الخرطوم- خيارات تكاد تكون صفرية تلك التي يواجهها “خ د” وعدد من سكان مدينة ود مدني، في ظل حصار محكم من قوات الدعم السريع على المدينة، التي تفرض شروطها بتوفير الغذاء والأمن مقابل الانتماء.

ويقول “خ د”، وهو ناشط في مبادرة لتوفير الخدمات للمواطنين في ود مدني، للجزيرة نت إن “قوات الدعم السريع تحاول -تحت غطاء الخدمات- تجنيد المواطنين، وتكوين لجان في الأحياء لتوفير الغذاء والدواء والحماية، ومنح الشباب بطاقات انتماء للدعم السريع لتسهيل الحركة، على حد قولهم”.

وأضاف “أنا لا أريدُ الانتماء للدعم السريع، لكن هناك سلاحا مصوبا على رأسي، لا أستطيع أن أقول لهم: أريد الانتماء للجيش”.

خيارات صفرية

وفي ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية وغياب الجيش، منذ سقوط المدينة بيد الدعم السريع في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يعيش مواطنو ولاية الجزيرة تحت سلطة الأمر الواقع. وفي حديثه للجزيرة نت، يشير “خ د” إلى أن قوات الدعم السريع لا تسمح لهم بالخروج من المدينة، ويلجأ الناس للتسلل سيرا على أقدامهم ليلا.

وتابع في شهادته أن “الحصار محكم من الدعم السريع على سكان المدينة، وتطلب منا هذه القوات أن نناشد سكان مدني العودة، والقول إن المدينة آمنة، هو حصار مقابل مناشدة الأهالي بالعودة، ولكن لا نستطيع أن ندعو أحدا للعودة، فالأوضاع غير آمنة”.

وأضاف أنه “لا يوجد نظام صحي، نحتاج إلى كوادر طبية وإلى الدواء، أما بعض المؤسسات الصحية، فقد عادت للعمل جزئيا بمجهود ومبادرات شبابية”.

وقال أيضا إن الدعم السريع يعرض الانتماء له بشكل غير مباشر، ويوزع بطاقات يخاطب فيها الشباب بقوله: “بلدكم دي امسكوها، نحن ماشين”، ووفقا لشهود عيان تحدثوا للجزيرة نت، فقد عرضت قوات الدعم السريع على مواطنين في قرى جنوب الجزيرة تسليحهم، للتصدي لما يصفونها بـ”التفلتات الأمنية” ومواجهتها.

وعقب سقوط مدينة ود مدني، لجأ عدد من أعيان ونُظار قبائل في قرى ولاية الجزيرة لتكوين لجان خدمات وحماية، وأخذ تعهدات من الدعم السريع بعدم المساس بأمن المواطنين، إلا أن قوات الدعم السريع لم تفِ بالتزاماتها تجاه عدد من القرى، وواصلت أعمال النهب تحت تهديد السلاح، وهو ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين.

نازحون من ود مدني التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع (مواقع التواصل)

مركز تجنيد

في هذه الأثناء، قالت مصادر محلية في مدينة الحصاصيا للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع تتخذ من محكمة الأسرة والطفل مقرا لها، وتقوم بالتجنيد بأسلوب مباشر لكنه ليس إجباريا، حيث تقوم بتسجيل الشباب للالتحاق بالدعم السريع بوصفهم مستنفرين.

وأوضحت المصادر أن “ما يتم في الحصاصيا مثلهُ مثل استنفار الجيش، يتوجه بعض الشباب إلى مركز الدعم السريع، ولكن تختلف دوافعهم، بعضهم يبحث عن حفظ الأمن فيلجؤون للتسليح عن طريق الدعم السريع، باعتبار أنها القوة الوحيدة التي يمكن أن تؤمن لهم السلاح، فتقوم قوات الدعم السريع بتسجيلهم وتوزيع بعضهم في لجان الأحياء”.

وحسب المصادر، فإن هناك “آخرين ينضمون للدعم السريع بغرض السرقة والنهب، وهؤلاء عادة يتجه بهم الدعم السريع لمناطق الاشتباك”، مشيرة إلى أنه لا يوجد نمط معين للتجنيد، وكل من ذهب للانضمام للدعم السريع يتم قبولهم كمستنفرين.

في المقابل، نفى المستشار السياسي لقائد الدعم السريع عزت الماهري -للجزيرة نت- فتح أيّ معسكر للتجنيد في ولاية الجزيرة، وأضاف “عادة هنالك انضمام للدعم السريع في كل مناطق سيطرته، وربما قدّم شباب للانضمام”.

أسلوب قديم

من جهتها، نددت وزارة الخارجية السودانية -في بيان لها- بالحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على عدد من القرى في ولاية الجزيرة، وقالت “إن ذلك بغرض إجبار الشباب على التجنيد في صفوفها، أو اجتياح تلك القرى وتعريض سكانها للانتهاكات، ونهب ممتلكاتهم وقتل كل من يقاوم ذلك”.

أما خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الإستراتيجية اللواء أمين مجذوب، فلفت إلى أن “الدعم السريع يقوم بتجنيد الشباب في الخرطوم ودارفور والجزيرة، بسبب نقصان أعداد المقاتلين في صفوفهم، ويُعد تجنيدهم للشباب أحد الأساليب المستخدمة منذ بدء الحرب في أبريل/نيسان 2023”.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال مجذوب “في ولاية الجزيرة، ارتبط الأمر بالحماية وعدم اجتياح القرى، وهذا نوع من التخدير للشباب حتى يتم تجنيدهم لصالح الدعم السريع، وتتم الإجراءات حسب مخطط هذه القوات”، على حد قوله.

شاركها.
Exit mobile version