وأم أوكرانية، وإن شقيقه الأكبر هو الجريح آدم حلبية الذي اعتقل عام 2014 بعد إصابته بالرصاص وإطلاق الكلاب البوليسية نحوه.

وأضاف أن الشهيد هو أسير سابق قضى 4 سنوات رهن الاعتقال الإداري (بلا تهمة أو محاكمة)، بالإضافة لاعتقالات متفرقة، وأنه تحرر يوم الثالث من شهر يوليو/تموز الماضي وبعد أقل من شهر على اعتقاله بدأت مطاردته ومطالبته بتسليم نفسه وهو الأمر الذي رفضه.

التحق نبيل بجامعة القدس، في نفس بلدته، ليدرس الشريعة الإسلامية لكنه لم يتخرج منها بسبب الاعتقالات المتكررة وفقا لشقيقه، كما أنه لم يحظ بحياة هادئة مع والده الذي كان يعمل في الإمارات العربية المتحدة وقرر العودة إلى فلسطين والاستقرار بها في الفترة ذاتها التي تحرر بها نبيل.

احتجاز الجثمان

وعن احتجاز جثمان الشهيد، قال خالد إن الجانب الإسرائيلي لم يتواصل مع العائلة حتى الآن وكذلك المؤسسات القانونية والحقوقية.

يذكر أن بلدة أبو ديس من أبرز بلدات القدس إلا أنها معزولة عنها بجدار الفصل الإسرائيلي، كما أن مساحة أراضيها تقدر بنحو 38 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، لكن سلطات الاحتلال صادرت منها 34 ألف دونم، وفقا لرئيس البلدية عبد السلام عياد.

وأضاف أن الاحتلال حصر السكان الذين يبلغ عددهم 25 ألف نسمة في مساحة لا تتجاوز 4 آلاف دونم، وزرع بين منازلهم معسكرا للجيش، ثم ضاعف معاناتهم بتطويقهم بالجدار الذي خنق البلدة، وجعل سكانها ينتفضون ضد الظلم.

ومنذ اندلاع الحرب على غزة يوم السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشتعل المواجهات في هذه البلدة وسائر بلدات القدس بشكل شبه يومي.

شاركها.
Exit mobile version